يرتدي مئات جنود الجيش في هندوراس ملابس مموهة ويتسلحون بقواطع للاغصان، فهم يخوضون حربا لا هوادة فيها ضد حشرة اتت حتى الآن على 400 الف هكتار من اشجار الصنوبر وتواصل تفشيها في غابات البلاد في كارثة يفاقمها الاحترار المناخي. وهؤلاء الجنود جزء من وحدة عسكرية تعمل في منطقة زامبرانو الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا شمال العاصمة تيغوسيغالبا، حيث تسببت هذه الحشرة بما يصفه الخبراء بالكارثة البيئية. ويقول لاكي مدينا المستشار في الجيش لمراسل وكالة فرانس برس فيما هو يراقب عمل الجنود الذين يقطعون الاشجار المصابة في الجبال “لن تترك لنا هذه الحشرات اكثر من نصف اشجار الصنوبر في هندوراس، هذا ان كنا محظوظين”. ويقر قادة هذه الوحدة العسكرية بعجزهم في مقارعة هذا العدو، ولذا طلبوا العون من المعهد الوطني للحفاظ على الغابات ومن القيادة العسكرية للقوات المسلحة المسؤولة عن الغابات. ويتحرك الجنود في مجموعات ثنائية، قاطع اشجار ومساعد له، وهم ينقضون على الاشجار المصابة في الغابات المنتشرة في مختلف مناطق البلاد، في اطار عملية اطلق عليها اسم “الارض المحروقة” ترمي الى وقف زحف هذه الحشرات، في مهمة لا تبدو سهلة. ويقول الكولونيل برنارو افيلا نائب قائد الوحدة لوكالة فرانس برس “انه امر محزن”، اذ يتعين على الجنود “قطع اشجار للحفاظ على الغابة” بحسب تعبير لاكي مدينا. ووفقا لانجيلا سيفيا الخبيرة في المعهد الوطني للحفاظ على الغابات، يتطلب الامر “اربعين عاما الى خمسين حتى تعود الغابة كما كانت”. تشير البيانات الرسمية الى ان هندوراس تضم خمسة ملايين هكتار من الغابات، تشكل غابات الصنوبر 1,9 % منها. في العام 2014، دمرت حشرة دندروكتوموس فرونتاليس 15 الف هكتار من غابات الصنوبر، وفي العام 2015 ارتفعت هذه الارقام كثيرا، بحسب مدينا. ويقول “في آخر شهر ايلول/سبتمبر تحدثت الارقام الرسمية عن اصابة 130 الف هكتار، اما في شهر تشرين الثاني/نوفمبر فقد ازدادت هذه الارقام ثلاثة اضعاف” مع بلوغ المساحة المصابة 400 الف هكتار. سرطان الصنوبر

AFP / ORLANDO SIERRA

أ ف ب – أورلاندو سيرا

تشرف الثكنة العسكرية لهذه الوحدة المولجة بمكافحة الحشرات على تلال خضراء، يمكن ملاحظة وجود بقع داكنة في بعض مناطقها، وهي المناطق المصابة. وعلى جذوع هذه الاشجار التي ترتفع خمسين مترا، وعمرها خمسون عاما، يمكن ملاحظة وجود عصارة تفرزها الاشجار للدفاع عن نفسها ضد هذه الحشرات. لكن هجوم الحشرات اقوى من دفاعها، فسرعان ما تموت، ويقول مدينا “انه اشبه بمرض السرطان لدى البشر”. يؤكد الخبراء ان السبب في ازدياد اعداد هذه الحشرات مرده الى الاحترار المناخي، والى موجات الحر التي جعلت اعدادها تزيد اكثر من خمسة اضعاف في العام 2015. وفاقمت ظاهرة ايل نينيو المناخية من حدة المشكلة ايضا، اذ تأخرت الامطار من موعدها المعتاد في النصف الثاني في ايار/مايو الى ايلول/سبتمبر. علما ان ظاهرة ايل نينيو الناجمة عن التيارات البحرية ما زالت محل خلاف بين العلماء حول ارتباطها بالاحترار المناخي ايضا. ويقول سيرخيو كوينونيز الخبير البيئي المكسيكي الذي ارسلته سلطات بلده لمساعدة هندوراس “مدة الجفاف الطويلة تلقي ضغطا على الاشجار وتضعفها”. وينصح هذا الخبير باحراق الاشجار الميتة، لان الحشرات تعيش فيها، والاستفادة من بيعها لتمويل الحملة ضد هذه الحشرات. وتوصل العالم خوسيه دومينغو مونتويا الذي يعمل في صفوف الفريق، الى صنع مبيد حشري مصنوع من النبات يختبر حاليا اثره على الاشجار المصابة. ويقول “حان الوقت لنبدأ بالتفكير، وان نتعاون لوقف هذا النوع من الكوارث التي ستزداد وتيرتها بسبب التغير المناخي”. (أ ف ب)

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This