متابعة – سلام ناصر   إذا ما تتبعنا يوماً بيوم الدراسات والأبحاث الصادرة عن مراكز الأبحاث العلمية، وما خلصت إليه من نتائج لجهة الأضرار البيئية والصحية الناجمة عن أنماط استهلاكنا الحديثة، نجد أن حضارتنا الإنسانية ستكون أمام خيار العودة إلى الطبيعة كي تبقى في منأى عن الهلاك والاندثار. لقد فرضت الحياة العصرية على الإنسان أن يكون خاضعا لقوانين السوق في أنظمة اقتصادية متفلتة من معايير إنسانية وأخلاقية، تُـــــغلِّب ثقافة الاستهلاك، حتى أننا غدونا أسرى هذه الثقافة وما فرضت علينا من منتجات يمكن الاستغناء عن الكثير منها، وهي تتحول إلى مخلفات خطيرة تؤثر على الحياة البرية والبحرية، وتزيد بالتالي من حجم النفايات، فضلا عن أنها تساهم أكثر فأكثر في استنزاف موارد الأرض.

دراسة جديدة   والجديد في هذا المجال ما أظهرته دراسة نشرت قبل يومين في الولايات المتحدة الأميركية، لجهة أن مستحضرات الوقاية من الشمس والكثير من مستحضرات التجميل الاخرى تحوي مادة كيميائية تهدد الشعب المرجانية التي تتأثر بالأساس بالاحترار المناخي. وبحسب الدراسة، تستخدم مادة “اوكسيبنزون” او “بي بي-3” في اكثر من 3500 مستحضر للوقاية من الشمس في العالم، بسبب قدرته على امتصاص الاشعة ما فوق البنفسجية. لكن عندما تتحلل هذه المادة في المياه عند استحمام الاشخاص الذين يستخدمونها في البحر او بسبب المياه المبتذلة على الساحل، فهي تلوث المرجان على ما أوضح الباحثون الذين نشرت دراستهم في المجلة الاميركية “اركايفز اوف إنفيرمنتال كونتامينيشن اند توكسيكولوجي”. وتظهر هذه الدراسة أن تعرض يرقات المرجان المسماة “بلانولا” لهذه المادة يؤدي إلى اصابتها بتشوهات كثيرة، وإلى ضرر في حمضها الريبي النووي (دي ان ايه) واضطرابات في افرازات غددها. ويؤدي ذلك إلى تقوقع المرجان داخل هيكله ما يؤدي إلى نفوقه. وقد لوحظت هذه التأثيرات مع مستويات مختلفة من هذه المادة الكيميائية. واجري البحث على المرجان في هاواي وجزر فيرجين الاميركية. لكن الدراسة أشارت إلى أن حوالى 14 الف طن من المستحضرات الواقية من الشمس تجد طريقها سنوياً إلى مياه تتواجد فيها شعب مرجانية في العالم مع محتوى من مادة “اوكسيبنزون” يراوح بين 1 و10 بالمئة.   التلوث الكيميائي   وأظهر قياس هذه المادة في مياه الشعب المرجانية في هاواي وجزر فيرجين الاميركية أن تركزاته تتراوح بين 800 جزء من البليون الى 1.4 جزء من البليون على ما أوضحت الدراسة التي اجراها علماء من فيرجيينا وفلوريدا والحوض المائي الوطني في بالتيمور والوكالة الاميركية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا). وهذه التركزات أكثر بـ 12 مرة من الحد الادنى المؤدي إلى التأثير على المرجان على ما أوضح العلماء. وأتى نشر هذه الدراسة بعد اسبوعين على اصدار وكالة “نوا” لتقرير يشير إلى وجود ابيضاض للمرجان هو الثالث في العالم من حيث الانتشار. وهذه الظاهرة التي بدأت العام 2014 تنتشر بسبب تأثير الاحترار المناخي وعودة تيار “ايل نينيو” الساخن في المحيط الهادئ. ويؤدي التلوث الكيميائي مثل ذلك الناجم عن “اوكسيبنزون” إلى تراجع قدرة المرجان على مقاومة الابيضاض وعلى إعادة تشكيل نفسها. وتغطي الشعاب المرجانية اقل من 1 في المئة من أعماق المحيطات، إلا أنها تشكل موطناً طبيعياً لحوالى 25 في المئة من انواع السمك.   المصادر: صحيفة “الحياة” اللندنية + “الغارديان” + “التايمز” + وكالات

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This