فتحت محرقة “ضهور الشوير” نقاشا مهما، نسعى لأن يكون نقاشا علميا يطاول ليس فقط التقنيات، بل الخيارات الاستراتيجية في إدارة النفايات في لبنان، خصوصا وأن الأزمة الحادة للنفايات المستمرة منذ حوالي الأربعة أشهر، ضاغطة بثقلها البيئي والصحي والنفسي على كل المواطنين.
لكي يستقيم النقاش في اتجاهه الصحيح، سوف نطرح أربعة محاور رئيسية:
المحور الأول يتعلق بتقييم أولي لحصيلة هذا النقاش حتى الآن.
المحور الثاني يتعلق بوضع ضوابط للنقاش، لكي يبقى علميا ومحترما لعقول القراء والمتابعين.
المحور الثالث يتعلق بتحديد واضح للنقاط الخلافية وتركيز النقاش حولها والإضاءة عليها.
المحور الرابع يتعلق بالرد الواضح على التساؤلات والمحاكمات، التي تضمنها رد الوزير السابق السيد فادي عبود.
في البداية، نعيد التأكيد على كل ما جاء في مداخلاتنا السابقة، ولا نرى ضرورة لتكرار ما جاء في أي من فقراتها وعناوينها الفرعية، وذلك لكي لا يتحول النقاش إلى مناظرة كلامية بدون مضامين وأهداف تستحق المتابعة من قبل الرأي العام.
المحور الأول
لقد حقق هذا النقاش برأينا الحصيلة الأولية التالية:
تبني “شبه” كامل من قبل الوزير عبود لخطة الإدارة المتكاملة للنفايات، التي طرحناها في مواجهة “الطمر الكلي” و“الحرق الكلي“.
يؤكد السيد عبود أن المحرقة “تهدف إلى حرق (العوادم) فقط بعد اعتماد الفرز وتدوير المواد القابلة للتدوير،من زجاج وورق ومعادن وبلاستيك، وما تبقى يتم حرقه“، وهذا نقل حرفي أمين للنقطة 7 من رد عبود الأخير. هذا جميل جدا، وأنا سعيد للاستماع إلى هذا التصريح، ما يعني أن عبود يتبنى بشكل “شبه” كامل استراتيجيتنا بشأن “الإدارة المتكاملة للنفايات” كما فصَّلناها في مقالتنا السابقة تحت العنوان الفرعي “لماذا التغافل عن استرداد القيمة الموجودة في النفايات؟“، والعودة إليها تساعد في تأكيد ما نقول. وهذا ما ندعو إليه في أساس رؤيتنا لاستراتيجية إدارة النفايات، أي استرداد القيمة الكامنة فيها عبر الفرز والتدوير ومعالجة المكونات العضوية، أي رفضنا الأكيد “للطمر الكلي” للنفايات أو “الحرق الكلي” لها.
أقول “توافق شبه كامل” وليس كاملا لسببين: الأول أننا نرى ضرورة معالجة المكونات العضوية إما بالتسبيخ وإما بالهضم اللاهوائي لاستخراج البيوغاز كمصدر للطاقة، وهذا ما لم يشر إليه رد عبود، وربما يصنفها “عوادم” وهي ليست كذلك، وينوي حرقها (وهي تحتوي على حوالي 50-60 بالمئة ماء). والثاني، أننا لا نحصر خيارات التعامل مع ما يسميه، مع كثر آخرين، “عوادم” بالحرق وحده. وأنا أفضل استعمال مصطلح “متبقيات” على عوادم، وذلك لاعتبار أنها ليست كلها عوادم، بل يمكن، على ضوء “درسها ومعالجتها حسب مكوِّناتها“، كما أكدت في مقالتي السابقة، أن نستخلص منها شيئا مفيدا، وهذا ما يجب أن نتطلع إليه دائما. إذن، نعتبر إعلان السيد عبود هذا، تطورا إيجابيا وإقرارا وتوافقا مع رؤيتنا في جوهرها، مع تمايز محصور بمصير المواد العضوية، واستخدام الحرق.
إذن، ما نطرحه ليس حلولا غير قابلة للتطبيق، وليس طروحات مثالية، بل هو بحاجة لأن يصبح سياسة رسمية للدولة كي ينطلق العمل في تطبيقه الفعلي. إن الاتحاد الاوروبي، هو الذي موَّل إنشاء وتجهيز عدد كبير من معامل فرز ومعالجة النفايات في مختلف المناطق، ويغطي كلفة تشغيلها لمدة ثلاث سنوات. وهذه المعامل معدة لاستقبال النفايات وفرزها وتهيئة مكوناتها للتدوير والمعالجة، على أن يصار إلى تحديد طريقة التخلص النهائي من “المتبقيات” بعد درس مكوناتها. ونحن نضيف ضرورة استكمال تجهيز هذه المراكز بكل تجهيزات الفرز الآلي المتطور، وعدم الاكتفاء بالفرز اليدوي، الذي من شأنه أن يعيق تحقيق نتائج إيجابية في تنفيذ العملية في كل مراحلها.
