تعيش قبيلة تاشكا ياواناوا منذ قرون على ضفاف النهر في غابة الامازون، لكنها اليوم باتت مضطرة لمغادرة مراعيها الخضراء في قلب الغابة الخلابة الى الابد بسبب التغيرات المناخية.وشارك هذا الزعيم القبلي في اعمال القمة الدولية المعقودة في فرنسا حول المناخ، ناقلا صوت شعبه الى المجتمع الدولي.

ويقول لمراسل وكالة فرانس برس “لم نر في حياتنا فيضانا بهذا الحجم والسرعة والعنف”.

ويضيف هذا الرجل البالغ اربعين عاما والذي يزين رأسه بريش ملون “انها المرة الاولى التي تنعكس علينا مباشرة اثار الاحترار المناخي. نحن مضطرون لتغيير نمط حياتنا والصعود الى التلال”.

عادة ما يبدي العلماء حذرا قبل ان يربطوا ظاهرة مناخية ما بارتفاع حرارة الارض، لكن دراساتهم تشير الى ان استمرار ظاهرة الاحترار المناخي ستنعكس في تزايد وتيرة الجفاف والفيضانات والاعاصير وحدتها.

في غابة الامازون، كما في غيرها من مناطق كثيرة من العالم، تعيش جماعات السكان الاصليين وتقتات معتمدة على الطبيعة، ولذا فان حياتهم تتعرض لاضطراب شديد بسبب هذه الكوارث المناخية.

والى جانب تاشكا، شارك في القمة ممثلون عن جماعات للسكان الاصليين في القطب الشمالي وافريقيا، تكبدوا عناء المشقة للوصول الى منطقة لوبورجيه شمال باريس لاسماع صوتهم فيما تحاول وفود من 195 دولة التوصل الى اتفاق حاسم يمكن ان يحد ارتفاع حرارة الارض عند مستوى درجتين فقط مقارنة مع ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية.

ويأمل ممثلو جماعات السكان الاصليين ان يتضمن الاتفاق ايضا ما يساعدهم على المحافظة على نمط حياتهم.

ومن الجماعات المشاركة اقزام بامبوتي الذين يتخذون من غابات جمهورية الكونغو الديموقراطية موطنا لهم. وقد شكا ممثلو هذه الجماعة من عدم قدرتهم على العثور على ما يقتاتون عليه بعدما هجرت مناطقهم حيوانات الشيهم متجهة الى مناطق اكثر برودة.

ويقول جوزيف ايتونغزا الصياد وجامع الثمار البالغ من العمر 43 عاما “يمكن ان نمضي اياما بطولها لا نعثر فيها على ما نأكله، كان الامر اسهل قبل عشر سنوات” حين كانت درجة الحرارة أدنى مما هي عليه الآن.

ويضيف “هناك انواع من النبات تختفي ايضا، وهذا الامر لا يؤثر على نظامنا الغذائي فحسب، بل على الطب التقليدي لدينا ايضا”.

– “نحن نفقد هويتنا” –

اضافة الى التغيرات المناخية، تعاني جماعات السكان الاصليين من معاملة سيئة من طرف المجموعات السكانية الاخرى والتي باتت تشكل الاكثريات، مثل استغلال اراضي السكان الاصليين في نشاطات زراعية او منجمية.

ويقول جوزيف ايتونغزا “لهذه الاسباب نحن مضطرون الى تغيير نمط حياتنا، انها مشكلة، نحن نفقد هويتنا”.

على بعد الاف الكيلومترات من حيث يعيش شعب جوزيف في افريقيا، وتحديدا في الشمال الكندي الكبير، ترتفع درجات الحرارة بوتيرة تعادل ضعف الوتيرة العالمية، مما يوهن طبقة الجليد هناك.

ويقول كلايتون توماس مولر ممثل جماعة “كري” التي تعيش في الشمال الكندي المتجمد “عندما تصبح طبقة الجليد رقيقة جدا لا يعود الصيد ممكنا”.

ويضيف “بدل ذلك صرنا نشتري الطعام من المتاجر ونصاب بامراض مثل السكري”.

وباتت مشكلة السمنة منتشرة في صفوف جماعات السكان الاصليين في كندا، بسبب تغير نظامهم الغذائي كثيرا في السنوات الاخيرة.

اما في بنما، فإن ما يعاني منه السكان الاصليون من جماعة امبيرا هو انحسار مستوى الانهار التي يستخدمون مياهها في زراعة الموز ونقله الى الاسواق.

فقبل سنوات، كان كانديدو ميسوا سالزار يحمل على قاربه عشرة الاف موزة لنقلها الى الاسواق، اما اليوم فهو غير قادر على تحميل اكثر من الفي موزة تجنبا لاصطدام المركب بقاع النهر وغرقه.

ويقول “لا اعرف كم هي خسارتي بالضبط، لكنني ابيع اليوم اقل مما كنت ابيع في السابق، وهذا الامر ينعكس على عائلتي”.

تحاول الجماعة التي ينتمي اليها تاشكا ياواناوا في الامازون ان تتعافى من اثار الفيضان النهري الذي اصابها في العام 2014، اذ يعمل افرادها على بناء بيوت جديدة على تلة ترتفع مئة متر يظنون انها ستحميهم من الفيضانات المقبلة.

ويقول هذا الزعيم القبلي “الناس الاكثر تأثرا بالاحترار المناخي هم الذين يعيشون في الغابات ويعتمدون عليها في حياتهم وطعامهم، وللمفارقة هؤلاء اقل المسؤولين عن التغير المناخي”.

بقلم جوشوا مالفين

(أ ف ب)

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This