رغم أن المواقف المعلنة للعديد من الدول العربية، والمعبر عنها في أوراق “المساهمات المعتزمة المحددة وطنيا”، تتفق على العموم مع الأهداف الأساسية التي يتم التفاوض حولها في باريس هذه الأيام، يلاحظ في الواقع هنا أن المملكة العربية السعودية تقود بشكل كامل المجموعة العربية وفق رؤيتها، التي تتعارض كليا أو جزئيا مع هذه الأهداف الأساسية، دون أن يرتفع أي صوت عربي مغاير، ولو تلميحا حتى الآن.

إن المجموعة العربية، بقيادة السعودية تتصدى بقوة لمحاولة البلدان الصناعية المتطورة تمرير صيغتها بشأن الأهداف بعيدة المدى، تلك المتعلقة بما أعلنته مجموعة الدول الصناعية الكبرى G7 حول الانتقال الكامل (بنسبة 100 بالمئة) إلى المصادر المتجددة للطاقة، أي التخلص الكامل من استخدام الوقود الأحفوري (النفط والفحم) كمصدر لإنتاج الطاقة، مع نهاية هذا القرن.

وهي تواجه بحدة أكبر إعلان الدول الأكثر تأثرا بالتغير المناخي، وهي مجموعة من الدول الفقيرة الأكثر هشاشة وعرضة للخسائر والدمار جراء أحداث التغيرات المناخية، الذي تضمن هدفا طموحا جدا بالانتقال الكامل إلى الطاقة المتجددة مع حلول العام 2050، واعتبار الحد الأقصى لارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضة 1.50 درجة مئوية بدل درجتين كما كان مطروحا سابقا. هذه المجموعة من الدول مدعومة من قبل الاتحاد الأوروبي، وممثلي المجتمع المدني في مؤتمر باريس.

وتتزعم السعودية المجموعة العربية إلى جانب دول أخرى الرفض الكامل لاعتماد مستوى الدخل معيارا لتصنيف الدول.

وتظهر التباينات بقوة أيضا في موضوع التقنيات النظيفة، حيث تعمل المجموعة العربية بقيادة السعودية على توسيع هذا المفهوم لكي لا يكون محصورا بالطاقة المتجددة وحدها.

يلاحظ انفضاض السعودية ومعها معظم الدول العربية عن إعلان المؤتمر الإسلامي بشأن المناخ، وعن مقررات وتوصيات اجتماع دبي بشأن إدراج بعض غازات “الفريون” (المركبات الكلوروفليورو كربونية) إلى لائحة الغازات المسببة للتغير المناخي، إضافة لكونها موادا مدمرة لطبقة الأوزون.

هل سنشهد ليونة في المواقف السعودية ومعها المواقف العربية في الأيام القادمة، ومع تقدم المفاوضات الجارية في باريس؟

وهل ستبدأ بالظهور بعض الأصوات العربية المتمايزة عن الموقف السعودي، تماشيا وانسجاما مع ما عبرت عنه العديد من الأوراق الوطنية في بعض البلدان العربية، ولا سيما غير النفطية؟

هذا ما ستظهره الأيام القليلة القادمة في مؤتمر تغير المناخ العالمي في باريس، الذي يشارك فيه حوالي 40 ألف مندوب من مختلف بلدان العالم.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This