وهنا لا بد من كلمة “ولكن…” كبيرة جدا. إذ أن الطروحات اللفظية شيء، والتطبيق العملي شيء آخر. فخطة وزارة البيئة الطارئة في العام 1997 كانت تقضي بالفرز، والتدوير، والتسبيخ، وطمر ما أسموه “عوادم” وما نسميه “متبقيات“، وماذا كانت النتيجة بعد 18 عاما؟ نسف كل عناصر الخطة والإبقاء على “الطمر الكلي“، وللدقة، طمر أكثر من 90 بالمئة من مجمل النفايات، وهذا ما كان على الدوام موضع نقدنا ومعارضتنا بصوت عال.
إذن نحن لا نقتنع بسماع الكلام الجميل حول الفرز والتدوير، إذا لم يقترن بإنشاء مركز للفرز والمعالجة، قبل الحديث عن الحرق كطريقة للتخلص من المتبقيات. وأي كلام عن حرق المتبقيات، بشكل معزول عن الإدارة المتكاملة ومنشآتها المجهزة والعاملة، يكون موضع شك مشروع، ويدعونا لتوقع حدوث كارثة مماثلة لتلك التي نتجت عن السياسات السابقة، ولكن هذه المرة بنتائج كارثية كبيرة على الصحة العامة تحديدا. لماذا لا ينشىء السيد عبود مركزا للفرز والتدوير والمعالجة وتكون المحرقة، بعد تجهيزها بالفلاتر ومعالجة الغازات، وبمطمر خاص “للرماد المتطاير ورماد القاع“، ملحقة بهذا المركز؟ ربما عندها يصبح الحديث عن حرق “العوادم” اكثر مصداقية.
إن هذه الاستراتيجية، المرتكزة على الإدارة المتكاملة للنفايات، مطبقة في معظم بلدان العالم المتقدمة، والتي هي على طريق التقدم. فهذه الدول لا “تطمر” كل شيء، ولا “تحرق” كل شيء، بل تفرز وتدور وتعالج، وبعضها يطمر المتبقيات، وبعضها الآخر يحرقها ويطمر رماد الحرق، وكثير منها يسعى دائما إلى معالجة وتصنيع بعض مكوناتها للاستفادة منها في استخدام معين على طريق التخفيف المستمر للكميات المطمورة أو المحروقة.
لاحظنا توقف الحديث عن أن المحرقة هي من “الجيل الرابع“، وهذا تطور إيجابي تمثل بسحب هذا المصطلح من التدوال لأنه لا يتطابق لا من قريب أو بعيد مع “محرقة ضهور الشوير“.
لاحظنا التوقف عن اعتبار “الرماد المتطاير“، الخارج من مدخنة المحرقة إلى الهواء الجوي، “معقما” و“خاملا“، كدلالة على “أمانه” البيئي والصحي. وبالتالي إقرار، ولو ضمني، بأنها تنبعث من مدخنة المحرقة (…..)، وإن كانت لا ترى بالعين المجردة، وهذا أيضا تطور إيجابي نقدره ونثني عليه.
وكل ذلك يفضي إلى الإقرار بعدم كفاية التجربة، التي أجريت على المحرقة.
المحور الثاني: الاستثمار في الازمة
في هذا المحور أدعو إلى أن نلتزم ببعض الضوابط الأدبية، لكي يبقى النقاش علميا، ومحترما لعقول القراء والمتابعين والرأي العام.
أولى هذه الضوابط، الالتزام بالتمعن في نص ما هو مكتوب، والذهاب في معانيه، وعدم اللجوء إلى تأويله بشكل مشوه، أو تشويهه كليا، ومناقشة الصيغة المشوهة وكأنها هي التي قلناها، وهي ليست كذلك. فالقارىء هو بالتأكيد أذكى مما يتخيلون، وهو يلاحظ ذلك. وهذا يشبه ما تلجأ إليه بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية، التي تبث الأضاليل على الرأي العام. والشواهد على ذلك كثيرة. فعلى سبيل المثال، نحن لم نقل يوما أن اتفاقية “ستوكهولم” تمنع المحارق، وهذا ما يكرره عبود في ردوده عدة مرات، وإنما نقول، ونؤكد عليه في كل مرة، هو أن اتفاقية “ستوكهولم” تعتبر محارق النفايات واحدا من أهم مصادر التلوث بالملوثات العضوية الثابتة، الملوثات عالية السمية والخطرة على الصحة البشرية. وكذلك الأمر بالنسبة لاتفاقية “ميناماتا” بشأن الزئبق، التي تعتبر محارق النفايات واحدة من أهم أربعة مصادر لانبعاثاته في الهواء الجوي. والمثل الآخر، إننا لم نقل يوما أن الدول الصناعية وأوروبا وفرنسا تحديدا قد منعت المحارق، كما يكرر عبود ذلك في ردوده، وإنما قلنا ونقول، أن وزيرة البيئة الفرنسية اعتبرت المحارق تنتمي لعصور ماضية، ودعت إلى إقفالها وعدم اعتماد المحارق لتلويثها الكبير للبيئة، فضلا عن أثر هذا التلوث على الصحة البشرية. وقلنا أيضا، أن هذه البلدان تنحو منحى التراجع التدريجي عن المحارق، وعددها يتناقص في هذه البلدان ولا يتزايد بشكل عام. والمثل الثالث، هو ما قلناه في صدد تصنيع “الوقود البديل المشتق من النفايات” RDF، حيث قلنا حرفيا “درس المتبقيات ومعالجتها حسب مكوناتها، وضمنا درس تصنيع الوقود البديل RDF من بعض مكوناتها الصالحة لذلك، الخالية من السموم والغنية بالطاقة الحرارية“. فإذا به يتحدث عن انبعاثات الديوكسين بناء على ورقة بحثية تجري تجربة على حرق “الورق والمجلات والمطبوعات“، وتُبيِّن أن انبعاثات الديوكسين عالية، وذلك نتيجة حرق الأحبار، المكونة من مواد كيميائية سامة تحتوي على الكلور وغيره من الهالوجينات. إن نتائج هذا البحث تؤكد مخاوفنا من مخاطر حرق النفايات، حيث أن حرق الورق والمطبوعات والمجلات والجرائد والكرتون، وغيرها من مكونات النفايات، يتسبب بانبعاثات عالية السمية. إن رؤيتنا بشأن الادارة المتكاملة للنفايات تدعو إلى الفرز وإعادة التدوير والمعالجة، وضمنا فرز الورق والكرتون، وندعو الى الاستبعاد الكلي لعمليات الحرق، وذلك لما تحمله من مخاطر بيئية وصحية عالية الأهمية، كما تؤكده نتائج هذه الدراسة البحثية بالذات، التي يشير إليها السيد عبود.
