لا يعلم وزير البيئة محمد المشنوق أنه في كل إطلالة إعلامية يمعن في استغباء اللبنانيين، أو على الأقل الاستهتار بمعاناتهم، وكأن لا أزمة نفايات في البلد تهدد نحو أربعة ملايين نسمة، يتحمل هو ومن موقعه تبعاتها المعنوية، كي لا نحمله أكثر في ما آلت إليه أوضاعنا، بالرغم من أن ثمة مسؤولية لا يمكن أن يتنصل منها، حتى ولو ارتقى أعلى منابر العالم منظرا عن البيئة واستشراف المستقبل، إذ كيف لوزير فشل في استقراء الواقع أن يحذرنا من تحديات القادم من الأيام على صهوة التغيرات المناخية التي تؤرق الانسانية جمعاء؟ والأدهى، أن معاليه دعانا اليوم إلى “احترام البيئة”، فيما تجرِّح عيوننا والمآقي سحب دخان المكبات المستحدثة، وتزكم أنوفنا النفايات المتحللة، وفوقها تحوِّم أسراب الذباب والبعوض، فيما تعبث بها “جيوش” الحشرات والقوارض، في أسوأ كارثة يشهدها لبنان في تاريخه الحديث منذ “سفر برلك” وغزوات الجراد قبل مئة عام (1915-2015)، دون أن ننسى أن لبنان كان مكبلا وقتذاك بنير المحتل العثماني وتنهشه مطامع الأروروبيين في اقتسام مغانم تركة “الرجل المريض”، فيما هو مكبل الآن بطبقة سياسية تفوح روائح صفقاتها النتنة، أين منها روائح النفايات؟ وكأننا نعيش “سفر برلك” القرن الحادي والعشرين، في ظل سلطة أقصى ما أنجزته أن شرعت أبواب الهجرة لطاقات شبابنا. وأبلغنا معاليه جهارا أن “البيئة في لبنان ليست جيدة”، وكأنه فك لغز أحجية استعصت علينا سنين طويلة، علما أن وزارة البيئة في عرفنا فقدت مشروعيتها مع تفاقم أزمة النفايات، وباتت لزوم ما لا يلزم، ومجرد منصة لإطلاق التصريحات، ومحاولات امتصاص نقمة الناس بما هو أشد من الذنب كفرا وأكثر إيلاما. كنا ولا نزال نقدر فيك يا معالي الوزير رجل العلم وباني المؤسسات والإعلامي والكاتب والناشر والفنان، إلى دماثة خلقك وتواضعك وما تتمتعون به من قيم ومناقب نجل ونحترم، ولكن… ما عاد في مقدورنا أن نتحمل أكثر، وتصريحات ومواقفكم التي تطلون بها علينا باتت عصية على”الهضم”، واعذرنا إن لم نصفق ونمالق، لأننا مؤتمنون على حاضر ومستقبل، من موقعنا كـ “إعلام أخضر”، فما نحن عليه اليوم يتخطى الشخص إلى ما نواجه من مصائب وكوارث، ولا ثقة لدينا في توجهات بيئية طالما أن الفساد يكبلكم، فوزارة عجزت عن معالجة أزمة بحجم أزمة النفايات كيف سيكون بمقدورها الايفاء بالتزاماتها الدولية في مجال التخفيف من الانبعاثات والمساهمة في الحد من ظاهرة التغير المناخي؟ وكيف ستتمكن من مواكبة ثقافة الطاقة المتجددة؟ فضلا عن الكثير من الأسئلة ندرك مسبقا أنكم لا تملكون الإجابة عليها. وطالما أنكم تعرضتم لمواطِنِ الفساد، فكيف ارتضيتم أن تكونوا جزءا من سلطة فقدت شرعيتها بما أوصلت البلاد إليه؟ كان الأجدى، قبل التنصل من مهامكم في اللجنة المولجة معالجة أزمة النفايات، أن تعلنوا استقالتكم كرد وحيد يحفظ بعضا من مصداقية!

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This