بسام القنطار

اختارت رئاسة مجلس الوزراء ان تمهل شركة شينوك ٤٨ ساعة لاتمام جميع المستندات المتعلقة بقبول دولة اجنبية دخول نفايات لبنان المنزلية الى اراضيها، وبحسب مصدر واسع الاطلاع فان رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر ابلغ مدير عام شينوك فراس الزلط ان هذه المهلة تنتهي عند العاشرة من صباح يوم غد الجمعة. حيث يفترض ان تفحص الدائرة القانونية في المجلس هذه الاوراق (فيما لو قدمت)، وان ترفع تقريراً الى رئاسة مجلس الوزراء تبلغه فيها بالموقف النهائي سواء لجهة تثبيت مبدأ التعاقد مع الشركة واعداد مسودة العقد، او انفاذ قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ ٢١ كانون الاول ٢٠١٥ الذي نص في الفقرة الثانية منه ، على انه في حال عدم تقديم الشركة التي وافق مجلس الوزراء على التعاقد معها لترحيل النفايات المستندات المطلوبة يكلف مجلس الانماء والاعمار باستدراج عروض جديدة وذلك بعد مصادرة الكفالة المصرفية والبالغة ٢.٥ مليون دولار.
لماذا فترة الـ ٤٨ ساعة ؟ السبب يعود بحسب متابعين الى ان الرئيس سلام يريد تفادي اعلان موقف حاسم من الترحيل داخل جلسة مجلس الوزراء غداً، ويفضل على ضوء النتيجة التي سيتلقاها يوم الجمعة ان يدعو الى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء تخصص لمناقشة قضية النفايات في غضون الايام المقبلة، علماً ان الاتجاه بان يعلن الوزير المكلف بمتابعة الملف أكرم شهيب تخليه عن هذه المهمة واستعادة الملف من قبل وزارة البيئة التي يفترض ان تبحث عن حل مرحلي جديد، يتزامن مع اطلاق مجلس الانماء والاعمار لمناقصة التفكك الحراري بالاستناد الى دفتر الشروط الذي اعدته شركة رامبول الدنماركية.
وعمل بالمثل الشعبي اللبناني “لو بدا تشتي غيمت” فانه من المستبعد ان تبادر السلطات الروسية الى منح شينوك جميع المستندات المطلوبة وذلك بعد ان تحولت القضية داخل روسيا الى قضية رأي عام ان لجهة رفض نواب منطقة “كراسنادار” جنوبي روسيا دخول نفايات لبنان الى منطقتهم، او لجهة معارضة الجمعيات البيئية الروسية بعد ان نجحت أولغا سبيرانسكايا، الرئيسة المشاركة لمنظمة «آيبن» العالمية ورئيسة جمعية «Eco-Accord» الروسية، في حشد ائتلاف يضم عدد كبير من الجمعيات البيئية وضمنهم غرينبيس – روسيا وتقديم اعتراض وشكوى رسمية حول هذه القضية الى وزارة البيئة الروسية. علماً ان صناع القرار داخل الدائرة الحكومية الضيقة في روسيا منقسمين فيما بينهم حول هذا الموضوع بين موافق ومعارض، في تكرار لنفس السيناريو اللبناني المتعلق بقضية ازمة النفايات، وسط ترجيحات تشير الى ان روسيا ستمتنع عن تسليم اي ورقة تجيز لشركة شينوك التعاقد مع شركة روسية لحرق او طمر النفايات داخل اراضيها.

الورقة المزورة والتحقيقات القضائية

وبالعودة الى التصريح الصادر عن مدير قسم الاعلام في وزراة البيئة الروسية Nikolai Gudkov حول الوثيقة المزورة التي ادعى انه تسلمها من سفارة الجمهورية اللبنانية في موسكو بخصوص موافقة وزارة البيئة الروسية على استقبال النفايات. نفى سفير لبنان في موسكو شوقي بو نصار ان تكون السفارة اللبنانية قد قامت باي خطوة تتعلق بتسليم او استلام او السؤال عن الورقة التي تحمل وفق الادعاء الروسي توقيع مزور لوزير البيئة سيرغي دونسكوي.
فما هي حقيقة هذه الورقة ؟ وهل هي فعلاً ورقة مزورة او انها مجرد كتاب غير رسمي وقعه دونسكوي ولم يسجل وفق الاصول في دوائر الروسي، وتنصل منه في وقت لاحق ؟
اطلعت greemarea.me على نسخة عن هذه الورقة الروسية التي صيغت باللغة الانكليزية، وتبين انها طبعت بالفعل على LetterHead وزارة البيئة الروسة وتحمل ختم الوزارة واسم الوزير وتوقيعه اضافة الى ختم “صادر” باسم الوزارة كتب عليه بخط اليد تاريخ الصدور (١٢ شباط ٢٠١٦) لكنه خانة رقم الصدور ترك فارغاً.

