من المفارقات الغريبة على مستوى أزمة النفايات المستمرة في لبنان، أن الضجة الإعلامية خفتت، مترافقة ما يشبه الـ “سبات شتوي” للوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية، فضلا عن الناشطين البيئيين وكأن الأزمة في عرفهم موسمية، بعد أن تراجع حراكهم و”بردت همتهم”، فيما لا تزال النفايات تغمر شوارعنا وودياننا وتلوث مياهنا وشواطئنا وأجواءنا، وإن كانت الأبواب والنوافذ المقفلة أمام هواء الشتاء البارد المشبع بها، تحول دون وصولها إلينا.

وفي سابقة تسترعي الاهتمام، وصلت أخبار الرئيس التنزاني جون بومبي ماغوفولي John Pompe Magufuli، أو كما يدعوه مناصروه تحببا JPM والملقب بـ “البلدوزر” عن قيامه ببناء برنامج للطرق في كافة أنحاء البلاد، فضلا عن قيامه بمحاربة الفساد بقوة.

فالرئيس الخامس للجمهورية التنزانية، وابن الفلاح ذو الأصول المتواضعة قام بتغييرات جوهرية، فنائب الرئيس إمرأة وللمرة الأولى في تاريخ هذه الجمهورية، ولم تعد زيارات رئيس الجمهورية للمباني الحكومية في موكب رئاسي باذخ، بل تأتي بشكل مفاجئ، فضلا عن إلغاء كافة الرحلات الخارجية لأي مسؤول حكومي إلا بإذن خاص منه، معلنا أن الدبلوماسيين الموجودين خارج البلاد قادرون على القيام بالمهمات المطلوبة، وغيرها من القرارات الهامة.

ففي الأسبوع الأول من وصوله للرئاسة زار وزارة المالية، وتفقد المستشفى الوطني في موهيمبلي Muhimbili national hospital، وعند رؤية حال المستشفى والمرضى المزري مع عدم وجود أسرة فضلا عن نوم المرضى على الأرض والأعطال في آلات أساسية منها آلة التصوير بالرنين المغناطيسي MRI وآلة التصوير بالأشعة المقطعية CT scan، تم خلال يومين من زيارته إصلاح الآلات المعطلة، وحل مجلس المستشفى، وحول التخفيضات في مخصصات تدشين البرلمان من 300 مليون شلنغ تنزاني إلى 25 مليون أي من 140 الف دولار أميركي إلى 12 الف دولار من أجل شراء أسرة للمستشفى.

محاربة الفساد

ورغم المشككين بأن الوضع سيعود خلال وقت قصير إلى عهده السابق، إلا أن الرئيس الجديد بقي محافظا على شعاره “إعمل فقط” Hapa Kazi tu (Just work)، بمواجهة التحديات التي تعرقل مسار بلاده نحو الإزدهار.

وأعلن ماغوفولي في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أنه لن يكون هناك أي احتفالات بذكرى يوم الاستقلال في التاسع من كانون الأول (ديسمبر)، وعادة ما تتضمن حفلا غنائيا واستعراضات عسكرية، مشيرا إلى أن الاحتفال بهذا الأسلوب المكلف بينما البلاد تعاني من تفشي وباء الكوليرا سيكون امرا مخزيا، ورأى أن على الناس العمل على تنظيف البلاد لمكافحة الأوبئة التي يمكن تجنبها بالنظافة العامة. واستبدل ماغوفولي احتفالات يوم الإستقلال بالإنضمام إلى الآلاف من سكان دار السلام في عملية تنظيف عامة. واختار الرئيس جمع القمامة خارج قصر الرئاسة في عملية رمزية لمحاربة الفساد، ولم يكتف بذلك بل قفل عائدا إلى قصر الرئاسة مستخدما دراجة هوائية.

أما على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” فقد وصل هاشتاغ #WhatWouldMagufuliDo أو “ما الذي قد يفعله ماغوفولي” إلى رقم غير مسبوق، وهو الهاشتاغ المستوحى من قرارات الرئيس التنزاني التقشفية، مع مساهمات من المواطنين لاستبدال بعض الخيارات المكلفة في حياتهم اليومية بخيارات إقتصادية، وإن كانت بعض هذه المساهمات تهكمية، إلا أنها عبرت في مجملها عن آمال المواطنين بتغيير جذري ملموس وفعال وما يضفيه هذا المنحى السياسي الثوري من إيجابية على كافة جوانب حياتهم اليومية من بيئة واقتصاد ومحاربة للفساد.

وبينما تعمل يا سيادة الرئيس في إزالة القمامة من بلادك لمكافحة بؤر المرض والفساد، يعمل “أشاوسنا” في لبنان على تكديس القمامة في البلاد والكلمات الرنانة والمواكب السيارة “المفيمة”، في دعوة صريحة لنبقى غارقين في الفساد والمفسدين، والحل بنظرهم، بل وجل همهم التخلص منها نحو قارتك، بدلا من اختيار أكثر الطرق جدوى اقتصاديا تمكننا من الإزدهار والتنمية والإرتقاء والتخلص من آفات الفقر والمديونية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This