هل تعرض السيدان فادي عبود والياس أبو صعب لعملية غش من قبل المورِّد للمحرقة -الفضيحة؟ هذه المحرقة، التي ترمي مباشرة في الهواء الجوي كل أنواع ملوِّثاتها المرعبة، من جزيئات صغيرة ومتناهية الصغر، وهي من أخطر الملوثات على الصحة البشرية، ومصنفة نفايات خطرة، وفق اتفاقية “بازل” بشأن النفايات الخطرة وغيرها من النفايات، ومن غازات ناتجة عن الاحتراق، من أكاسيد الكبريت والنيتروجين وثاني أوكسيد الكربون، ومن أبخرة وجزيئات المعادن الثقيلة ومركباتها غير العضوية من أكاسيد وأملاح، ومن غازات حمضية وأخرى قلوية، ومركبات عضوية متعددة الحلقات عالية الاستقرار والثبات والسمية البيئية والسمية البشرية، بالإضافة إلى ما يثير أكبر القلق على المستوى العالمي من ملوثات المحارق، وأعني بها مركبات الديوكسين والفوران ومركبات البروم والفليور العضوية، وبعضها مواد تمت إضافتها إلى لائحة الملوثات العضوية الثابتة مؤخرا في مؤتمر اتفاقية “ستوكهولم” الأخير 2015، وقد اقرت لجنتها العلمية إضافة مجموعة أخرى من هذه المواد في اجتماعها الأخير الشهر الماضي. وتعتبر هذه الملوثات الأعلى سمية والأكثر خطورة من كل الملوثات الكيميائية على الإطلاق، فهي مواد مسببة للسرطان ولو بتراكيز متناهية الصغر، أي من نظام البيكوغرام في المتر المكعب (البيكوغرام هو 10−12 من الغرام). ونظن أنهما تعرضا لهذه العملية الخطيرة من الغش، حيث أقنعوهما بـ”معلومات” عن المحرقة لا تمت إلى العلم بأية صلة، مما دفعهما لطرح مقولات مثيرة للدهشة والاستغراب في الإعلام، من نوع أن لا “رماد متطاير” Fly Ash يخرج من المدخنة، أو من نوع أن الجزيئات، التي تقذف في الهواء الجوي هي “معقمة” أو “خاملة” ولا تشكل أي خطورة على الصحة البشرية. أو أن درجات الحرارة العالية، 1250 درجة مئوية في غرفة الاحتراق الثانية، كفيلة بتدمير كل شيء، وإحالة المواد إلى “لا شيء”، وهذا هراء من الناحية العلمية. أو دفعهم للتأكيد “بثقة كبيرة”، أنه لا تنبعث من المدخنة مركبات الديوكسين والفوران عالية السمية والخطورة، لمجرد القول أن درجة الحرارة في غرفة الاحتراق هي أعلى من درجة تكوُّن الديوكسين، وأخفوا عليهم الحقيقة العلمية، التي لا شك أن الخبراء الإنكليز يعرفوها جيدا، وهي أن الديوكسين يتكون في المدخنة وقبل انطلاق الانبعاثات في الجو بمجرد أن تدخل حرارة هذه الغازات في مجال درجات الحرارة لتكوُّن الديوكسين، أي من 640 درجة مئوية حتى 220 درجة مئوية. ونحن نربأ بسيدين محترمين من رجالات السياسة والصناعة عندنا أن ينزلقا إلى هذا المستوى من الهراء في حديثهما عن المحرقة، وعلى وسائل الإعلام. وهنا نلفت انتباه السيد فادي عبود أننا جاهزون لتزويده بكل التقارير العلمية عن التلوث الناتج عن المحارق ومخاطره على الصحة البشرية، وبعضها صادر من بريطانيا نفسها. وننصحه الدخول إلى “غوغل” حيث يجد هناك كمَّا هائلا من المعلومات عن هذا الموضوع، ويكفي أن يضع كلمة مفتاح “حرق” incineration، و”ديوكسين” Dioxins، ليرى بعينه أين وكيف يتكون الديوكسين الجديد Novo dioxins synthesis. إن المصنِّع نفسه، وعلى موقعه التسويقي على الإنترنيت inciner8.com، يعرض ثلاثة مستويات من تجهيزات مكافحة التلوث، الذي تسبِّبُه المحرقة. المستوى الأول، تجهيزات لمكافحة أساسية للتلوث ، والمستوى الثاني، تجهيزات لمكافحة متقدمة للتلوث، والمستوى الثالث، تجهيزات نظام لمكافحة التلوث واسع نطاق. إذن المصنِّع نفسه، يعرف جيدا أن محرقته تسبب تلوثا خطيرا على البيئة والصحة البشرية، وهو قد صنَّع تجهيزات لمكافحة هذا التلوث على مستويات ثلاثة: أساسي، متقدم وعلى نطاق واسع. أين السيد فادي عبود من هذه المعلومات؟ فإذا كان لا يعرفها، فهذا يعني أنه تعرَّض لعملية غش موصوفة من قبل المورِّد، ونحن نأمل أن تكون الأمور هكذا. وإذا كان يعرف، وهذا ما لا نتمناه، فهذا يعني أنه يقع في مجال المساءلة القانونية على ما يقترف حيال أهالي “ضهور الشوير” والمنطقة برمتها ولبنان بأسره من تلويث خطير وتهديد أكثر خطورة لصحة البشر. المروِّجون لهذه المحرقة، والمورِّدون، والمشترون، وأصحاب حصرية الاستيراد، عليهم أن يعرفوا جميعا أن لبنان ليس “مزرعة موز”، أو جمهور من “الجهلة”، يمكن تمرير هذه الأكاذيب على شعبه، إن بحسن أو سوء نية، لا فرق. عليهم أن يدركوا، أن في لبنان خبراء على مستوى وطني وإقليمي وعالمي في مجال الحماية البيئية من كل المخاطر، ولا سيما منها “محارق” النفايات، التي تهتم بها معظم الاتفاقيات والبرامج الدولية لحماية البيئة والصحة البشرية من مخاطر التلوث بكل أنواعه، وفي مقدمتها التلوث الكيميائي عالي الخطورة وشديد الخبث.