د. أكرم سليمان الخوري

أسئلة تخطر على بال الكثيرين من الذين يعملون في المجال البيئي، هل البيئة في أولويات صانعي السياسة في العالم؟ هل الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الصادرة تصب في خدمة الدول الفقيرة؟ أم أنها نتيجة حتمية للتقدم العلمي والتكنولوجي الفائق الذي حققته الدول الصناعية، مقارنة بما هو موجود في ظروف العالم الثالث من فقر وجهل وسوء إدارة، استغلته الدول الصناعية لفرض أنظمتها وقوانينها في شكل اتفاقات ومعاهدات دولية؟
في الحقيقة تصعب الإجابة عن كل هذه الأسئلة في هذه العجالة، لكن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أورد الكثير من المعلومات التي تؤكد أن البيئة لم تكن يوماً ما ضمن أولويات صانعي السياسة في العالم، وإنما يؤخذ بها كشعارات في حملاتهم السياسية.
المهتمون بالعمل البيئي مطلعون بشكل كامل على الرفض المستمر من قبل الدول المتقدمة لنقل التقنيات العلمية إلى دول العالم الثالث، مقابل استفادتهم من الموارد والثروات الطبيعية الموجودة، وهذا دليل مؤكد على توجهات تلك الدول في فرض الهيمنة والسيطرة على موارد الأرض وثرواتها الطبيعية للمرحلة القادمة، فعندما طرح موضوع الغازات المؤثرة في طبقة الأوزون، ومنها غازات التبريد والتكييف (غاز الفريون – هالون) رقم 11و12، فقد تم انتاج غاز بديل له يسمى (فريونات HF2)، فرض تطبيقه واستعماله وبيعه على العالم، علما أن هذا الغاز ينتج في دول صناعية معينة، كما تم إيقاف إنتاج الغاز القديم، وبالتالي إتلاف الملايين من الاجهزة الكهربائية الجديدة المستخدمة للغاز القديم، خصوصا في روسيا والصين، وذهبت قوافل التجار العرب إلى الصين لشراء المكيفات القديمة، وبيعها في الاسواق المحلية العربية بأسعار رخيصة لأن تنفيذ الاتفاقيات يأتي متأخراً في هذه الدول، علماً بأن هذه المكيفات تعتبر من النفايات الخطرة.
كما أن البيئة لم تسلم أبداً من السياسات العسكرية للكثير من دول العالم، فرغم التدهور الحاصل في البيئة العالمية، ورغم انتشار التلوث والأمراض الناتجة عن الحروب، لا تزال الدول العظمى تصر على سياسات التسلح المدمرة للبيئة ولكل أشكال الحياة، والمجال واسع للحديث عن حرب العراق وآلاف الاطنان التي ألقيت في حرب الخليج 1991 والحرب الاميركية على العراق في 2003، ومعارك البلقان 1995 وحرب افغانستان 2001، وحالياً في الحرب على سوريا.
الأهم من ذلك، أنه مع كل الصراعات في المنطقة قد تأتي حكومات مستقبلية (بحجة التنمية وإعادة الاعمار) تعمل على نقل الصناعات الملوثة من الدول المتقدمة إلى بلدانها النامية الأقل التزاما بحماية البيئة، مع أن ذلك قد يؤدي على المدى القريب إلى تأمين فرص عمل كبيرة في تلك الدول، إلا أنها ستزيد من نقل الملوثات إليها وهنا الطامة الكبرى.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This