التعامل مع ما يقال ويكتب على أنه “صيغ دقيقة“، وعدم اللجوء إلى أي تبديل من شأنه أن يقلب المعنى، أو يشوهه ويفقده مضمونه العلمي الدقيق، ويوقع في عدم الموضوعية، وبالتالي عدم جدية النقاش، وفقدانه شروط احترام القراء والمتابعين والرأي العام.
الكف عن التهديد بالقضاء، لأن محرقة ضهور الشوير هي بحالة “تسلل” والتفاف مريب على كل القوانين والأنظمة والتشريعات، التي تنظم عمل منشآت معالجة النفايات في لبنان، حتى تاريخه. ويتم ذلك بالاستناد إلى المكانة السياسية للمستوردين، وهذا “صرف نفوذ” موصوف، واستثمار في الأزمة المركبة، التي يعيشها لبنان، أزمة النفايات من جهة، والأزمة المتجلية في ضعف وهزال واضح في مؤسسات الدولة التنفيذية.
ضرورة الإجابة على ما نطرح من أسئلة، وعدم تجاهلها والمرور عليها دون إجابة أو توضيح. كنا قد طرحنا عدة أسئلة في ردنا الأسبق، تتعلق بالتراخيص القانونية للمحرقة، وبدراسة “تقييم الأثر البيئي” وفق مرسوم “أصول تقييم الأثر البيئي” رقم 8633 بتاريخ آب (أغسطس) 2012، ولا سيما الملحق 1 عن المشاريع التي تستلزم حكما تقرير أثر بيئي ملزم، النقطة 4 المتعلقة بالنفايات الصلبة: “إنشاء مراكز لإدارة ومعالجة والتخلص من النفايات الصلبة على أنواعها“.
المحور الثالث: تحديد نقاط الخلاف الأساسية
نحن ضد المحارق بالمبدأ، لاعتبار أن الحرق والمحارق، ولو بأحدث التقنيات، ومع تشغيل كل تجهيزات مكافحة التلوث، الموجودة في البلدان المتقدمة، تضع مشكلة النفايات بعيدة عن أنظارنا، ولكنها لا تضعها بعيدة عن وعينا ورئتينا وبيئتنا وسلسلتنا الغذائية وصحة شعبنا. فنحن ننتمي إلى “مجتمع كيميائيي البيئة وعلم السموم“، ونعرف حقيقة مخاطر التعرض للملوثات الصادرة عن المحارق، وعن أكثرها تقدما وحماية، ولو بتراكيز ضعيفة، كما هي حال انبعاثات الغازات الملوثة والضارة، وكذلك الجسيمات الصغيرة ومتناهية الصغر “الرماد المتطاير“، الذي ينبعث منه إلى الهواء الجوي ما نسبته 30 بالمئة مع أكثر الفلاتر دقة وفعالية في أرقى بلدان العالم وأكثرها تقدما. وكذلك العديد من الملوثات الكيميائية والمعادن الثقيلة، التي تهدد الصحة البشرية تهديدا كبيرا، ومعظمها لا يوجد له مستويات آمنة وفق تقارير منظمة الصحة العالمية. وهذه المعطيات العلمية الدقيقة تشير إليها تقارير صادرة في بلدان أوروبية متقدمة، مرتكزة على دراسات معمقة، وعلى دراسات وبائية تبحث في علاقة الارتباط بين انبعاثات محارق النفايات والازدياد في نسبة التعرض والإصابة بالأمراض الخطيرة المزمنة، السرطانية والطفرات، والتشوهات الخلقية، والاضطرابات التناسلية، والعقم عند الرجال والنساء، والمخاطر التي تطاول الأجنة في أرحام أمهاتها، بل وتلك التي لم تتكون بعد.
نحن نختلف على دقة استعمال مصطلح ومفهوم “التفكك الحراري“. ففي حين تعتبرون التفكك الحراري سحر هذا العصر، نحن نراه على حقيقته العلمية، بأنه أسلوب تقني لتفكيك المواد والمركبات بفعل تعريضها للحرارة، في أوساط مختلفة من حيث غناها بالاوكسجين، من الغنية جدا إلى الفقيرة، فإلى الخالية كليا، أي تفكيكها عبر استخدام الطاقة الحرارية. وهذا الأسلوب يشمل تقنيات عديدة، وهي:
–الحرق Incineration or Combustion أي التفكيك عبر الأكسدة في وسط غني بالأوكسجين.
