مايا نادر

أفاد تقرير صادر عن “المنتدى الاقتصادي العالمي” أن محيطات العالم ستحتوي على كميات من البلاستيك أكثر من احتوائها على الاسماك بحلول عام 2050!

وفي حين اشارت المنظمة الدولية في تقريرها الجديد الى أن استخدام البلاستيك قد زاد بنسبة 20 مرة في السنوات الـ 50 الماضية، فمن المتوقع أن يتضاعف مرة أخرى في السنوات الـ 20 المقبلة،و توقع الخبراء أيضا أن تزيد كمية البلاستيك المنتجة عالميا 3 أضعاف بحلول عام 2050 لـتصل إلى 1124 مليون طن.

وخلص التقرير إلى أن 32 بالمئة من جميع عمليات التعبئة والتغليف البلاستيكية تتهرب من أنظمة فرض تكاليف اقتصادية عليها، الأمر الذي يضر بالنظم الطبيعية والبيئية، مثل المحيطات والبحار والأنهار، فضلا عن التسبب في انسداد أنظمة البنية التحتية الحضرية.

حقيقة صادمة ومقلقة تتطلب من كل البلدان واولها لبنان ان تنظر بشكل علمي وواقعي الى الكمية المستهلكة من البلاستيك بالدرجة الاولى، ونظافة شواطئها ومياهها بالدرجة الثانية، خصوصاً وان البحر الأبيض المتوسط والأرياف المطلة عليه تعاني من تلوث كبير بسبب أكياس البلاستيك، ولا سيما من الأجزاء البلاستيكية الصغيرة العالقة في البحر، كما يقول الدكتور هيربيرت فيفرس من “جمعية الحفاظ على البيئة”.

أضرار متفرقة

تشير الدراسات الى انه بمجرد وصول أجزاء من الأكياس البلاستيكية وغيرها من المخلفات البلاستيكية إلى البحار والمحيطات، سواء من مواقع التخلص من النفايات القريبة منها، أو من خلال طرح النفايات أو القمامة في البحر، سواء من السفن العابرة أو من سفن الصيد وغيرها، قد تبتلع الحيوانات هذه الأكياس والمخلفات البلاستيكية، أو تتعرقل حركتها فتموت. وقد تمّ تقدير عدد الحيوانات البحرية التي تنفق سنوياً بسبب هذه النفايات بحوالي مليون طائر بحري وحوالي ميئة ألف من الحيتان والحيوانات البحرية الاخرى.

ولا يقتصر الامر على الحياة الحيوانية فحسب، بل يتعداها ليصل تأثير البلاستيك الى الحاق الضرر بالشعاب المرجانية من خلال التفاف أكياس البلاستيك حولها، الامر الذي قد يحرمها ضوء الشمس والتيارات المائية المتجددة الداخلة والخارجة منها وإليها والتي تحمل لها الطعام والأوكسجين، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تدهورها.

اسماك المزارع تتكاثر

الباحث في علم الاسماك في الجامعة الاميركية، الدكتور عماد سعود صنّف في حديث لـ greenarea.info انواع البلاستيك المضرة بالحياة البحرية، مشيراً الى ان “القطع الكبيرة منها كالالعاب مثلاً لا تشكّل الضرر الاكبر، في حين ان القطع الاصغر والاخرى الـمتناهية في الصغر او الـ Nano particule تشكل مصدر الاذى الاكبر، فالفئة الاولى تعوم على سطح المياه ولا يمكن للاسماك التهامها الا عندما تتحلل بعد سنوات عدة وتقطّعها بفعل الامواج او اية عوامل بيئية او بشرية أخرى”.

“الخطر يتفاعل مع السلاحف البحرية وبعض الاسماك” بحسب سعود، وذلك “بسبب القطع البلاستيكية المتوسطة الحجم التي تاكلها اعتقاداً منها بانها طعاماً مغذياً، فتختزنها في احشائها، الامر الذي يسبب في شعورها بالتخمة، فتموت جوعاً، لان أمعاء الأسماك لا تستطيع هضم البلاستيك، وبالتالي يمنع امتلاؤها بالبلاستيك من دخول العوالق البحرية الغذائية وهضمها. وليست الأسماك فقط من تعاني من أضرار أكياس البلاستيك بل الطيور البحرية أيضاً، والتي قد تعلق بالأكياس البلاستيكية وتموت اختناقا بها”.

وتشكل الاكياس البلاستيكية الخطر الاكبر على السلاحف البحرية التي تأكلها اعتقاداً منها بأنها قناديل بحر التي بدورها تشكل الغذاء الاكبر لتلك المخلوقات البحرية .

الامر نفسه ينطبق على تناول الاسماك الصغيرة للقطع البلاستيكية التي لا يوازي قطرها حجم رأس الدبوس، فتموت قبل ان تكبر، الامر الذي اعتبره سعود “الاكثر خطراً لاننا بذلك نقضي على الاسماك قبل ان تكبر وتتكاثر”.

التصنيف الثالث الذي عدّده سعود من الاخطار المحدقة بالحياة البحرية، يتمثل بـ “القطع البلاستيكية المتناهية الصغر التي تعلق على خراشيم الاسماك، وتؤثر بالتالي على القدرة التنفسية وعلى جهاز المناعة، الامر الذي يسبب الحساسية لتلك الاسماك وبالتالي يؤدي الى نفوقها”.

في هذا السياق، اشار سعود الى ان “لبنان لا يعتبر من البلاد الغنية بالثروة السمكية”، الا انه تأسّف على انه بدلاً من مساعدة حياة بحرية على التكاثر، يتم القضاء عليها بسبب طرق الصيد الجائرة والبشعة التي يعتمدها الصيادون، من ديناميت وغطس وغيرها”.

وفي مقابل التقرير الذي اصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، اشار سعود الى أن “لبنان ولاول مرة في العام 2015 يعتمد أبناؤه على تناول نسبة 51 بالمئة من اسماك المزارع مقابل 49 بالمئة من الاسماك البحرية، الامر الذي يتطلب دق ناقوس الخطر”.

وقامت حوالي خمسة وعشرين بالمئة من بلدان العالم بالفعل بحظر الأكياس البلاستيكية، مثل بعض البلدان الأفريقية وأستراليا والهند، أو بفرض ضرائب على استخدامها، مثل بلجيكا وإيرلندا، وذلك وفقاً لمعلومات وزارة البيئة وحماية الطبيعة الألمانية.

اليوم ومع النفايات التي باتت تغرق شوارعنا، هل يتنبّه لبنان لهذا الانذار من أجل حماية ما تبقى من “ثروة سمكية” وحياة بحرية؟

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This