يبقى الهدف النهائي لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ، متمثلا في تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستوى يمنع التأثير الخطير للنشاط البشري على النظام المناخي، هل هو درجة ونصف الدرجة أم درجتين؟ سيتم تحديده بشكل نهائي من خلال المؤتمرات، لذلك كان من واجب الحكومات تحديد وتطوير مشاريع تتعلق بالتكيف مع التغير المناخي وتخفيف غازات الاحتباس الحراري.

صادقت سوريا على الاتفاقية في 3/4/1996، وكطرف غير مشمول بالملحق الأول، ليس لدى سوريا التزامات كمية بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكنها ملتزمة بموجب المادة 12 من الاتفاقية بإعداد البلاغات الوطنية من أجل مؤتمر الاطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغيرات المناخ. كما أنها ملتزمة ببناء الوعي بقضايا التغير المناخي وزيادة الاجماع والرغبة على المستوى الوطني بمكافحة تغير المناخ، إضافة لتزويد المجتمع الدولي بالمعلومات عن اتجاهات منابع ومصارف غازات الاحتباس وجردها في سوريا.

يعتمد الاقتصاد السوري بشكل كبير على الزراعة، حيث يساهم هذا القطاع بــ 25 بالمئة من مجمل الدخل القومي، ويبلغ عدد العاملين فيه ثلث اليد العاملة السورية حسب الاحصاءات المعتمدة. إن التغيرات المناخية المتوقعة في الشرق الأوسط ستشمل زيادة درجات الحرارة وانخفاض في الهطول المطري، مما يساهم في زيادة الاستهلاك المائي للنباتات وتخفيض فترة نمو المحاصيل وانخفاض كمية المياه المتوفرة.

وفقاً لذلك، فقد قمنا في سوريا بتقييم تأثيرات التغير المناخي على الاحتياجات المائية والانتاجية لمحاصيل القمح والقطن وأشجار الزيتون، وقد اختيرت هذه الزراعات لأنها تعتبر من المحاصيل الرئيسية في سوريا، وتأتي محافظة الحسكة في المرتبة الأولى من حيث المساحات المزروعة بالقمح والقطن، لذا تمت دراسة هذين المحصولين في الحسكة، كما تم اختيار مدينة حلب باعتبارها المنتج الأول لأشجار الزيتون.

قامت مجموعة (IPCC 2007) بوضع سيناريوهات عديدة لدراسة التغير المتوقع في متوسط درجات الحرارة والامطار، واستخدمت في الدراسة المذكورة أعلاه نتائج النماذج الرياضية المناخية المعتمدة من IPCC) MMD-AIB) خلال الفترة 2088-2099 لتحديد التغيرات المتوقعة في درجات الحرارة وكميات الامطار، وفي تقدير الاحتياجات المائية اعتمد النموذج الرياضي (CROPWAT) الذي يستخدم لتقدير الاحتياجات المائية للمحاصيل (FAO)، حيث من المتوقع أن يرتفع المعدل السنوي لدرجات الحرارة بمقدار 3,5 درجة مئوية في تلك الفترة، وينخفض المعدل السنوي للهطولات المطرية بمقدار 12 بالمئة.

وبنتيجة هذه الدراسة تبين أن التغيرات المتوقع حصولها في درجات الحرارة وكميات الهطول المطري ستؤدي إلى زيادة الاحتياجات المائية لمحصول القمح المروي، من 563 ملم إلى 614 ملم، وإذا لم يتم تعويض هذه الكمية من مياه الري ستنخفض الانتاجية بمقدار 10 بالمئة، أما بالنسبة للقمح المزروع بعلاً (غير المروي)، فإن التغيرات المتوقعة ستؤدي إلى زيادة الاحتياجات المائية من 428 ملم إلى 469 ملم، وستنخفض الانتاجية بمقدار 14 بالمئة. وباعتبار أن محصول القطن مروي بالكامل، فإن تأثره بالتغيرات المناخية سيكون أقل، فقد وجدت الدراسة أن التغيرات المناخية المتوقعة ستؤدي إلى زيادة الاحتياج المائي من 1169 إلى 1265 ملم، وفي حال عدم زيادة كميات مياه الري لتعويض هذه الزيادة، ستنخفض الانتاجية بمقدار 5 بالمئة فقط، أما بالنسبة لأشجار الزيتون المروية، فإن التغيرات المتوقعة ستؤدي إلى زيادة الاحتياجات المائية من 828 إلى 942 ملم، وستنخفض الانتاجية 5 بالمئة إذا لم تتم زيادة كمية مياه الري، بينما ستنخفض إنتاجية الزيتون المزروع بعلاً إلى 5,3 بالمئة، وبنتيجة هذه الدراسة تم وضع مجموعة من الاجراءات للتكيف مع التغيرات المناخية المتوقعة:

-استخدام محاصيل متحملة للحرارة، فقد ساهمت الهيئة العامة للبحوث الزراعية والمركز العربي (أكساد) والمركز الدولي للبحوث الزراعية (إيكاردا)، بتطوير العديد من أصناف القمح والشعير المقاومة للجفاف والتي اعتمدت في العديد من الدول العربية.

-تغيير الممارسات الزراعية مثل موعد الزراعة وكثافة البذار.

-باعتبار أن التغير المناخي سيزيد من استهلاك المياه في الري، فلا بد من زيادة كمية مياه الري للمحافظة على الانتاجية الحالية للقمح والقطن والزيتون، هذا فضلا عن الانتقال إلى طرق الري الحديثة.

-نشر تقنية الزراعة الحافظة لزيادة كفاءة استخدام مياه الامطار، وزيادة كمية المياه المخزنة في قطاع التربة.

-نشر تقنيات حصاد مياه الامطار بأشكالها المختلفة، بحيث يمكن تخزين المياه في المواسم الرطبة لاستخدامها في فترات الجفاف.

-تحسين إدارة استخدام مياه الري حيث وجد أن إنتاجية القمح والقطن المروي أقل من الانتاجية الأعظمية ب 30 بالمئة و20 بالمئة على التوالي، وذلك بسبب الادارة السيئة لمياه الري.

-ضرورة اصدار نشرات ارشادية تحدد فيها الاصناف الملائمة من القمح والقطن والزيتون لكل منطقة من مناطق الاستقرار.

-يجب التركيز في مختلف اشكال الوسائل الإعلامية على موضوع التغيرات المناخية المتوقعة وآثار هذه التغيرات على القطاع الزراعي.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This