يعتقد كثيرون أن خفض الانبعاثات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري هو السبيل الوحيد لمواجهة ظاهرة الاحترار العالمي، ويهملون بالعمد أو بالعرض أهمية الغابات ودورها في الحفاظ على “صحة” الكوكب، في حين يستنزف العالم مخزون الأرض من الغابات، فعلى سبيل المثال تساهم عملية إنتاج الورق في تدمير الغابات بشكل كبير، ذلك أن حوالي 40 بالمئة من تجارة الأخشاب المقطوعة حول العالم تتحول إلى صناعة الورق، وحوالي نصف غابات العالم قُطعت أو أحرقت و80 بالمئة مما تبقّى منها هو الآن عرضة لخطر كبير بعد اندثار 9 ملايين هكتار من الغابات منذ عام 1990 (ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم من الغابات يتم تجريدها في كل ثانية).
وفي هذا السياق، اعتبر تقرير نشر على هامش مؤتمر المناخ الدولي في باريس أن حماية الغابات وإصلاح الأراضي التي تضررت جراء الزراعة المكثفة والافراط في قطع أشجار الغابات، عنصران مهمان لمكافحة الاحترار المناخي.
وجاء في حسابات “نيو كلايمت ايكونومي” أن من شأن هذه الاجراءات خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول غازات الدفيئة بـ3,6 الى 9 جيجاطن بحلول عام 2030، فيما تصل الانبعاثات العالمية راهنا إلى حوالى 52 جيجاطن، وينبغي ان تخفيضها الى 42 جيجاطن في عام 2030 على ما تفيد الأمم المتحدة.
قال نجوزي أوكونجو ايولا وزير المال النيجيري السابق والعضو في اللجنة الدولية للاقتصاد والمناخ (سبع دول) التي طلبت إعداد هذا التقرير – بحسب وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) – أنه “من الضروري جدا اعتماد ممارسات أفضل بشأن استخدام الأراضي من أجل خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول غازات الدفيئة ولتكيف مع الاحترار المناخي”.
ويشمل هذا التقييم أهدافا عدة أوردتها مبادرات دولية مختلفة، ومنها وقف قطع أشجار الغابات بالكامل في العام 2030، وإصلاح 350 مليون هكتار من الغابات و150 مليون هكتار من الاراضي الزراعية بحلول التاريخ نفسه، ويعول التقرير أيضا على تحسين الانتاجية الزرعية.
وثمة نقص راهن في التمويل لتحقيق الاهداف الموعودة، فيما قدر التقرير الحاجات السنوية بـ250 مليار دولار والتمويلات الحالية بـ25 مليار دولار فقط.
وخلال مؤتمر باريس وعدت كل من المانيا والنروج وبريطانيا بتقديم مليار دولار سنويا حتى العام 2020 في إطار تمويل إضافي لمشاريع مكافحة قطع ـشجار الغابات.
ومن أجل تعزيز مكافحة قطع الاشجار ينبغي على الدول من متطورة ونامية والهيئات المتخصصة، إبرام مزيد من الشراكات على الارض على ما أوصى التقرير.
صحيح أن التحول إلى الطاقة المتجددة يمثل أولوية على مستوى خفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحترار، لكن دون إغفال مفهوم الاستدامة وعدم استنفاد موارد الكوكب وعقلنة الاستهلاك بعيدا من مفاهيم كرسها اقتصاد السوق، من خلال فرض سياساته المجنونة بحق الإنسان وصحته ومستقبله ومصير الأرض التي تحضن حاضره والمستقبل.