للمرة الثانية خلال أسبوع، كتب الوزير السابق فادي عبود رداً جديداً على سلسلة المقالات والردود التي كتبها الدكتور ناجي قديح (الخبير والمستشار البيئي في موقعنا) حول محرقة ضهور الشوير. ويبدو أن هذا السجال سيستمر في ظاهرة صحية بين مدرستين متناقضتين في مجال معالجة النفايات: “الحرق” من جهة و”الادارة المتكاملة” من جهة ثانية، ولا ننفي انتماءنا للمدرسة الثانية، لكن في حدود لا تلغي الرأي الآخر رغم عدم اقتناعنا به، لأسباب كثيرة فصل بعضها الدكتور قديح، ونترك عرضها للمقاربات التي قدمها في سلسلة مقالاته والتي ستسمر تباعاً، طالماً ان الباب فتح واسعاً حول جدوى وامكانية تشغيل محارق صغيرة للنفايات في العديد من المناطق اللبنانية. رد عبود وجاء في رد الوزير عبود: “من جديد يفاجئنا الدكتور قديح باحتكاره للمعرفة البيئية وتصنيف الناس، بين من يدعون الهراء وبين الوطنيين الذين يعملون لخير الناس، ولعل من حسنات ما قاله انه توجه الى الاكاديميين والطلاب واصحاب الاختصاص والمجلس الوطني للبحوث العلمية، وهو ما نبتغيه حقيقة لتوسيع هذا النقاش الذي هو بالفعل موضوع جدلي كبير في كبريات الدول العالمية، ولكننا لن نترفع عن احد من دون ذلك، فالكل مدعو اليوم لتحكيم العقل والمنطق والواقع للخروج من ازمة اقل ما يقال فيها، انها مدمرة لبيئة لبنان وصحة مجتمعه واطفاله، وفي هذا السياق يهمنا الرد عبر النقاط التالية: 1-ان الاختلاف في الخيارات المتعلقة بإدارة النفايات موضوع حيوي وكما قلنا موضوع جدل في كل الدول بدون استثناء، اما الفرق انه لا يصار الى تخوين من يملك خياراً آخراً ومغايراً واتهامه بالسعي الى الربح والمادية، او بالاحتكار الذي سنأتي على ذكره تباعاً. 2-ان تشبيه من يعارض آلية التفكك الحراري ومن يؤيده كالمواجهة بين العلم من جهة وبين الادعاءات ووسائل الترويج والدعاية التي تعتمد اخفاء اجزاء هامة هي مقارنة منقوصة، فهل الدول التي اعتمدت على آليات التفكك الحراري انطلقت من مبدأ الترويج والدعاية، من اكثرية الاقتصادات الاوروبية الكبرى مثلاً؟ وهل بنظر الدكتور قديح هذه الدول لا تملك المصداقية اللازمة؟ 3-ان جزم الدكتور قديح بان كل المحارق وتقنيات التفكك الحراري تنتج سموما تقتل المجتمع هي نظرية باتت بائدة، نقضتها الدول التي اعتمدت هذه التقنيات، اما الاتهام بأن من يؤيد هذا الخيار يدرك عن سابق تصور وإصرار انه يهدد الصحة العامة فهو اتهام خطير يبت فيه القضاء والقضاء وحده. 4-نسأل الدكتور قديح اي بلد في العالم نجح في اعتماد الاستراتيجية البئية السليمة تطبيقاً كاملاً، فليحدد اي تجربة في العالم نجحت عبر هذه الاستراتيجية التي نحلم بها جميعاً من التخلص النهائي من كل النفايات، وليقل لنا في الوضع الحالي للبنان، كم نحتاج من السنوات للوصول الى هذه الاستراتيجية، ففي الوقت الذي يسعى البعض لوضع حلول قابلة للتطبيق، يصر البعض الآخر على ابقاء الوضع كما هو عليه عبر وضع حلول تعجيزية، والملفت للنظر ان الدكتور قديح لا يضع في الحسبان ايضا الثمن البيئي لتصنيع الوقود البديل حيث من المعروف ان احتراق الـ RDF ينتج عنه انبعاثات الديوكسين والفلوران، وخصوصا انه يُضاف اليه مادة الكلورين الكيميائية، واذا كان عندنا مفهوم بتشكيك الرقابة، فمن سيراقب آلية تصنيع الـ RDF وعملية احتراقها، كما ايضاً الثمن البيئي لبعض المعامل، مثل معامل تدوير الورق والتي بحسب الدراسات العالمية تلوث البيئة بمادة الكلورين وبالتالي بنشر الديوكسين، ان معالجة العوادم مباشرة بواسطة التفكك الحراري تقتل اللبنانيين اما تصنيعها الى RDF وزيادة مادة لاصقة وكلورين وحرقها فهو مقبول بيئياً، هذه قمة الهراء. للمزيد من المعلومات حول مخاطر انبعاثات الديوكسين والفلوران من الـ RDF : http://eeer.org/journal/view.php?number=583 5-ان المحرقة الفضيحة التي سماها كشفت فضيحة من نوع آخر، هو ان بعض خبرائنا البيئيين يحاكمون على النوايا، وهو يعلم جيدا ان المحرقة في فترة تجريبية للتأكد الكامل من الانبعاثات، وفحص الميكانيك هو الفحص الاول، اما الرماد فتم ارساله الى مختبرات بريطانية معترف بها دوليا لقياس مستوى الديوكسين، اما الاتهامات التي تبرأ منها فنعيد تذكيره بها على غرار “تعرضا لعملية غش…”، “ينزلقا الى هذا المستوى من الهراء…”، “يقع في مجال المساءلة القانونية على ما يقترف حيال اهل ضهور الشوير…”، وهذا اتهام خطير…”، تمرير هذه الاكاذيب…”، منصبا نفسه القاضي البيئي الاوحد الذي يطالب بمحاكمة الناس واحالتهم الى المساءلة القانونية، ناهيك عن الاتهام بالكذب والتضليل، والاتهام بالترويج وحصرية الاستيراد، وكأننا اصبحنا الوكيل الحصري لهذا النوع من التقنيات، علما ان هذه الشركات منتشرة حول العالم، ويمكن لاي كان الاطلاع والتعامل مع الشركات، كما ان المحارق منتشرة في لبنان، من المعامل الصناعية وصولاً الى المستشفيات وغيرها. 