قدم الخبير الجزائري في مجال الطاقة الدكتور بغداد مندوشي مطالعة نقدية حول مؤتمر المناخ COP21، بعنوان “القمة العالمية للمناخ في باريس: الحروب والنفاق الغربي”، اعتبر فيها أن “العالم في همِّ الاحتباس الحراري سواء”، وأن “الجنس البشري مهدد بالزوال نتيجة الحوكمة السيئة من طرف قادته في مجال الاحتياطات الخاصة بالمناخ”.
ثمة الكثير من الأمثلة ساقها مندوشي في معرض حديثه عن تغير المناخ، تنقض كليا ما يروج له الغرب في مجال بدء التخلي عن الفحم، أو اقتصاد الكربون، إذ يقول “على الرغم من المصادر الطاقوية الاحفورية المستخدمة، يقوم الاتحاد الاوروبي بدعم استخدام اعضائه للفحم بما يعادل 10 مليون يورو في العالم 2014، والهدف هو أن يصبح الفحم المصدر الأول للطاقة عام 2040″، والهدف برأيه “الحفاظ على هذه الصناعة حتى وإن كانت ملوِّثة جدا بحجة الحفاظ على مناصب الشغل (الوظائف) من جهة، وخفض التبعية للدول المنتجة للمحروقات من ناحية ثانية، على الرغم من أن الفحم أكثر تلويثا للبيئة مقارنة مع البترول”.
ربما ثمة من سيعترض على ما خلص إليه الخبير مندوشي، ولا سيما من يعقدون الآمال الكبيرة على مؤتمر باريس، لكن إذا ما نظرنا بعين محايدة إلى ما هو قائم، فهل نستسلم لمقولة أن العالم سائر نحو لجم ارتفاع درجة حرارة الكوكب في حدود مطمئنة؟
المشكلة أن لا ثقة بالمبادرات العالمية في مجال مكافحة الانبعاثات، فإذا أخذنا على سبيل المثال، مبادرة “خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها” نجد أن ليس لها علاقة تذكر بوقف خسارة الغابات بقدر ما تسمح للبلدان الصناعية بمواصلة ممارساتها الملوثة، وهي تسمح للملوثين بالاستمرار في إطلاق غازات الاحتباس الحراري إذا تمكنوا من تقديم شهادة تثبت أنهم ساهموا في منع كمية مماثلة من الانبعاثات في مكان آخر!
وثمة إشكالية تتمثل في الأرقام المتداولة في مجال الوصول إلى اتفاق عالمي لاحتواء تزايد درجة حرارة الأرض عند مستوى يقل عن درجتين مئويتين، مقارنة بما كان عليه قبل الصورة الصناعية، وحتى أكثر المتفائلين يشككون ويعتبرون أن الوصول إلى هذا المستوى دونه عقبات كبيرة.
ومن ثم كيف يمكن الوثوق بآليات تطبيق الالتزامات التي تقدمت بها الدول في مجال خفض انبعاثاتها لمؤتمر باريس، وهي في الأساس غير كافية لتجنب الكوكب كوارث ستنجم بالتأكيد عن تزايد الظواهر المناخية المتطرفة؟ وتاليا من سيراقب تنفيذ الخطط الطموحة لهذه الدول؟ ومن سيحاسب أيضا؟
وفي العودة إلى الخبير مندوشي فهو يشير إلى أن الولايات المتحدة والصين وأوروبا والهند تساهم بنسبة 60 بالمئة من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري، فيما لا تمثل الجزائر (وهي بلد منتج للنفط) سوى 0,6 بالمئة، فضلا عن الحروب وصناعة الأسلحة وما تتسبب به من انبعاثات.
تبقى المشكلة أن الدول التي تشكو وترفع الصوت دفاعا عن المناخ، هي أول ملوث في العالم من خلال نماذج التنمية القائمة على التلويث المتسارع، والسبب الصناعة التي تستعمل الفحم على نطاق واسع لعقود طويلة بالاضافة الى الطاقات الاحفورية وخصوصا البترول.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This