وبحسب مضمون الورقة فانها موجهة الى وزير البيئة اللبناني محمد المشنوق، وتتضمن العبارة التالية ” ان وزارة البيئة قد اخذت علماً بالاتفاق الموقع بين شركة شينوك البريطانية وشركة Transtromehanizacia الروسية لحرق النفايات المنزلية المستوردة من لبنان شرط انطباقها مع المعايير المقبولة من قبل السلطات الروسية”.
وبحسب معلومات واسعة الاطلاع فان هذه الورقة التي ارسلت بالفاكس من قبل شركة شينوك الى مجلس الانماء والاعمار والى وزارة البيئة في نفس اليوم الذي صدرت فيه، رفضت الدائرة القانونية في المجلس الاعتداد بها وطلبت الحصول على نسخة اصلية منها مصادق عليها من قبل السفارة الروسية في بيروت، وهذا ما لم يحصل حتى تاريخه. كما علمت greemarea.me ان هذه الورقة هي المستند الثاني الذي تسلمه مجلس الانماء والاعمار من قبل الشركة وكان قد سبقه مستند موقع من قبل شركة Poctex الروسية http://rt-neo.ru وهي فرع من مجموعة Rostec – NEO المتخصصة بادارة النفايات والتابعة لمجموعة Rostec لتي تعتبر من كبريات الشركات الروسية المتخصصة بالصناعات الثقيلة ومن ضمنها الاسلحة والطائرات، وموجه الى وزارة البيئة اللبنانية ومجلس الانماء والاعمار يفيد ان الشركة ترحب بالعقد الموقع بين شريكتها Transtromehanizacia وشركة شينوك على استيراد النفايات المنزلية من لبنان لمعالجتها من مصانع الشركة “كراسنادار”.
وفي حين يفترض ان تتبين التحقيقات القضائية الروسية التي اعلنت وزارة البيئة انها طلبت البدء بها، حقيقة واقعة التزوير ومن يقف ورائها، بدت السلطات اللبنانية غير معنية بفتح تحقيق مماثل، واكتفت بالتاكيد على طلبها بالحصول على اوراق اصلية ومصدق عليها وفق الاصول وكأن واقعة التزوير واستعمال المزور لم تقع ! وكانت “حملة بدنا نحاسب” تقدمت بإخبار عن تزوير مستندات لما أسمته “صفقة ترحيل النفايات ورشاوى”، وذلك لدى النيابة العامة التمييزية. واعتبر الاخبار ان “بعض الاشخاص المولجين بعملية الترحيل في  شركة شينوك هم ضمن شبكة شركات وأفراد متهمين برشاوى وفساد في أكثر من دولة، وانه يوجد سمسرات في الصفة ورشاوى لمسؤولين لبنانيين”، لافتا الى ان “تسليم الصفقة الى مجلس الانماء الاعمار غير قانوني لعدم صفة المجلس”، وداعيا الى التحقيق مع شركة شينوك ومجلس الانماء والاعمار والمسؤولين اللبنانيين الذين أتموا الصفقة”. كما تقدمت “مجموعة الشعب يريد اصلاح النظام” بإخبار لدى النيابة العامة المالية، ضد شركة “شينوك” يتضمن موضوع هدر أموال عامة عن طريق التزوير والاحتيال. وأبرزت المجموعة المستندات والادلة الموجودة لديها. ومساء نفذت حملة بدنا نحاسب وحملة الشعب يريد اصلاح النظام وحملة جايي التغيير اضافة الى حملات اخرى من الحراك المدني، وقفة احتجاجية ، امام منزل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، لمطالبته بإلغاء مهلة 48 ساعة، التي منحها سلام لشركة شينوك ،واستغربت الحملة في بيان “انه وبدل ان يفتح التحقيق بالإخبارات التي تم التقدم بها امام القضاء اللبناني، اعطيت الشركة مهلة جديدة خارج المهل لمكافأتها بمئات ملايين الدولارات”. ودعت الى وقفة احتجاجية في العاشرة من صباح الخميس لاستكمال الملف على ان يحدد موقع الاعتصام لاحقاً لمزيد من الحذر”.

