أثار الاجتماع التحضيري الأخير قبل مؤتمر باريس للمناخ COP21، الكثير من القلق حيال ارتفاع درجات الأرض، وهذا ما عبر عنه وزير الخارحية الفرنسي لوران فابيوس الذي أقر بأن “الكيلومتر الأخير ما يزال صعبا”، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من انعقاد المؤتمر بين 30 تشرين الثاني (نوفمبر) و11 كانون الأول (ديسمبر)، لا سيما وأن الاجتماع تزامن مع صدور تقارير علمية صادمة حول تغير المناخ، حذر بعضها من تعرض بعض المدن الكبرى للغرق على المدى الطويل، إضافة إلى ازدياد أعداد الفقراء في العام، وهذا ما أكده “البنك الدولي” يوم الاثنين في العاشر من الشهر الجاري، لجهة أن 100 مليون شخص إضافي حول العالم يمكن أن يصبحوا تحت خط الفقر بحلول العام 2030، إذا لم تتخذ إجراءات لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري. وترافق الاجتماع الذي اختتم أعماله في باريس الثلاثاء، بمشاركة نحو ثلاثين وزيرا بهدف تسريع وتيرة المفاوضات، مع تقارير عالمية حذرت من أن غازات الاحتباس الحراري التي تناولها “بروتوكول كيوتو”، زادت بنسبة 80 بالمئة منذ عام 1970 و30 بالمئة منذ عام 1990، وذلك يعني زيادة في درجات الحرارة تتراوح بين 3.7 درجة مئوية و4.8 درجة مئوية في العام 2100، ولذلك ثمة جهود تبذل من أجل ألا ترتفع الحرارة أكثر من درجتين مئويتين مع نهاية القرن الحالي، إذ لا بد من أن تقل الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 40 و 70 بالمئة عام 2050، بالمقارنة مع مستوياتها في 2010، فهل سيتمكن مؤتمر باريس من وضع معايير وقوانين ملزمة للوصول إلى هذا الهدف؟ وبالتوازي، حذر تقرير لـ “المنظمة العالمية للارصاد الجوية” التابعة للامم المتحدة من أن كثافة الغازات المسببة لغازات الدفيئة سجلت رقما قياسيا جديدا في العام الماضي (2014). واشار التقرير الذي لا يقيس كميات انبعاثات الغازات، بل مدى كثافتها في الجو، إلى أن ثاني أوكسيد الكربون ارتفع الى 397,9 جزيئة بالمليون في الجو خلال العام الماضي، وقد عبر ميشال جارو المدير العام للمنظمة من أنه في كل سنة نتحدث عن رقم قياسي جديد بالنسبة للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وفي إشارة لها دلالاتها، اعتبر جارو أنه لا يمكن ان نرى غاز ثاني أوكسيد الكربون، انه تهديد غير مرئي لكنه واقعي جدا”، وهذا يعني المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر والفيضانات وذوبان الجليد وارتفاع مستوى المحيطات وحموضتها. وتناول الاجتماع التحضيري موضوعات مختلفة، منها: المساواة والطموحات المنشودة والتدابير والتمويل المطلوب حتى عام 2020، فضلا عن الدعم المالي الذي ستقدمه دول الشمال إلى دول الجنوب لتنفيذ السياسات المناخية، وتحقيق الأهداف طويلة الأمد وتوزيع عبء مكافحة الاختلال المناخي بين الدول الصناعية والدول الناشئة والفقيرة، وزيادة جهود الحد من الغازات الدفيئة. إلا أن الصورة ما تزال قاتمة، وإن “زينتها” الدبلوماسية الفرنسية بـ “تمنيات” لم تبدد المخاوف الكبيرة، مع توالي تقارير ودراسات لا تنبىء بإمكانية تجاوزها بسهولة ودون اتفاق إطاري ملزم، ولا سيما منها دراسة نشرها مركز الابحاث “كلايمت سنترال” Climate Central، أكد فيها باحثون أميركيون أن مدنا كبرى مثل شنغهاي وبومباي وهونغ كونغ مهددة بسبب الخلل المناخي بالزوال جزئياً على الامد الطويل، بعد ان تغمرها المياه اذا لم يتوصل العالم الى الحد بدرجتين ارتفاع حرارة الارض. ومع ارتفاع الحرارة اكثر من درجتين، سيواصل مستوى مياه البحر في الارتفاع لتغمر المياه أراضٍ يقطنها اليوم 280 مليون شخص، واذا ما ارتفعت اكثر من أربع درجات فستشمل الظاهرة اكثر من 600 مليون شخص. وهذا بالضبط ما قصده فابيوس، في الإشارة إلى صعوبة الوصول إلى الكيلومتر الأخير، ملخصاً حجم التحديات في مؤتمر باريس.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This