لا نعرف على وجه التحديد ما يمكن أن تضيفه مشاركة وزير البيئة اللبنانية محمد المشنوق في مؤتمر باريس للمناخ COP21، وماذا ستقدم من مساهمات تعكس دور وحضور لبنان في هذه القمة الدولية، ودوره في الحد من الانبعاثات والوقوف على “تجاربه” في مجال الاستدامة والحفاظ على بيئة ومقدرات لبنان الطبيعية.
ما هو مؤكد في هذا المجال أن مشاركة الوزير المشنوق ستضع لبنان تحت مجهر المجتمع الدولي، كبلد فشل ليس في إدارة نفاياته الصلبة فحسب، وإنما في عجزه عن مواكبة توجه العالم نحو الطاقة المتجددة، ومن المفارقات الغريبة أن لبنان ينعم إلى الآن بمشاريع ومنشآت لتوليد الكهرباء من طاقة المياه أنجزها الانتداب الفرنسي، وأهمها محطة رشميا، وهي ما تزال قيد الخدمة حتى الآن، وكانت تمد العاصمة بيروت بالكهرباء قبل أكثر من خمسة عقود.
تقدر حصة لبنان من الانبعاثات بنحو 0.07 بالمئة من مجموع الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة، وقدم مساهمته المحددة وطنياً لمكافحة تغير المناخ، وتهدف إلى تخفيض الانبعاثات بنسبة 30 بالمئة بحلول العام 2030، تتوزع ما بين تخفيض بنسبة 15 بالمئة كهدف غير مشروط، وتخفيض إضافي بنسبة 15 بالمئة من الانبعاثات مشروط بدعم دولي.
لكن ما هي الآلية لتحقيق هذه المساهمة؟
لقد فشل لبنان إلى الآن في تطوير مسار وطني عام يهدف للانتقال تدريحيا إلى الطاقة المتجددة، لا سيما على المستوى الإداري والقانوني، وعدم وجود تشريعات تشجع الاستثمار في هذا المجال، وأطل القطاع الخاص ليسد فراغا قبل أكثر من عشر سنوات، وأنجز أطلس الرياح في لبنان قبل إنجازه مرة ثانية من قبل مؤسسات دولية بالتعاون مع الحكومة اللبنانية.
أبعد من ذلك، قدم القطاع الخاص دراسات لمشاريع متكاملة، واستقدم نماذج متطورة في مجال طاقة الرياح من اسبانيا والنروج، ولم تتمكن الدولة من تأكيد حضورها وموقعها كشريك، لا بل عطلت مشروع “هوا عكار” في اللجنة المكلفة من وزارة الطاقة والمياه الإشراف على فض العروض لثلاث شركات متقدمة.
من جهة ثانية، وبحسب خبراء، فإن لبنان يمكنه الاستفادة من الطاقة الشمسية على مدار 300 يوما في السنة، فضلا عن طاقة الرياح والأنهر، وليس ثمة من يعلم ما هي الأسس التي اعتمدتها وزارة البيئة في تحديد مساهمة لبنان في تخفيض الانبعاثات بنسبة 30 بالمئة بحلول العام 2030، فيما لم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ تسعينيات القرن الماضي من التشدد في مراقبة عوادم السيارات والمصانع، فعلى الرغم من قانون السير الجديد، ما تزال الكثير من السيارات تنفث الدخان من عوادمها على مرأى من القوى الأمنية المولجة تطبيق القانون.
من جهة ثانية تسهم النفايات بـ9 بالمئة من الانبعاثات في لبنان، بحسب دراسة أنجزتها الطالبة أماني معلوف في الجامعة الأميركية في بيروت بإشراف البروفسور معتصم الفاضل، قبل أن تنفجر أزمة النفايات، ما يعني أن هذه النسبة تضاعفت مع انتشار المكبات العشوائية والمحارق.
وسط كل ذلك، توجه وزير البيئة الى العاصمة الفرنسية باريس، على رأس وفد من الوزارة، وسيلقي كلمة في المؤتمر يؤكد فيها “موقف لبنان والتزامه العمل بطريقة إيجابية وبناءة ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”، وسيشدد على “التزامات لبنان بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة، شارحا ما يعانيه من تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية”، بحسب بيان صادر عن الوزارة.
المؤسف أن ليس ثمة من نصح الوزير المشنوق بعدم التوجه إلى باريس، وأن مشاركته ستكرس لبنان دولة سمتها الفساد وديدنها الفوضى، وأنَّـــى لخطابات أن تزين ما اقترف المسؤولون من فضائح جعلت لبنان يتذيل قائمة الدول التي تفتقر إلى المصداقية والشفافية!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This