إفتتح قبل ظهر اليوم في فندق “فينيسيا” المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية “البيئة 2015″، بعنوان “الاستهلاك المستدام: من اجل ادارة أفضل للموارد في البلدان العربية”. وتمثل رئيس الحكومة تمام سلام في المؤتمر بوزير البيئة محمد المشنوق الذي ألقى كلمة قال فيها: “إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم اليوم في المؤتمر السنوي الثامن للمنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي تركز أعماله على نهج أساسي لتحقيق التنمية المستدامة عبر الاستهلاك والإنتاج المستدامين، وهو ما تم تأكيده في مؤتمر القمة العالمي “ريو +20″ عام 2012 باعتباره واحدا من الأهداف الثلاثة الشاملة للتنمية المستدامة. ولكنني آتي اليوم ونحن في اليوم الوطني للبيئة في لبنان، لا أحمل اليكم هموم البيئة، ولكن أقول، بكل صراحة، إن البيئة في لبنان ليست جيدة بل أن حالة البيئة عموما تقع تحت تأثيرات عديدة، بعضها يحلو لنا أن ننسبه الى أجوائنا السياسية والامنية، وبعضها الآخر الى ممارساتنا كمواطنين وأفراد في هذا الوطن العزيز على قلوبنا. ولكن يبدو أننا لا نعكس محبتنا للوطن على محبتنا للبيئة فيه. إن التدهور البيئي مكلف في لبنان وهو بقيمة 756 مليون دولار في السنة، وادى النزوح السوري الى لبنان الى زيادة هذا التراجع بما نسبته نحو 57 مليون دولار في السنة. ومثل هذه الامور ترتبط بموقف الدولة الذي ألخصه ربما بموضوعين صغيرين ولكنهما بضخامة واقع الوطن تحت سوء الواقع البيئي في لبنان”. واضاف: “لنكن واضحين إن موضوع النفايات الصلبة في لبنان بات أزمة على الصعيد الوطني تنقلنا فيها بحثا عن المطامر وينتهي الواقع اليوم بحثا عن البواخر للشحن الى الخارج بعدما عجز الوطن كله عن ايجاد مطمرين بينما الوطن كله يقبل ب 760 مكب عشوائي تؤدي الى هدر كبير في البيئة والى إساءة لمواردنا السطحية والجوفية. الصورة الاخرى للدولة اننا نبحث اليوم عن خطة طريق استراتيجية التنمية المستدامة، وتتولى وزارة البيئة أمانة السر للمجموعة المؤلفة من كل الوزارات والمؤسسات الجامعات والقوى الفاعلة في المجتمع لوضع هذه الاستراتيجية. لكننا لا نستطيع أن ننتظر لنصل الى هذه الاستراتيجية وعلينا أن نبدأ من احترام البيئة والمساعدة على ايجاد المطامر وألا نصل الى ما يسمى أبغض الحلال وهو الترحيل لأنه يشير الى أننا عاجزون فعلا في وطننا عن ايجاد حلول لمشاكلنا”. وتابع: “اليوم الوطني للبيئة ليس بخير ولدينا لائحة انجازات في وزارة البيئة ولكن لا يوجد فيها انجاز في موضوع معالجة النفايات الصلبة وهذا الاعتراف لا يضيرني وقد بحثت في الامر ووقفت في وجه القوى السياسية مثابرا، واليوم يصل الوزير المكلف الزميل العزيز الى النقطة نفسها حيث عجزنا عن ايجاد مطامر في البلد”. وقال: “يتبين لنا من هذا التقرير المهم الذي أعده المنتدى العربي للبيئة والتنمية حول “البيئة والاستدامة والرأي العام العربي”، أن المنطقة العربية تحتاج إلى تغيير طريقة الاستهلاك والانتاج غير المقبولة في مجتمعاتها. ومن هنا فإننا جميعا، كما الحكومات العربية بأجمعها، في حاجة إلى تجديد التزامها التحول نحو أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة. وتتبع مقاربة الاستهلاك والإنتاج المستدامين من منظورهاالشمولي وطابعها الشامل، وهي ستسمح لنا بتحقيق المكاسب الاقتصادية والاجتماعية من دون تقويض المنافع البيئية. وتستند مقاربة الاستهلاك والإنتاج المستدامين إلى تحسين نوعية الحياة والرفاه، مع إشراك فاعل للجميع المعنيين من الهيئات العامة إلى القطاع الخاص، والمؤسسات البحثية والمجتمع ككل”. واضاف: “يسعدني أن أبلغكم أن لبنان قد انطلق بعملية إعداد خطة عمل وطنية لتبني مفاهيم الاستهلاك والإنتاج المستدامين ونهجها، وأنه منذ شهر كانون الثاني 2015، باشرت وزارتا البيئة والصناعة في لبنان وضع خطة عمل للاستهلاك والإنتاج المستدامين للقطاع الصناعي في لبنان، عبر نهج تشاركي قوي وفاعل يضمن مشاركة جميع أصحاب المصلحة