لم ترقَ الدول العربية المنتجة للنفط إلى مستوى الاستحقاقات الداهمة على مستوى تغير المناخ، حتى أن بعض هذه الدول ظلت تتعامل مع ثرواتها من النفط وكأنها غير قابلة للنضوب، وخصصت الحزء اليسير منها في مشاريع الاستدامة والطاقة المتجددة، كنوع من الترف لا أكثر، باستثناء مشاريع واعدة في دولة الامارات العربية المتحدة.
اضطرت الدول النفطية إلى تنويع اقتصادها ليس بفعل تحديات المناخ وضرورة ترشيد ثرواتها في حدود بعيدة من الإسراف والاعتماد كليا على النفط، وإنما بعد الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، وتأثيرها على الاستثمارات سواء للأفراد أو للصناديق السيادية العربية أو شركات الاستثمار العربية في المؤسسات المالية الغربية، وما طاولها من خسائر بصورة شبه كاملة، بالرغم من أن المؤسسات المالية الخليجية والعربية لم تعلن عن حجم هذه الخسائر، كي لا تتأثر الأسواق والبورصات الخليجية بصورة أكبر وتنعدم ثقة المتعاملين مع هذه الأسواق.
بالتوازي أدى انهيار أسعار النفط في قبل عام ونصف العام إلى الإخلال باقتصادات دول الخليج، يضاف إليها تمويل الحروب في المنطقة، ما دفع هذه الدول إلى زيادة إنتاجها لتغطية عجز موازناتها، بشكل جعل منها أكبر ملوث للعالم بعد الولايات المتحدة والصين والاقتصادات الناشئة كالهند بشكل خاص.
ويعتبر الوقود الأحفوري (النفط والغاز) من أهم المصادر في الاحتباس الحراري، وبالتالي فإن الدول المنتجة للوقود الأحفوري مطالبة بالمساهمة في معالجة الاحتباس الحراري، وقد تضطر الى دفع الضرائب إلى الدول المتضررة غير المنتجة، وهذا يخلق عبئا إضافيا على دول الخليج.
قبل سنوات، طرحت بعض الدول الأوروبية إمكانية استجرار الطاقة الشمسية عبر تخزينها ونقلها إلى مدنها، فيما لم يسع العرب والخليجيون خصوصا إلى استبدال النفط بطاقة نظيفة وآمنة ومتجددة وقليلة التكلفة، وهي الطاقة الشمسية التي تعتبر دول الخليج واحدة من أهم وأغنى دول العالم بها.
لم تتبنّ دول الخليح خيارا استراتيجيا في التوجه نحو إنتاج الطاقة الشمسية، ولم تستشرف ضرورة الاستثمار في مجال تطوير البنية التحتية وانشاء شركات متخصصة في انتاج الطاقة الشمسية تغذي المصانع والمدن، لا سيما محطات التحلية التي تستهلك حوالى 1,5 برميل نفط يوميا لإنتاج 3,3 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميا.
الكثير من الدراسات الاقتصادية، كما أسلفنا، تؤكد انه بمقدور دول الخليج عموما، والمملكة العربية السعودية بشكل خاص ان تكون المصدر الممول الرئيسي لأوروبا من الطاقة الشمسية، لكن يبدو أن هذه الدول تؤثر الرفاهية على حساب المناخ، وتبيح لغيرها استثمار مواردها المتجددة، كما أباحت لهم استثمار واستنزاف ثرواتها الدفينة، وقد وظفها الغرب لصالح الكيان الإسرائيلي وحروبه ضد الشعوب العربية!
المشكلة أن مؤتمر باريس وضع هذه الدول تحت المجهر، وهي ستواجه قريبا خطرا يهدد تجارة النفط، وينذر الدول المنتجة بأن عليها ايجاد مصادر بديلة، في فترة زمنية قياسية، وإلا فإن هامش الربح قد يتعرض إلى الابتزاز من الدول الصناعية التي تعتبر المتهم الأول في عملية الاحتباس الحراري.