ارتفع منسوب مياه البحار في العالم بنحو ثمانية سنتمترات منذ العام 1992، والسبب زيادة درجة حرارة المسطحات المائية وذوبان الجليد، فيما يزداد معدل الارتفاع بنحو 1.9 ملليمتر سنويا، بحسب إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، ما يؤكد حجم الأخطار المحدقة بالعديد من المدن الساحلية والدول الجزرية في العالم، فضلا عن تبعات مناخية لن تكون ثمة منطقة في العالم في منأى عنها، ذلك أن ارتفاع درجة حرارة الأرض وذوبان الجليد القطبي لن تقتصر نتائجه على غرق مدن بأكملها فحسب، وإنما ستتبعه أضرار كارثية وظواهر مناخية متطرفة، كالفيضانات وموجات الحر الشدي والجفاف والعواصف الشديدة.
وفي هذا السياق، ذكرت لجنة الأمم المتحدة الخاصة بدراسة التغيرات المناخية في تقرير سابق أن المستوى الإجمالي لمياه البحر ارتفع بنحو 19 سنتمترا بين 1901 و2010 أي بمعدل 1.7 ملليمتر سنويا، وهي تتوقع ارتفاعا في مستوى مياه البحار يقدر ما بين 26 و82 سنتمترا بحلول نهاية هذا القرن.
تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر يشكل مشكلة حقيقية للحياة على سطح الكرة الأرضية، حيث قد يؤدي إلى انغمار عدد كبير من المدن الساحلية بالمياه، إلى جانب ما يحمله من أضرار كبيرة وخطيرة من شأنها تلويث إمدادات المياه العذبة، السطحية والجوفية على حد سواء، مما سيفاقم مشكلة نقص المياه العذبة الحالية في العالم، كما أن المحاصيل الزراعية (كالأرز) على بعض السواحل ستباد وتختفي.
33 مدينة حول العالم مهددة بالغرق
ويمكن لمعدل ارتفاع مستوى سطح البحر أن يزداد بشكل ملحوظ في حال استمر ارتفاع حرارة الأرض بمعدله الحالي، مما قد يؤدي إلى ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند، ووفقا للجنة الأمم المتحدة المناخية فإن كامل الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي يحمل ما يكفي من المياه لرفع مستويات البحار العالمية بنسبة 62 مترا.
وبين هذين الغطاءين الجليديين يمكن أن يواجه العالم 13 مترا ارتفاعا في مستوى مياه البحر إذا لم يتم كبح انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
ويهدد ارتفاع مستوى مياه البحر حاليا بغرق 33 مدينة حول العالم بحسب معهد “وورلد ووتش إنستيتيوت”، وتشير الدراسات إلى أن ارتفاع المياه بمقدار متر واحد فقط يمكن أن يؤدي إلى غرق دول الجزر مثل المالديف، ومدن عربية ساحلية كالإسكندرية، إلى جانب غرق دلتا نهر النيل، كما سيؤدي إلى حدوث فيضانات في 17 بالمئة من بنغلاديش.
ووفق دراسات أعدتها الأمم المتحدة ومنظمات بيئية أخرى مختصة فإن من بين المدن المهددة بالغرق: بيونس أيرس في الأرجنتين، وريو دي جانيرو في البرازيل، وشنغهاي وتيانجين في الصين، ومومباي وكلكتا في الهند، وجاكرتا في إندونيسيا، وطوكيو وأوساكا-كوبي في اليابان، ولاغوس في نيجيريا، وكراتشي في باكستان، وبانكوك في تايلند، ونيويورك ولوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأميركية.
مؤتمر باريس
وأبدت الدول الجزرية في مؤتمر المناخ COP21 المنعقد حاليا في باريس هواجسها، وسط ما يتردد من سيناريوهات متشائمة، فطالب مندوب جزر المالديف نيابةً عن تحالف الدول الجزرية الصغيرة بأن يحدّد الاتفاق أموراً عدة من بينها، مسارات خفض الانبعاثات على المدى المتوسط والطويل القادرة على الوصول بمعدل الاحترار إلى أقل من 1,5 درجة مئوية.
وفي السياق عينه تعهد مندوب غواتيمالا نيابةً عن الرابطة المستقلة لأميركا اللاتينية والكاريبي بتقديم الدعم للجهود الرامية إلى إقرار اتفاق ملزم قانوناً ومنصفاً وطموحاً.
أما رئيس جزر مارشال كريستوفر لويك فأكد على أن المساهمات الحالية ليست كافية للحد من ارتفاع درجات الحرارة الى 1,5 درجة مئوية، قائلا ان على الدول إعادة تحديد أهدافها كل خمس سنوات.
ودعا بيتر كريستيان، رئيس ولايات ميكرونيزيا الموحدة، بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، إلى إعلان حالة الطوارئ العالمية بسبب تغيّر المناخ.