–الانحلال أو التحلل أو التحول الحراري Pyrolysis، وهو تعريض المواد إلى الحرارة في وسط فقير جدا، أو خال تماما من الأوكسجين والهالوجينات. وهذا ليس حرقا للمواد، بل تفحيما لها، أي تحويلها إلى فحم وغازات وأبخرة. بعض هذه الأبخرة يعاد تكثيفها للحصول على نوع من الوقود يشبه بخصائصه المازوت.
–تحويل المواد إلى غازات Gasification، وهذه التقنية تتم في منزلة وسط بين الحرق والبيروليز، أي هي حرق غير كامل في وسط فقير جدا بالأوكسجين، وعلى درجات حرارة عالية جدا (بين 400 و1500 درجة)، ويتولد عن هذه العملية تحويل المواد إلى غازات غنية بأول أوكسيد الكربون والهيدروجين، وبالتالي حرقها لتوليد الطاقة.
–البلازما Plasma هي تعريض المواد لدرجات حرارة عالية جدا بين 5000 و10000 درجة مئوية، وهي ليست حرقا للمواد ولا تفحيما لها، تنشأ هذه الحرارة العالية من قوس كهربائي، وتؤدي إلى تحول كل المواد الصلبة الترابية والمعادن إلى رماد أولا، وبالتالي إلى صخر بلوري، والمواد العضوية إلى غاز غني بالطاقة. وتتم هذه العملية في وسط فقير جدا بالاوكسجين لمنع عملية الاحتراق. تقوم شعلة القوس الكهربائي بتحويل المواد العضوية إلى غازات تسمى “غاز صناعي” Syngas، مكون من أول أوكسيد الكربون والهيدروجين، وتحويل المواد المعدنية غير العضوية إلى رماد. إذا استمر تعرض الرماد للشعلة، يتحول إلى كتلة بلورية خاملة تسمى “الخبث” Slag. فالغازات المتكونة من جزيئات أول أوكسيد الكربون والهيدروجين، تستعمل لإنتاج الطاقة عبر حرقها.
هذه هي تقنيات “التفكك الحراري“، وبعد هذا العرض نصل إلى الخلاصة، أن “وجاق ضهور الشوير” ما هو إلا محرقة تعمل على حرق النفايات وتفكيك موادها حراريا في وسط غني جدا بالأوكسجين، وعلى درجات حرارة عالية، تتم المحافظة عليها من خلال ضخ وقود الفيول (المازوت) بكميات كبيرة إلى غرف الاحتراق عبر حراقات عدة، موزعة بين غرفتي الاحتراق. الغرفة الأولى حيث يتم تحويل النفايات، عبر أكسدتها أي حرقها، إلى غازات وأبخرة ورماد. هذه الغازات تتولد عن تفكك المواد، التي تتكون منها النفايات، وعن تفاعلاتها الكيميائية في ما بينها، في وسط غني بالأوكسجين وعلى درجات حرارة عالية، مما يؤدي إلى تكون لائحة طويلة من المركبات الكيميائية، التي لم تكن موجودة أصلا في تركيب النفايات. ويتولد أيضا الرماد، الذي يتكون من جزيئات متفاوتة القياس، من القياسات الكبيرة نسبيا، أي المرئية بالعين المجردة، إلى أخرى صغيرة ومتناهية الصغر، وهي لا ترى بالعين المجردة. جزء من الرماد الثقيل يترسب في قاع غرفة الاحتراق، أما الجزء الآخر من الرماد الخفيف، فينتقل مع الغازات والأبخرة إلى غرفة الاحتراق الثانية، حيث تتعرض الغازات لعملية حرق إضافي على درجات حرارة عالية جدا، وبوسط غني بالاوكسجين، مما يؤدي إلى إتمام عملية احتراق الغازات والأبخرة إلى أشكالها المستقرة كيميائيا، وهذا لا يعني خمولها الكيميائي، بل تشبعها واستقرارها. أما جزيئات الرماد الخفيف (الرماد المتطاير) وفق المصطلحات العلمية لتقنية الحرق، فيتابع طريقه مع الغازات المؤكسدة إلى الهواء الجوي عبر المدخنة. فالغازات تتكون من لائحة طويلة من الأكاسيد (أكاسيد الكبريت، أكاسيد النيتروجين، والغازات الحمضية مثل حمض الكلورهيدريك، وحمض الفليورهيدريك، وبقايا الغازات والأبخرة العضوية، وأول وثاني أوكسيد الكربون. أما الرماد المتطاير فيتكون من جزيئات صغيرة ومتناهية الصغر، تتنوع طبيعتها الكيميائية، وتشمل أكاسيد المعادن المختلفة. وقد شرحنا في مداخلاتنا السابقة، آلية تأثيراتها السمية ومخاطرها على الصحة العامة.
