د. أكرم سليمان الخوري

إن تدخل الإنسان في الطبيعة عبر الأزمنة السالفة لم يكن دوماً بالاتجاه المفيد، إذ أنه  في الماضي كان يقوم بقطع الأشجار الجيدة النمو والمستقيمة بهدف بيعها، وترك الأشجار الملتوية والضعيفة بحيث تبقى بالنهاية أسوأ الأشجار والتي ستكون مسؤولة عن تجديد الغابات طبيعياً، وبهذه الطريقة وخلال فترة طويلة من الزمن بدأت تتركز الصفات السيئة في المجموعات الحرجية، بينما تختفي الصفات الحسنة، حتى نصل في النهاية إلى مجموعات حرجية سيئة الصفات.

إن استمرار هذا الاصطفاء للصفات السيئة يمكن أن يؤدي مع الزمن إلى ولادة عروق جديدة إلا أنها سيئة من وجهة نظر بيئية، حيث إننا مع الأسف الشديد نجد جامعي البذور المستخدمة في الإكثار بالمشاتل الحراجية كثيراً ما يلجأون إلى هذه المجموعات الحرجية، ليس رغبة فيها فحسب، بل لأن الأشجار تكون قصيرة ملتوية يسهل جمع البذور منها، خصوصا عندما يطلب منهم جمع كميات محددة من البذور في اليوم، بغض النظر عن عدد ساعات العمل (كمية مقطوعة، أي جمع مثلاً كمية نصف كلغ من البذور في اليوم بغض النظر عن النوعية)، فقد يجمع البذور من الأرض أيضاً وليس من الأشجار.

يعد هذا النوع من الاصطفاء التراجعي أو الاصطفاء نحو الأسوأ  من  أهم الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها البيئي، والذي يجب علينا محاربته، لأن استعمال البذور الجيدة والمحسنة هو من أهم العوامل في تحسين واقع الغابات كماً ونوعا. وهو ما يسمى بالنهاية التبسيط الوراثي، أي أن النوع ينتشر ضمن مساحة ضيقة جداً نتيجة عمليات تدهور الغطاء النباتي، أو تدهور التربة الحراجية، بحيث لا يبقى من النوع إلا عددا من الأفراد، ويمكن أن تكون متدهورة الصفات الوراثية من حيث الطول أو تعرج الساق.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This