6-نشكر الدكتور قديح على اغناء قاموسنا اللغوي، علما انه فسر الماء بعد الجهد بالماء، وعنده الهراء يعني الكذب، والنتيجة واحدة، فالهراء هو ان تصف التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية حول الديوكسين وطريقة التخلص منه، والتقارير من المؤسسات الرسمية الاوروبية والاتحاد الاوروبي بعدم المصداقية، الهراء القول ان آلة التفكك الحراري ادخلت الى لبنان بطريقة غير شرعية، الهراء ان تتهم الناس بانها تحتاج الى اذن مسبق من وزارة البيئة، الهراء ان تتهم من ان احدهم يعمل بطريق تخالف القوانين المرعية الاجراء فيما نحرص على الالتزام الحرفي بالقانون، الهراء القول ان معاهدة استوكهولم منعت المحارق فيما المعاهدة تضع الشروط اللازمة لكل العمليات الصناعية بما فيها معامل اعادة التدوير وحرق الـ RDF، الهراء بان نقول ان فرنسا منعت المحارق وان بريطانيا تمنع انشاء المحارق، الهراء هو القول انه لا مختبرات مختصة لفحوصات متطورة فيما تطالبون بحرق الـ RDF، وهل يستحيل على المراجع المختصة في لبنان ارسال هذه العينات الى المختبرات المختصة خارج لبنان، او فرض على المختبرات ان تستورد كل التقنيات اللازمة، خصوصا ان هذا الموضوع، اي موضوع النفايات اصبح قصة حياة او موت بالنسبة للبنان. 7-ان التفكك الحراري في ضهور الشوير يهدف الى حرق العوادم بعد اعتماد الفرز وتدوير المواد القابلة للتدوير من زجاج وورق ومعادن وبلاستيك، وما تبقى يتم حرقه، ويطالعنا الدكتور قديح باتهام جديد هو احتواء الانبعاثات على المعادن الثقيلة من الزئبق والرصاص، والكاديوم والكروم والزنك، فهل يعرف الدكتور قديح ما سيتم حرقه ليتأكد من الانبعاثات، وما قام به هو لصق كافة الملوثات العالمية المعروفة بالتفكك الحراري في ضهور الشوير، علما ان التجربة ما زالت في مراحلها الاولية، وما فحص الميكانيك الذي وصفه القاضي البيئي بالمسرحية، ما هو الا اختبار اولي سيتبعه العديد من الاختبارات ومنها ارسال الرماد المتبقي الى المختبرات البريطانية لنؤكد خلوه من الديوكسين، فقبل التهكم واطلاق النكات، كان على الدكتور قديح التأكد من خطواتنا اللاحقة، علما انه تم الاتصال بكافة المختبرات العاملة للاستشارة وتبيان انواع الفحوصات، مما يؤكد انفتاحنا الكامل على جميع الخبراء، وما لقاء المدير البريطاني بالدكتور قديح شخصياً الا ايمانا منا بضرورة التشاور واطلاع كل الخبراء على ما نقوم به بشفافية مطلقة، ولكن نتعجب ان يقابلنا بعض الخبراء بالتهكم. 8-اما توصيف الفلترات المعتمدة عالمياً فهو عمل جيد ولكن فات الدكتور والخبير البيئي غب الطلب ان الفلترات ضرورية فقط لمن يحرق Hazardous waste اي المعادن الثقيلة، البطاريات وغيرها، اما اذا كنا نحرق عوادم النفايات المنزلية فكل المراجع العلمية تؤكد انه من ضمن المعايير المقبولة في اوروبا. اما بالنسبة للتبريد بعد الحرق وحتى من دون التبريد، ما زالت نسب الديوكسين اقل بكثير من المسموح به في اوروبا واقل من استعمالات الـ Bleach في حمامات منزل واحد، ناهيك عن مصانع تدوير وتبييض الورق وغيرها. 9-التحركات اليوم تصب في خانة العودة الى المكبات والمعروف من المستفيد منها والطريقة التي كانت هي الاحتكار بعينه، وكلف المواطنين اللبنانين الكثير من الاموال والمخاطر البيئية، فحبذا لو رأينا الاستشراس نفسه والاتهامات بالقتل العمد، حين كان يطمر كل شيء في مكب الناعمة وحتى السماد المسبّخ كان يعاد طمره، واين كان الاستشراس عينه لمحاربة المجزرة البيئية التي استمرت 18 عاماً”. اخيراً ، للمهتمين بالشأن البيئي والخبراء الاطلاع على التقارير التالية الواردة في المواقع معترف بها عالميا:
http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs225/en/
http://phys.org/news/2015-07-fingerprints-emissions-uk-municipal-incinerators.html#jCp
https://www.env.go.jp/en/recycle/smcs/attach/swmrt.pdf
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/17432330
http://www.dioxinfacts.org/sources_trends/the_way.html
http://www.etc.org/advanced-technologies/high-temperature-incineration.aspx