والمعنيين. وسأقدم الركائز الأساسية للأعمال المرصودة في خطة العمل لاحقا في مداخلتي هذه. ولكن قبل ذلك أود أن ألقي الضوء بشكل أساسي على الالتزام الوطني لاعتماد نهج الاستهلاك والإنتاج المستدامين منذ قيام وزارتي البيئة والصناعة بتوحيد جهودهما مع وزارة المال- معهد باسل فليحان المالي، ووزارة الاقتصاد والتجارة، وجمعية الصناعيين اللبنانيين، واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة، وغيرها من المؤسسات المعنية، بحيث توصلنا إلى اتفاق حول الاجراءات الأولوية التي يجب اعتمادها من أجل تحفيز نهج الاستهلاك والإنتاج المستدامين في قطاع الصناعة، تمهيدا لاعتماد نهج مماثل في القطاعات الأخرى في لبنان”. وتابع: “في حين تمكنا من تحديد الاجراءات الأولوية بدعم من الاتحاد الأوروبي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، أصبح التنفيذ الفعلي لهذه الاجراءات التزاما وطنيا لتغيير أنماط الاستهلاك والانتاج المعمول بها عندنا. ونظرا الى ما يمثل قطاع الصناعة من إمكانات مهمة بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني، فإن اعتماد نهج الاستهلاك والانتاج المستدامين في قطاع الصناعة يشكل أساسا لتطوير هذا القطاع عبر إجراءات ملموسة ومركزة، على النحو المحدد في خطة العمل وهي تعتمد على الآتي: أولا، ستشمل الإجراءات تعزيز الابتكار وأفضل التقنيات المتاحة عبر السلسلة الكاملة لإنتاج السلع وفي استخدام الموارد. وهذا أمر مهم للغاية في السياق اللبناني نظرا الى النقص الحاد في الموارد الطبيعية، ولا سيما في مجالات مثل الطاقة والمياه وبالإضافة إلى التخفيف من إنتاج كمية النفايات الصلبة وانبعاثات الهواء وغيرها. على سبيل المثال، تعاني المصانع محدودية الموارد المالية الضرورية لعمليات التصنيع، بالإضافة إلى ممارسات تتمثل في استهلاك مفرط وغير كفوء للمياه تؤدي بهم إلى الاعتماد على استغلال المياه السطحية والجوفية لتلبية حاجاتها المتزايدة، وهذا لا يشكل فقط عبئا ماليا عليها ولكنه يستنزف أيضا مواردالمياه المهمة في لبنان. ويقضي الحل المقترح في نهج الاستهلاك والإنتاج المستدامين بتطوير أدوات للحد من الاستهلاك المفرط وغير المسؤول للمياه. ثانيا، سنقوم بتطوير السياسات اللازمة والإطار القانوني المناسب لتشجيع الاستهلاك والانتاج المستدام في القطاع الصناعي بهدف التقدم نحو اقتصاد شامل ودائري (circular economy).وقد وضع العديد من المبادرات في لبنان، تحديدا لإرساء سياسة مالية مواتية للاستهلاك والإنتاج المستدامين بمبادرة من مصرف لبنان وبدعم من مختلف الوكالات الوطنية والدولية. وسينصب جل تركيزنا على تأكيد جودة السلع اللبنانية وقيمتها المضافة العالية، على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ثالثا، سنعمل على تثقيف المستهلك وتوعيته لدعم واعتماد المنتجات التي يتم تصنيعها واستخدامها والتخلص منها بشكل مستدام ونشر التوعية حول الخدمات البديلة وحصتها في الأسواق، ولا سيما ان في لبنان الكثير من المنظمات غير الحكومية المتنوعة والديناميكية ومجتمعا مدنيا نشيطا يمكن أن يدعم بشكل كبير الجهود الرامية إلى إشراك المستهلك اللبناني في الممارسات والمبادرات الخاصة بالاستهلاك والإنتاج المستدامين. وسنسعى أيضا إلى إشراك الجامعات وتشجيعها على بناء شراكات مع القطاع الصناعي. وقال: “يتمثل المدخل الرئيسي إلى الاستهلاك والإنتاج المستدامين في لبنان بإشراك القطاع العام عبر تشجيع المشتريات العامة المستدامة، وخصوصا أن مستوى الإنفاق على هذه المشتريات يصل إلى 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان وبذلك يمكن تغيير الأساليب المتعلقة بالمشتريات العامة أن يؤدي الى تحولفي السوق المحلية لكي تصبح مثالا للحكم الرشيد”. وختم: “سأتوقف عند هذا الحد لإفساح المجال في الكلام للاختصاصيين المشاركين في هذه الندوة وللتعلم من الممارسات الجيدة والنجاحات التي حققها كل واحد منكم من أجل تحقيق منفعة متبادلة لبلادنا والمنطقة العربية ككل”.