أنور عقل ضو

ما عاد يجدي التصويب على الحكومة والسلطة السياسية لمواجهة أزماتنا من السياسة إلى الإقتصاد وصولا إلى أزمة النفايات الحاضرة منذ سبعة أشهر ونيف، فليس ثمة من لا يعلم أن معاناتنا منذ نشوء لبنان كياناً “مستقلا”، هي نتاج صفقة بين الطوائف برعاية خارجية، ترافقت مع إعلان استقلال صُوَري، بدليل أن لبنان لم يخرج يوما من دائرة الوصاية الخارجية، وإذا ما عدنا إلى الوراء نجد أن ليس ثمة رئيس واحد منذ العام 1943 جاء من دون وصي خارجي، لا بل أورثنا النظام الطائفي حروبا أهلية (1958 و 1975)، فيما نعيش منذ سنوات عدة حروباً أهلية متوارية عطلت وما تزال الحياة السياسية لصالح قوى إقليمية ودولية.

نعم، ما عاد يجدي التصويب على نظام بات غير قادر على تجديد نفسه، نظام عاجز حتى عن إنتاج سلطة جديدة، ولو فاسدة أيضا! نظام يستمد القدرة على البقاء من ضعفنا، حتى أن مجتمعنا الأهلي المفترض أن يشكل رافعة حقيقية للنهوض بالدولة، بات نموذجا مصغراً لدولة الطوائف في حدود كبيرة، وإلا كيف نفسر بقاء طبقة سياسية فشلت في إدارة المؤسسات وأبقتها رهينة قوى الفساد السياسي والمالي؟

من هنا، لا بد مقاربة مختلفة تبدأ من ضرورة إجراء مراجعة نقدية، أولا على مستوى القوى والأحزاب غير الطائفية، وتاليا المجتمع المدني، والبحث، في حدٍّ أدنى عن الأسباب التي ساهمت بتراجع الحراك الأهلي، فالأحزاب العلمانية تواجه إشكاليات كثيرة، صحيح أنها غير قادرة على مقارعة السلطة بما تملك من مقدرات، لكنها في المقابل لم تتمكن من تجديد خطابها السياسي، وبعضها ارتضى العيش على ما أغرته به السلطة من مواقع ومناصب، وهي في الغالب أحزاب تنكرت لتاريخها وعطلت ملكة الإبداع على مستوى الفكر والثقافة.

وتبقى المشكلة الأكبر متمثلة في الجمعيات البيئية والأهلية، خصوصا وأن كل جمعية فُصِّلت على مقاس “رئيسها” الدائم، والاستثناءات تكاد تكون نادرة إن لم تكن معدومة، ولا يمكن لجمعية أن تستقطب المريدين والمقتعنين بأهدافها البيئية أو الاجتماعية، وهي تفتقر للحياة الديموقراطية وتدول المسؤولية، جمعيات على المقاس يديرها ويقرر نشاطاتها ويصوغ خطابها الاستعراضي “الرئيس” One Man Show!

أما جمعيات الحراك الأهلي، فمحكومة بـ “ورم” حضورها، وأسيرة انقساماتها، وهي ابتعدت عن وجع الناس مذ بدأت تتلهى بالاستئثار بـ “كادر” كاميرات الفضائيات.

صحيح أن لا أمل في السطة، لكن أن نفقد الأمل بمؤسسات المجتمع الأهلي، فهذا يعني أننا افتقدنا حيوية النضال في سبيل حاضر وغد… واقع ومرتجى!

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This