أما عن احتمالات تكون الديوكسين، داخل غرف الاحتراق، وفي المدخنة، أو على باب المدخنة حين مغادرة الغازات إلى الهواء الجوي، أي التخليق المتجدد للديوكسين، فيرتبط بمجموعة من العوامل، إذا ما توافرت تم تخليقه، وإذا لم تتوافر، لا يتم تخليقه، وإذا توافرت من وقت لآخر، يكون احتمال تخليقه موجودا بموازاة وتيرة توافرها.
نأخذ علما، أن “محرقة ضهور الشوير” تعمل بشكل متقطع، أي وفق آلية تلقيم للنفايات متقطع وعلى دفعات، أي ليس تلقيما مستمرا. وهذا يعني أننا كل مرة نزود غرفة الاحتراق الأولى بالنفايات علينا فتح بابها، وهذا ما يترافق بهبوط سريع لدرجات الحرارة، وبانبعاثات دخانية، تدل على ان احتراقا غير كامل قد تم حدوثه. وهذا ما يوفر ظروفا موضوعية ملائمة لتخليق الديوكسين. وهذه الظروف تتحدد بوجود جزيئات الكربون والكلور في الوسط، والدخول في مجال درجات الحرارة الملائمة لتخليق الديوكسين. ومن جهة أخرى، إن المحافظة على درجات حرارة الاحتراق المنصوص عنها في شروط التشغيل، أي 850 درجة في الغرفة الأولى، و1250 درجة في الغرفة الثانية، تتطلب تقنية عالية، وكفاءة عالية للمشغِّل، ورقابة مستمرة على تزويد الحراقات بالوقود. وأي خلل، ولو مؤقتا، في هذه الشروط سيؤدي إلى هبوط بدرجات الحرارة والدخول في مجال تكون الديوكسين. فحصول مثل هذه الأوضاع، يؤدي إلى ترسب كميات من الديوكسين في رماد القاع، وإلى إطلاقه مع غازات الانبعاث والجزيئات من المدخنة. وهذا الاحتمال، هو غير الذي تحدثنا عنه بالتفصيل في مداخلتنا السابقة حول التخليق المتجدد للديوكسين في المدخنة أو على بابها عند خروج الغازات منها.
إن الحديث عن “التفكك الحراري” وكأنه عملية سحرية تلغي كل الملوثات ومخاطرها التي تنتج عن المحارق، هو كلام غير دقيق على الإطلاق. ونحن أشرنا في مداخلاتنا السابقة، إلى أن حرق الغازات في غرفة الاحتراق الثانية على درجات حرارة مرتفعة جدا، يخفف من ملوثات المحارق القديمة كمَّا ونوعا، ولكنه لا يلغي الحاجة لتجهيزات مكافحة التلوث في الانبعاثات، أي فلاتر لالتقاط الرماد المتطاير، وأبراج لغسل ومعالجة الغازات، بغية التخفيف من مخاطرها الكبيرة على الصحة البشرية. مع اعتقادنا الأكيد، أنه مع وجود هذه التجهيزات، فإن مستويات من التلوث تبقى موجودة، وهذه المستويات ليست آمنة، وتشكل تهديدا محتملا على الصحة العامة.
نعم، إننا لا نبالغ بذلك أبدا. تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن هناك عددا كبيرا من الملوثات الكيميائية السامة، ومن المعادن الثقيلة ومركباتها، لا توجد مستويات آمنة لها، أي أنها تشكل خطرا على الصحة ولو بمستويات متناهية الصغر. ومن جهة أخرى، إن المستويات المقبولة التي تتحدث عنها لوائح المقاييس المتعلقة بتلوث الهواء، قد جرى تحديدها على ضوء دراسة سمية كل مادة على حدة، ولكن كيف سيكون الأمر عند التعرض لباقة كبيرة منها مجتمعة وفي نفس الوقت؟ كل الدراسات السمية تشير إلى أن العديد من المواد السامة تتآزر Synergy في تأثيراتها السمية، أي أن التعرض لها مجتمعة يؤدي إلى تأثيرات أكبر بكثير من التعرض لها منفردة. وهكذا يكون التعرض لباقة الملوثات السامة المنبعثة من مداخن المحارق، مترافقا بأكبر المخاطر على الصحة البشرية، نتيجة تأثيراتها المتآزرة ولو بتراكيز ضعيفة نسبيا.
نحن نختلف بشأن اختيار الحرق كطريقة للتخلص من النفايات. فكما شرحنا في مداخلاتنا السابقة، نحن لا نبرر دفع الأكلاف على تدمير المواد، التي يمكن لنا، إذا ما أعملنا العقل فيها، أن نسترد القيمة التي تختزنها. نحن لا نبرر دفع الأموال الطائلة على دفن النفايات وطمرها، ولا على تدميرها بالحرق، وخسارة القيمة التي تحتويها، والتسبب بالتلوث الخطير الذي يترتب عن المحارق، والتدمير البيئي طويل المدى الذي يترتب عن المطامر.
