أنور عقل ضو

للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة تتصدر قضية المناخ اهتمام الأميركيين، رغم الأصوات غير المستعدة للتنازل (عن قصد أو سوء تقدير) والاعتراف بمشكلة المناخ كقضية كونية، فالسجال الدائر يتعمق أكثر، مع فارق بسيط لجهة أن المتمسكين بمقولة أن لا مشكلة مناخية باتوا موضع سخرية ويوسمون بـ “الغباء”! بحسب توصيف صحيفة الـ “واشنطن بوست” الواسعة الانتشار.
لا يمكن تناول هذه المسألة بنظرة بسيطة وسطحية، فالغباء هنا، يدخل في باب المصالح السياسية والاقتصادية، بين المتمسكين بالوقود الأحفوري وبعضهم من غلاة الجمهوريين من جهة، وحاملي لواء الطاقة المتجددة من جهة ثانية، بمعنى أن عدم الاعتراف بالتغير المناخي يعني التمسك بالغباء كخيار تسخر من أجله حملات منظمة يقودها الجمهوريون، وبينهم السناتور الجمهوري لولاية أوكلاهوما جيمس إنهوف، حيث دفعه البرد الشديد الشتاء الماضي إلى جلب كرة من الثلج إلى مجلس الشيوخ للسخرية من علماء المناخ، لكن، وبمفارقة ليست في صالحه لن يتمكن إنهوف من تكرار فعلته هذا الشتاء الذي يشهد طقساً حاراً بحيث لا توجد حتى ندف ثلج في منطقة واشنطن.
وبحسب الـ “واشنطن بوست” فإن المتابعين للنقاش حول المناخ في الولايات المتحدة يدركون أن سنة 2015 تأرجحت بين الآمال الملهمة وخيبات الأمل المثبطة، وقد وضعت “وكالة حماية البيئة” للرئيس باراك أوباما اللمسات الأخيرة على اللوائح التنظيمية التاريخية لغاز ثاني أوكسيد الكربون، وهي تنص على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من محطات الطاقة في أميركا، وبالفعل، فقد لعبت هذه الخطوة دوراً حاسماً في دعم الجهود المبذولة في مجال المناخ دولياً، وبلغت ذروتها الشهر الماضي وظهرت في صورة اتفاق دولي للحد من التغير المناخي في مؤتمر باريس للمناخ COP21.
المشكلة أن القواعد التي وضعتها “وكالة حماية البيئة” وبحسب الصحيفة عينها، ألهمت بعض الجمهوريين للدخول في سباق لإحراج أنفسهم! فكرر البعض مثل السناتور ماركو روبيو (ولاية فلوريدا) والسناتور تيد كروز (ولاية تكساس) الانتقادات المعتادة بأن لوائح المناخ ستضر الاقتصاد دون جدوى، وأصر السناتور كروز على أن ظاهرة الاحتباس الحراري توقف منذ العام 1998!
ومثل إنهوف وكرته الثلجية، تجاهل كروز الطبيعة طويلة الأجل للتغير المناخي والاحتباس الحراري. وقد نشرت مجلة “ساينس” العلمية بحثا يشير إلى أن “التوقف” في ارتفاع درجات الحرارة يعكس انحرافات في بيانات درجة الحرارة، بدلاً من وجود ثبات كبير في ارتفاع حقيقي لدرجة الحرارة.
لكن ما يجب الإشارة إليه في هذا المجال، ما ذكرته أيضا الـ “واشنطن بوست”، حين دعت إلى أن يضع المرشحون للرئاسة، فضلاً عن الناخبين الأميركيين أحداث العام الماضي في اعتبارهم وأن يسألوا أنفسهم: “هل يريدون الاستفادة من التقدم الذي حدث في موضوع تغير المناخ في عام 2015 أم يريدون مزيداً من الغباء حول نفس الموضوع؟”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This