تمتد المنطقة الساحلية من الحدود التركية شمالاً (محافظة اللاذقية) إلى الحدود اللبنانية في الجنوب (محافظة طرطوس)، بطول 183كلم. كما توجد أربع جزر (أرواد، الحباس، النمل وأبو علي) في الرصيف القاري، أكبرها أرواد مساحتها تصل إلى اثني كلم2، مأهولة بالسكان 4,5 ألف نسمة تبعد 3 كلم عن شاطئ طرطوس، يعيش أهلها على صيد الاسماك وبناء السفن ومشهورة بسجلها التاريخي المديد، أما الجزر الأخرى فخالية من السكان وصغيرة جداً، تعتمد الدخول المحلية لسكان المنطقة الساحلية على ثلاثة مصادر رئيسة (الزراعة وصيد السمك والسياحة).

تعد المنطقة الساحلية عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن تغير المناخ المستقبلي والذي سوف ينعكس على الحت الشاطئي، وزيادة كثافة العواصف وترددها والتغير في كمية الامطار وما ينشأ عنه من فيضانات، هذا بالإضافة إلى تغير في تداخل الماء المالح إلى طبقات المياه الجوفية، فضلا عن تشكل الأمطار الحامضية وخسارة الموائل الطبيعية وهجرة الأنواع، والتغير في التركيب النوعي والتبدلات السكانية، الذي يستدعي رسم استراتيجيات محلية وخاصة في إدارة المنطقة الساحلية المتكاملة.

تتزايد ملوحة المياه البحرية السورية مثلها مثل مياه الحوض الشرقي للمتوسط بكاملها بشكل تدريجي، بسبب الزيادة المستمرة في نسبة التبخير كنتيجة للزيادة العالمية في درجات حرارة الهواء، وإلى التناقص المستمر في غزارة المياه العذبة الواردة إلى البحر، بسبب بناء السدود على الأنهار الساحلية (أكثر من 20 سد في المنطقة الساحلية)، وهذا يؤثر على التوازن بين ما هو وارد من الماء العذب والتبخير الحاصل.

يحصل التوازن بين سوية المياه الجوفية وسوية مياه البحر في أغلب أشهر السنة، لكن غزو الماء المالح يحصل في سهل الحميدية وقرب بانياس، وفي بعض السهول الساحلية في محافظة اللاذقية أثناء أشهر الجفاف، بسبب استنزاف المياه الجوفية في تلك المناطق ، والحل يكمن في البحث عن مصادر مائية بديلة أو داعمة لأغراض الري.

يقصد بازدياد حساسية (هشاشة) المناطق الساحلية أي انجراف الساحل، غمر وتدمير المناطق الساحلية، تملح المياه ضمن الاحواض الجوفية المجاورة. إن ازدياد احتمال تعرض المناطق الساحلية للغمر قد يقود إلى خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة، كما في فقدان بنية المناطق الساحلية، لجهة إحداث أضرار في المباني والمناطق السكنية، تفكك البنية السكانية وفقدان الانتاج الزراعي.

في دراسة أعدت ضمن نشاطات البلاغ الوطني الأول المعد للاتفاقية الاطارية للتغيرات المناخية، تأخذ بالحسبان ارتفاع مستوى سطح البحر وانعكاسه على الخواص الفيزيائية الطبيعية والبيئية والاجتماعية للساحل السوري، والتأثيرات المحتملة على المراكز السكانية الرئيسية والبنى التحتية واستعمالات الاراضي تحت السيناريوهات المختلفة والمعتمدة من (IPCC 2007)، وبناء عليها تم تطوير عدة سيناريوهات حول الارتفاع الحالي والمستقبلي لمنسوب مياه البحر الابيض المتوسط، لأن الدراسات المتعددة لمنطقة غرب المتوسط والمعتمدة على سجلات المد والجزر (مع الأخذ بالحسبان التأثيرات الجوية) تشير إلى ارتفاع منسوب البحر حوالي 1,3 ملم/سنة، وهي قريبة من العتبة الدنيا المتوقعة لارتفاع منسوب مياه البحر في العالم والتي تبلغ 1-2 ملم/سنة. وقد أظهرت الدراسة أن تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر على القطاعات الرئيسية في المنطقة الساحلية يتمثل بما يلي:

-التأثير السلبي على الخصائص الاقتصادية والحيوية والبيئية والطبيعية للمناطق الساحلية في سوريا والتي هي سلفاً تحت الإجهاد الناجم عن النشاطات البشرية المكثفة.

-يمكن أن يتسبب خراباً في الممتلكات الساحلية، خصوصاً عندما يترافق ارتفاع المنسوب مع العواصف القوية (شاليهات فنار ابن هاني ورأس البسيط وغيرها).

-تموضع المدن الساحلية مثل اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس عند مستوى من سطح البحر يسمح بحدوث تأثيرات كبيرة عليها.

-التأثير السلبي على الشواطئ الرملية والتي تستخدمها السلاحف البحرية كأماكن تعشيش.

-تزداد تعرية الترب الساحلية بسبب زيادة تأثير الهطول المطري على الغابات التي أصبحت شبه جرداء، بسبب الحرائق المتكررة وخصوصا على المنحدرات.

-خسارة للموائل البيئية الساحلية.

-إن الحت يهدد الجوانب الشاطئية العليا للمنشآت السياحية، ويشكل خسارة أكبر مقارنة بالخسارة التي تنشأ عن تهديد المناطق المنخفضة جراء الغمر.

-إن ارتفاع مستوى ماء البحر وارتفاع ملوحة مصبات الأنهار والمياه الجوفية، سوف يتسبب في هجرة المياه المالحة شرقاً باتجاه مداخل الأنهار الساحلية، وخصوصا الأنهار دائمة الجريان مثل نهر الكبير الشمالي ونهر الحصين ونهر الكبير الجنوبي، كما يمكن أن ينساب الماء المالح إل المياه الجوفية ويلوث مصادرها.

-توقع حدوث موجات حرارية تؤدي إلى الجفاف وزيادة في خطر حرائق الغابات وزيادة في استنزاف المياه الجوفية.

إجراءات التكيف والتخفيف المقترحة:

1-تحسين الغطاء النباتي الشاطئي وخصوصا على المنحدرات الحادة.

2-تأسيس حاجز ركامي أو تشييد بناء خرساني.

3-إن خطط الادارة المتكاملة للمنطقة الساحلية لم تأخذ بالحسبان النتائج المحتملة لتغير المناخ، لذلك لا بد من البدء برسم استراتيجيات تكيف المنطقة الساحلية عند وضع خطط التطوير.

4-النباتات الطبيعية والحياة البرية قد تتأقلم جزئياً وتتكيف طبيعياً مع ارتفاع منسوب مياه البحر، ويمكن تعزيز اجراءات التكيف من خلال تشكيل شواطئ رملية مماثلة للأصل، والحيلولة دون تجزئة الموائل البيئية، مما يساعد التنوع الوراثي الطبيعي للعمل نحو التكيف المناسب.

5-عموماً يمكن تقليل التأثير على المناطق الرطبة الساحلية إذا كانت كمية الرمل والتربة المتراكمة تساير بشكل مطرد معدل ارتفاع منسوب مياه البحر.

6-يجب تطوير استراتيجية وطنية بحيث تأخذ بالحسبان السيناريوهات المحتملة لارتفاع منسوب البحر وتأثيراتها المحتملة على المناطق الساحلية وإجراءات التكيف المطلوبة.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This