المحور الرابع: بين الـ RDF والـ RF
إن استخدام النفايات كوقود ليس هو نفسه تصنيع “وقود مشتق من النفايات“، وبالتالي، يؤدي الخلط المقصود أو غير المقصود بين هاتين العمليتين إلى الوقوع في مغالطات كبيرة، شبيهة بالتي وقع فيها السيد عبود عند تناوله هذا الموضوع، واتهامنا بالموافقة على الديوكسين من “الوقود المشتق من النفايات” واستشراسنا ضد الديوكسين من محرقة “ضهور الشوير“. وفي الحقيقة، إن المرجع الذي استخدمه ليرتكز عليه بتوجيه هذا الاتهام، ما هو إلا تجربة بحثية استعملت نفايات ورق المكاتب والمطبوعات والمجلات كوقود لدرس انبعاثاتها، وقامت بمقارنة مستويات الديوكسين المتولد مع فائض من الأوكسجين، حيث ظهر أنها أعلى من تلك المتولدة مع نقص بالأوكسجين. وهذه الأوراق والمطبوعات والمجلات غنية بالأحبار، التي تحتوي على مركبات البولي كلورو بيفنيل PCBs، وهذا ما يسبب تولد كميات هامة من الديوكسين.
نحن نتحدث عن شيء آخر مختلف تماما، نتحدث عن “الوقود المشتق من النفايات“، وهو منتج صناعي، بمواصفات تشبه مواصفات الوقود الاحفوري المستعمل في صناعة الإسمنت، خصوصا لجهة حد احتوائه على الهالوجينات والمركبات الكيميائية السامة، التي تولد ملوثات خطيرة عند حرقها. وهذا ما يطابق الممارسة الألمانية الرائدة في هذا المجال، حيث يصنع هذا الوقود من مواد أولية مأخوذة بعناية من النفايات، بحيث لا تحتوي على مواد كيميائية تدخل الهالوجينات في تركيبها مثل PCBs ومواد البولي فنيل كلوريد البلاستيكية PVC، وما شابهها.
نحن أشد الناس رفضا لحرق النفايات أو استعمالها كوقود في الصناعة بما فيها صناعة الاسمنت، ولكننا مع تصنيع وقود نظيف من بعض مكوناتها المنتقاة بعناية، على أن تكون آمنة كيميائيا، وغنية بالطاقة، وتستجيب للائحة المواصفات الألمانية، حيث أن هذا النوع من الوقود تجاوز استعماله نسبة 90 بالمئة من الوقود في صناعة الإسمنت الألمانية.
نحن لا نحكم على النوايا، بل نناقش تقنية الحرق، المعروفة جيدا في العالم، ولسنا بصدد اكتشافها اليوم أو البارحة مع “محرقة ضهور الشوير“. ونحن لا ننتظر نتائج “تجاربكم” لأنها خارج سياق الأنظمة والقوانين، ولا تتوافق مع المنهجية العلمية للقيام بمثل هذه الاختبارات.
نحن لم نتهم أحدا بالكذب، لم ولن ننحدر إلى هذا المستوى من النقاش، ولكننا نقول عن ما هو غير صحيح أنه خطأ، ولا مساومة بهذا الأمر ولا مسايرة.
نحن لم نوزع الاتهامات، بل طرحنا جملة تساؤلات وأسئلة ولم نتلق عليها جوابا حتى الآن.
إن وجود محارق غير شرعية وملوِّثة جدا في بعض المستشفيات والمصانع كما تذكرون، وهذا خرق كبير ومخالفة مريبة للأنظمة، ومصدر خطير لتلوث الهواء الجوي في منطقة عمل هذه المحارق، وتهديد خطير لصحة المواطنين القاطنين على مقربة من هذه المناطق. وهذا بالطبع لا يبرر لكم أن تؤسسوا عليه لوضع محرقتكم وتشغيلها.
نحن طرحنا عددا من الأسئلة حول شرعية دخول المحرقة، وحول التراخيص اللازمة لها، وحول دراسة تقييم الأثر البيئي اللازمة قبل وضع وتشغيل المحرقة وفق الأصول القانونية ووفق المرسوم الذي تحدثنا عنه في مقالتنا السابقة.
نحن وضعنا تقييما علميا “لتجربتكم” ولا داعي لتكرار ما قلناه في مقالتنا السابقة عنها.
نحن نتساءل، من أوهمكم بأن “الفلترات” تكون ضرورية فقط عندما نحرق نفايات خطرة؟ وهذا غير دقيق على الإطلاق. فنظام مكافحة التلوث ضروري في كل حالات الحرق، خصوصا لجهة التقاط الرماد المتطاير بواسطة الفلاتر، وأبراج غسيل الغازات الجافة أو الرطبة. بالإضافة إلى معالجة الرماد والتخلص منه في مطامر متخصصة لاستقبال النفايات الخطرة.
إن المحارق وفق كل المراجع والدراسات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، هي من أهم مصادر انبعاثات الديوكسين في الجو. ونحن نعرف أن طراز محرقتكم، الأشبه بالوجاق المزود بمدخنة، والذي يعمل بشكل متقطع غير مستمر، غير صالح لأن يتسلح بتجهيزات تبريد الغازات، لأن ذلك سيؤدي إلى خراب جسمها المعدني، ولكنها قابلة لأن تتجهز بنظام الحماية من التلوث، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة في استهلاك الوقود لمنع حرارة الاحتراق من الهبوط. وهذه “المحرقة – الوجاق” هي غير مهيأة لأن تجهز بنظام استرداد الطاقة، لأن ذلك سيؤدي الى ازدياد دراماتيكي في مستويات التخليق المتجدد للديوكسين، وهذا عالي الخطورة.