اتفاقية بازل والمستندات المقبولة

وفيما ركزت التقارير الاعلامية على ان المستندات المطلوب تقديمها لاتمام صفقة الترحيل تتعلق حصراً بقبول وزارة البيئة في البلد المعني ومصادقة وزارة خارجية هذا البلد على الورقة الصادرة عن وزارة البيئة، تبين ان هذه المستندات يجب ان تتضمن قبول السكريتاريا الوطنية او ما يعرف بنقطة/جهة الاتصال Focal Point في الدولة الطرف في اتفاقية بازل بشان التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، ‬والتي تكون مسؤولة عن تلقي المعلومات وتقديمها وفقاً لما نصت عليها الاتفاقية، والتي يفترض ان تتبع “السلطة المختصة” وعادة ما تكون وزارة البيئة في الدولة، والتي تكون مسؤولة عن استلام الاخطار بنقل نفايات خطرة أو نفايات أخرى عبر الحدود، وأي معلومات تتعلق بها، وعن الرد على هذا الاخطار.
وبحسب معلومات greenarea.info فان شركة شينوك التي دأبت منذ قرابة الشهرين على البحث عن خيارات عدة لترحيل النفايات البنانية الى اكثر من بلد، تعمل بالتوازي مع مساعيها للحصول على موافقة روسية الى اعادة خلط الاوراق من خلال تقديم مستندات اولية تفيد بموافقة مبدأية من دول اخرى غير روسيا مع طلب الحصول على مهل اضافية للحصول على الموافقات، علماً ان الموعد النهائي الذي كان يفترض ان تلتزم به الشركة هو ٢٩ كانون الثاني الماضي اي انها حصلت حتى تاريخ اليوم على ٢٠ يوم اضافي عن المهلة القانونية التي نص عليها قرار مجلس الوزراء ، دون حسيب او رقيب ودون ان يوصي مجلس الانماء والاعمار بفض العقد الاولي معها ومصادرة الكفالة المصرفية. وبحسب المعلومات فان الدول التي تقول شينوك انها حصلت على موافقة مبدئية منها هي جمهورية أرض الصومال، أو صوماليلاند وهي منطقة حكم ذاتي تقع في القرن الإفريقي، على شاطئ خليج عدن، وبالتحديد في شمال الصومال، وتَعتبِر نفسها دولة مستقلة برغم عدم الاعتراف الرسمي بها من أغلبية دول العالم، التي تعتبرها لا تزال تحت سيادة الصومال. كذلك تقول الشركة انها حصلت على موافقة مبدئية من جمهورية غانا. وبحسب المعلومات المتوافرة فان الشركة سبق ان سعت للحصول على موافقة تركيا لدخول النفايات الى مصانعها في المنطقة الخاضعة لسيطرتها في جزيرة قبرص فلم تفلح في ذلك، كذلك فشلت مساعيها في الحصول على موافقة قبرص اليونانية، ولم تتلق اجوبة حاسمة من عدة دول اخرى.

السؤال التالي: ماذا نفعل؟
في المحصلة فان الساعة العاشرة من صباح يوم غد الجمعة هو موعد حاسم لسقوط خيار الترحيل كما هو مرجح، وبالتالي سيعاد بقوة طرح السؤال التالي: ماذا نفعل؟
يدعو البند الاول من القرار الوزاري الذي اتخذ قبل 6 أشهر، الى الاخذ بمبدأ لامركزية المعالجة وإعطاء الدور للبلديات واتحادات البلديات لتحمل مسؤولية الملف في المرحلة المستدامة وعلى المدى الطويل وفق آليات تنفيذية يجري إعدادها لهذه الغاية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من خطة المعالجة”. لكن الحكومة تحتجز حتى اللحظة اموال البلديات ، ولم يبادر وزير الداخلية نهاد المشنوق الى التعجيل بانشاء لجنة فنية برئاسته يفترض أن تتابع وتساعد البلديات لتحضير نفسها كي تتسلم الملف. وفي حين يتكدس في المكبات العشوائية والمرافق الحساسة (المرفأ والمطار) والاودية والانهر وجوانب الطرقات اكثر من نصف مليون طن من النفايات لا تزال اموال البلديات محتجزة والمناقصات ملغاة والحلول الارتجالية موضع نقاش، ولا يزال يصر البعض انه يمكن بدءاً من الغد العودة الى خيار المطامر الذي رفض شعبياً وسياسياً، وبين تلويح بعودة فتح مطمر الناعمة او انشاء حاجز بحري وردم وتحويل شاطئ الكوستابرافا الى مطمر ، وبين المحارق الصغيرة المتوسطة والكبرى يغرق لبنان بمزيد من الفوضى ويفاقم ازمته المفتوحة منذ ١٧ تموز ٢٠١٥، وبعد سباق مع الوقت لايجاد الحلول قبل شتاء ٢٠١٦ بات اقصى الطموح ايجاد الحلول قبل فصل صيف ٢٠١٦ الذي يبدو انه سيحل باكراً جداً هذا العام.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This