د. محمود الأحمدية

لم نكن نتوقع وسط أزمة النفايات أن نبقى أسرى ما نواجه من تبعات صحية وبيئية خطيرة، لكن أن تصل أخطر أنواعها، ونعني النفايات الصناعية والكيميائية إلى ربوعنا وقرانا ومدننا، فهذا يستدعي مراجعة نقدية لتقييم ما آلت إليه أوضاعنا، ونحن نواجه ما هو أخطر أيضا، وسط لامبالاة الحكومة وعجزها عن استباق الأزمة، وفشلها لاحقا في مواجهتها.

وصلت النفايات الصناعية والكيميائية إلى الطريق الدولية بين صوفر والمديرج، وتم رميها في الهواء الطلق، ولامست أطراف بلدة الشبانية، ولم يحرك أحد ساكنا، وكأن شيئا لم يكن.

في السنوات الأخيرة، ولتفهم مدى خطورة ما وصلنا إليه، كبُرَ الإهتمام وتزايد بشأن الآثار الضارة والخطيرة لهذه النفايات الصناعية والكيميائية على صحة الإنسان وبيئته، ومنذ الستينيات من القرن الماضي، توثقت حقائق علمية دامغة، لجهة الآثار المؤذية للمبيدات الصناعية وكلوريد الفينيل وثنائيات الفينيل، وخلال العشرين سنة الماضية استأثرت مركبات أخرى بالإهتمام، ومن أخطرها الديوكسينات والرصاص والزئبق والمعادن الثقيلة الأخرى.

تسبب هذه النفايات تلوّثاً للمياه الجوفية من خلال تسرب السوائل فيها، وتلوث الهواء بشكل مباشر، والطامة الكبرى إذا جرى حرقها، فتأثيرها يطاول الجهاز التنفسي وتسبب أمراض القلب وأمراض الرئة وتهيج العيون وأمراض خطيرة كالسرطان، وبمجرد حرقها تظهر 75 مادة كيميائية تلوث الهواء والماء والتراب، وتدخل السلسلة الغذائية فتدمر سلامة ونظافة اللحوم ومشتقات الحليب والأسماك والبيض.

من خلال سرد هذه الأخطار يتبين لنا حجم الإهمال والتسيب واللامسؤولية من الذين يرمون هذه النفايات، وهي تدل على درجة الإنحطاط التي وصل إليه الوضع البيئي في البلد، وهي مؤشر على إفلاس المسؤولين، ولا بد أن نعلي الصوت وننبه ونحمّل مسؤولية ما يحدث لأهلنا في المنطقة من آثار تلويث هذه المواد الصناعية الكيميائية، وننصح الحكومة بترك سياسة النعامة والهروب إلى الأمام عبر بدعة ترحيل النفايات إلى الخارج، مع تأكيدنا وإيماننا بأن الحل الوحيد للنفايات هو فرزها من المصدر وتدويرها.

ونؤكّد أننا سنلاحق من رمى هذه النفايات الخطرة، ولن نتوقّف عن متابعتها حتّى يظهر المسؤولون عن رميها، وترحيلها فوراً من أماكن وجودها قبل أن يستفحل خطرها ونصل إلى نتائجها المدمّرة.

 

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

عضو اللجنة البيئية في نقابة المهندسين

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This