أما في ما يتعلق باتهاماتكم لنا بأننا نسعى إلى العودة للمكبات وأننا من المستفيدين منها، فلا داعي إطلاقا للتعليق عليها، فهذه اتهامات لا ترقى إلى المستوى الذي يستحق أن نرد عليه.
نحن نعاود التأكيد على كل ما جاء في مقالتنا السابقة، التي تشكل وثيقة مرجعية لمناقشة موضوع المحارق وضمنا “محرقة ضهور الشوير“.
نحن تابعنا باهتمام كبير المراجع العلمية، التي وضعت في نهاية ردكم، لأننا نستند في كل نشاطنا البيئي، على المستويين النظري والتطبيقي، إلى العلم ومنتجات البحث العلمي.
وعليه، سوف ألخص للقراء الأعزاء مضمون كل مرجع من هذه المراجع، ومحتوى الدراسة والنتائج التي يشير إليها. وأنصح كل المهتمين بموضوع المحارق ومخاطرها أن يطلعوا عن كثب على هذه المراجع بالذات، لأنها كلها تؤكد على مجمل مواقفنا ومخاوفنا وأقوالنا وكتاباتنا بهذا الشأن.
وأعرضها تباعا حسب الترتيب الذي جاءت عليه في ردكم.
المرجع الأول:
بعنوان: Testing of residues from incinerators of municipal solid waste, Environmental agency for England EA
دراسة إنكليزية حول رماد محارق النفايات (مجموع رماد القاع والرماد المتطاير الملتقط في الفلاتر)، تبين محتواه على كميات كبيرة من المعادن الثقيلة السامة. وتبين أيضا هذه الدراسة أن رماد القاع يحتوي على رواسب كيميائية عضوية بمستوى أعلى من الرماد المتطاير المجموع من الفلاتر. هذه المركبات تنتمي إلى المركبات الكيميائية عالية السمية. وتهدف هذه الدراسة إلى البحث في أثر ترسبات مطامر رماد المحارق وعصارتها واحتوائها على ملوثات خطيرة على البيئة والصحة البشرية. وذلك للبحث عن طرق لمعالجتها بهدف تخفيف مخاطرها على البيئة والصحة البشرية. إن هذه الدراسة تؤكد مخاوفنا من عدم وضع فلاتر وإطلاق الرماد المتطاير في الجو، وكذلك مخاوفنا المتعلقة بالإدارة السليمة لرماد القاع الغني بالترسبات الكيميائية العضوية السامة إضافة إلى المعادن الثقيلة. أنصح بشدة القراء الأعزاء وكل المهتمين بالاطلاع على تفاصيل هذه الدراسة.
المرجع الثاني:
http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs225/en/
بعنوان : Dioxins and their effects on human health
نشرة إعلامية صادرة عن منظمة الصحة العالمية، تتحدث عن الديوكسين وعن مخاطره على الصحة البشرية، ومصادر التلوث بالديوكسين، حيث تذكر أن المحارق غير المجهزة بتجهيزات مكافحة التلوث وتنظيف الغازات تشكل مصدرا هاما لانبعاثات الديوكسين. وتذكر عدة حوادث للتلوث بالديوكسين في العالم، وتتحدث عن آثار الديوكسين على الصحة العامة، ومن هي المجموعات الأكثر تحسسا من السكان، ووسائل الحماية ومراقبة التعرض للديوكسين، وكيف يمكن للمستهلكين تخفيف مخاطر تعرضهم للديوكسين، وتتحدث أيضا عن أنشطة منظمة الصحة العالمية المتعلقة بالديوكسين. أنصح جميع القراء الأعزاء الاطلاع على هذه النشرة عالية الأهمية، والتي تصب كليا في تأكيد مخاوفنا وكل محاكماتنا عن مخاطر الديوكسين الخطيرة من مصادر المحارق غير المجهزة بتجهيزات تنظيف الانبعاثات.
المرجع الثالث: http://phys.org/news/2015-07-fingerprints-emissions-uk-municipal-incinerators.html#jCp
بعنوان: New study “fingerprints emissions from UK municipal waste incinerators, July24, 2015, National Physical Laboratory NPL
تهدف هذه الدراسة لدرس تأثير 9 محارق نفايات في إنكلترا على تلوث الهواء بالجزيئات الكبيرة PM10. وقامت الدراسة بدرس 6 نقاط على بعد 10 كلم عن كل محرقة، فتبين أن لا دليل موثوق على إسهام المحرقة بالتلوث بالجزيئات الكبيرة PM10 على هذه المسافة. التقرير النهائي لهذه الدراسة لم ينشر بعد.
نحن نتحدث عن “الرماد المتطاير” أي الجزيئات الصغيرة PM2.5 والجزيئات متناهية الصغر PM0.1. وهذا ما لم تتطرق إليه الدراسة. ننصح الجميع متابعة التقرير عند نشره.
المرجع الرابع:
https://www.env.go.jp/en/recycle/smcs/attach/swmrt.pdf
بعنوان: Solid waste management and recycling technology of Japan/ Toward a sustainable society
وثيقة كبيرة بغاية الأهمية. يتحدث الفصل الثاني منها عن “تقنية حرق النفايات البلدية” Municipal waste incineration technology
Safe and sound municipal waste incineration and high-efficiency power generation
Advanced waste incineration facility
هذا هو نظام المحارق المسمى “الجيل الرابع“، وهذا ما يقارن السيد عبود “وجاق ضهور الشوير” به.
