حسن مقلد

ان يتهم وزير خبيرا بيئيا او اعلاميا بالعمل لصالح شركة اجنبية (روسية ) او لصالح شركة محلية لانه عمل على كشف تلاعب وعارض صفقة مفضوحة رائحتها عابقة ومخالفة لكل منطق بيئي او اقتصادي، امر يدعو للغرابة !

ان يتهم  رئيس الحكومة الحراك الشعبي بالتآمر، ويتبنى اتهامات اطلقها وزيره الموثوق والواثق بمصداقية شركائه الجدد، غاضاً الطرف عن فضيحة مجلجلة يدركها كل من تعاطى في هذه القضية الا هو ولم تبق  جهة استشارية الا واكدت له استحالة التنفيذ وفق المعايير السليمة، رغم ذلك اصر هو كما اصر وزيره على المضي حتى النهاية بهذه الفضيحة دون ان يرف  لأي منهما جفن، كل ذلك، امر يدعو للسخرية!

انه من السخافة، ان يقول من يتحمل مسؤولية تكدس آلاف أطنان النفايات في الشوارع في جلسة مجلس الوزراء  كأنه يكشف سرا من اسرار الدولة،  ان مراسلات “مشبوهة” وجهها  خبير او إعلامي، في اطار تحقيق نشر للعلن،  للسؤال عن حقيقة امكانية تنفيذ مشروع ترحيل النفايات الى روسيا، هو امر يمسك عليه، او مصدر اتهام او ادانة!!!  اولا، لان توجيه الاسئلة، وتبادل المراسلات، مع الجهة المعنية من بديهيات العمل الصحفي،  وثانيا لأننا وثقنا في عدة “مانشيتات”، المراسلات التي وجهت، الى جمعيات بيئية صديقة نستوضحها الامر، كما نشرنا ردود الجمعيات بشكل كامل فأين “السر”..  وأين مخالفة العمل الإعلامي وأين الفضيحة؟ الا عند اصحاب الفضيحة ومحاولتهم الرد خبط عشواء..

غريب امر هذه الحكومة وخاصة القيمين على ملف النفايات، الذي لم تستفزهم بداية طبيعة نشاط الشركة الهولندية، وموقع مكاتبها الكائن في مطبخ في قرية في هولندا، ومن ثم تزويرها لموافقة وهمية من دولة سيراليون!!  كما لم يستفزهم اليوم رأسمال الشركة “موضع الازمة حاليا”  وحجم اعمالها المتواضع جدا، ولا وضعيتها المصرفية ، التي وصلتهم معلومات تفصيلية عنها، والتي تبين انها لا يمكن ان تواكب حجم اعمال اقل بكثير من الحجم المطروح.. وهذه الشركة لم تفتح عينيها على ملف النفايات في لبنان اخيرا، بل انها صاحبة محاولات قديمة، قامت بها في لبنان الا انها انتهت بفضائح، فرضت عليهم “الاختفاء”، ويعلمها اصحاب الشأن تماما!!..  والفضائح توالت… حيث جرى خرق قرار مجلس الوزراء القاضي بضرورة اعتماد شركتين، مع كفالتين ماليتين،  ليقتصر الامر بقدرة قادر على شركة واحدة، واستبيحت المهل وغض الطرف والكفالتين صارت كفالة واحدة مع حسم ٢.٥ مليون دولار وثم فضيحة التزوير على ذمة الوكالة الرسمية الروسية والمسؤولين الروس بعدما كان موقعي greenerea.me ، وRussia-now.com نقلا عن وزارة البيئة الروسية نفيها اصدار وثيقة.

كل هذا لم يجعل القيمين على الملف ولا رئيس الحكومة يسألون او يستغربون ما يحصل الا أنهم استغربوا العمل المهني بل اتهموا من فضح الامر بالتآمر.

الكارثة،  ان يتحول جوهر النقاش الى من فضح الصفقة،  وكيف فضحها ولماذا؟ والتداعيات الناجمة عن كشف الفضيحة، لا الفضيحة بحد ذاتها،  مع التستر على النقاش حول مسؤولية القيمين على الصفقة-الفضيحة،  والمسؤولين عن استمرار تراكم النفايات في شوارع المدن، والقرى دون اي حل.. والاسوأ من ذلك ان يجاهر “كبار القوم” بعدم فهمهم اين المشكلة واين الفضيحة!! ما يشي ان هناك ابعد من عن عجز الحكومة.. بل ربما تواطؤ أركان أساسيين فيها في التغطية والمشاركة ومن ثم التبرير والاعلان عن عدم فهم أين الازمة التي هي اليوم كلام الناس ؟

منذ اليوم الاول تقاطعت آراء المشاركين في greenarea.info  حول ان الصيغة الامثل لحل ازمة النفايات لابد ممن ان تمر عبر مراحل الزامية، تبدأ بفرض ضريبة على منتجات النفايات الصعبة، وثم اعتماد الفرز الأولي، مرورا  بالمعبر الإجباري وهوانشاء معامل للفرز والمعالجة، مع إعطاء دور للبلديات والمجتمع الأهلي في كل المراحل، عندها فقط تطرح المرحلة الختامية ويتم اختيار السبيل الافضل اي حرق؟ و\او طمر؟ و\او تصدير النفايات الخطرة؟  و\او سواها؟؟؟..

كيف يمكن لمسؤول او لعاقل ان يضع اصحاب هذه المقاربة وهذا الخيار الواضح -المعلن في خانة دولة اجنبية او شركة محلية او دولية ؟

“ان لم تستح فقل ما شئت”..  قول مأثور بتصرف… ان من يدّعي المسؤولية عندنا يريدون تحميل فشلهم وفضائحهم لسواهم،  غير عابئين باكوام النفايات وروائح الموت البطئ..

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This