هذه المحرقة المتقدمة تشمل ما يلي:
حرق ثنائي للنفايات والغازات على درجات حرارة عالية 1000 درجة مئوية.
مراجل عالية الفعالية تعمل على ضغط مرتفع وحرارة مرتفعة، وذلك لتوليد البخار الضروري لتوليد الطاقة الكهربائية بواسطة توربينات. وذلك لاسترداد الطاقة بفعالية عالية من حرارة الغازات المتولدة عن غرف الاحتراق.
فلتر بالكربون المنشط ومسحوق الكلس لالتقاط الملوثات الكيميائية العضوية.
فلتر – كيس Bag filter لالتقاط الجزيئات ” الرماد المتطاير“.
نظام تحفيزي لنزع الكبريت.
بعد كل عمليات التنظيف هذه ترمى الانبعاثات في الجو عبر المدخنة.
هذه هي محرقة “الجيل الرابع” في اليابان، التي يحدثنا عنها السيد عبود، وهناك مثيلاتها في بريطانيا والنمسا وهولندا وألمانيا. ولكن محرقته في “ضهور الشوير” ما هي إلا “وجاق وداخون” غير مجهز بشيء من هذا.
ننصح بشدة أن يطلع القراء الأعزاء على هذا المرجع الهام، وتجربة اليابان في إدارة النفايات وفق مفهوم التنمية المستدامة.
المرجع الخامس:
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/17432330
بعنوان: Dioxin formation from waste incineration
ورقة بحث علمي أكاديمي. تجربة لدرس آلية تكوين الديوكسين والفوران باستخدام عدد واسع من النفايات المحتوية على مواد كيميائية عضوية وغير عضوية تحتوي على الكلور. وتهدف التجربة لمعرفة العوامل المؤثرة على تكوين هذه المواد في انبعاثات المحارق، ودرست درجات حرارة احتراق مختلفة. وصلت هذه الدراسة إلى استنتاج أن هناك تفاعلات عالية التعقيد والتنوع بآليات معقدة وعدد كبير جدا من العوامل تساعد على تكوين الديوكسين والفوران وليس فقط درجة الحرارة، فوجود النحاس مثلا يساعد على تكوين أعلى نسبة منها، وأن المحارق الصغيرة العاملة على درجات حرارة عالية تخفض قليلا نسبة تكون الديوكسين والفوران. ومن الواضح أن هناك عددا كبيرا من العوامل الفردية التي تؤثر على تخليق الديوكسين. هذه الدراسة تؤكد بشكل كبير كل ما نقوله حول هذه المحارق ومخاطرها الكبيرة على الصحة العامة.
المرجع السادس:
http://www.dioxinfacts.org/sources_trends/the_way.html
بعنوان: Dioxin and waste combustion
تشرح هذه المقالة ظروف تولد الديوكسين وشروط الاحتراق الأفضل للتخفيف من انبعاثات الديوكسين. وتتحدث عن تبريد الغازات لمنع إعادة تكون الديوكسين بعد الاحتراق أي “التخليق المتجدد للديوكسين“. وتتحدث عن تبريد الغازات لمنع إعادة تكوينه، وهذا ما يؤكد على ما سبق أن قلناه وشرحناه في مقالتنا السابقة.
هذه المقالة تؤكد ما قلناه بهذا الشأن، ننصح القراء الكرام الاطلاع عليها.
المرجع السابع:
http://www.etc.org/advanced-technologies/high-temperature-incineration.aspx
بعنوان: High temperature incineration
US Environmental technology Council
تتحدث هذه المقالة عن تقنية الحرق على درجات حرارة عالية وغرفتين للحرق، أولى وثانية. وتتحدث أيضا على نظام مكافحة تلوث الهواءAir pollution control system كجزء مكوِّن من المحرقة، وضرورة التحكم بالانبعاثات ومراقبتها، وكذلك عن إدارة الرماد (المكون من الرماد المتطاير الملتقط من الفلاتر، وكذلك رماد القاع)، حيث يتم فحصها لجهة احتوائها على تراكيز الترسبات الكيميائية الخطيرة والمعادن الثقيلة للتأكد من توافقها من كل مقاييس المعالجة والتخلص السليم.
مقالة جيدة جدا تؤكد كل ما قلناه وشرحناه فيما يتعلق بضرورة تجهيزات مكافحة تلوث الهواء وتنظيف الغازات والتقاط الرماد المتطاير عبر الفلاتر، ومعالجة الرماد بنوعيه (المتطاير ورماد القاع)، والتخلص منها بطريقة سليمة، أي طمرها بعد معالجتها وتصليبها solidification في مطامر متخصصة لاستقبال النفايات الخطرة. ننصح القراء الكرام بشدة الاطلاع عليها.
ختاما، إلى أهلنا في “ضهور الشوير” وفي الجنوب، حيث يروجون الآن لهذا النوع من المحارق، وإلى أهلنا في كل مناطق لبنان، هذه هي الحقيقة العلمية المتعلقة بمحرقة “ضهور الشوير“، نقولها لكي تكونوا على بينة من أمركم، ولكي لا تكونوا ضحية معلومات غير دقيقة، يشكل الإنجرار إليها، والوثوق بها، مغامرة كبيرة على صحتكم وصحة أطفالكم، وصحة أجيالكم القادمة.