أنور عقل ضو

فيما أعلنت السلفادور حالة طوارىء لمواجهة نقص المياه للمرة الاولى في تاريخها، بسبب تأثيرات تغير المناخ وظاهرة النينيو، حذرت دراسة حديثة من أن تأثير درجات الحرارة المرتفعة سيؤدي إلى تراجع قدرة “الحاجز المرجاني العظيم” في أستراليا على الصمود أمام تغير الحرارة الموسمي.
اللافت للانتباه في هذا المجال، أن يتزامن ما أعلنته السلفادور ونتائج الدراسة الأسترالية في يوم واحد، فهل ستتقدم أخبار المناخ يوماً ما على مشاغل العالم السياسية والاقتصادية؟ وهل ستُفرض معايير جديدة في الصراع ضد “عدو” واحد يتهدد مستقبل البشرية على الكوكب الأزرق؟
قد تبدو الأسئلة الاستباقية مشرعة على الاجتهاد، ولكن من خاصرة العلم، خصوصا في ما يرسم الخبراء من سيناريوهات مخيفة لما ستؤول إليه التبعات المترتبة على تغير المناخ، وبرأينا أن المجتمعات البشرية، دولا وحكومات، لن تكون قادرة على “التكيف” بحسب اتفاق باريس للمناخ، دون عقبات وموازنات مالية ضخمة، كما لن يكون “التكيف” مجديا طالما استمرت الأسباب، أي ارتفاع درجات الحرارة، وهنا تتبدى مخاوف حقيقية، إذ أننا سنكون أعجز من أن ننتقل إلى عالم خالٍ من الكربون، ولن يكون التحول نحو اقتصاد أخضر مواكبا لسرعة تغير المناخ.
وسط كل ذلك، سيتوالى رصد الكوارث الناجمة عن تغير المناخ كظاهرة يومية وموسمية، من الجفاف إلى الأعاصير، وما ينتج عنهما من تهديد وجودي ليس لمصير الحياة على الكوكب فحسب، وإنما لنوعية هذه الحياة، ولن تجدي الدراسات والأبحاث في لجم ما نواجه من أخطار راهنا ومستقبلا، فيما نسير بخطى ثابتة نحو الكارثة.
حتى الآن، تؤثر الدول الكبرى “خلق” أعداء لتأمين ديمومة صناعة الأسلحة، كونها تمثل جزءا أساسيا من اقتصادياتها ورفاه مجتمعاتها، غير آبهة بأن ما اخترعت من أعداء وأمدتهم بأسباب القوة، قد لا يمكن السيطرة عليهم، والمثال على ذلك الهجمات الارهابية في باريس وبلجيكا.
أكد خبراء اقتصاديون أن كلفة الحرب الأميركية على العراق تخطت عتبة الثلاثة تريليون دولار، فيما بلغ مجموع كلفة حروبها في العالم نحو سبعة تريليونات دولار، وهذه المبالغ الخيالية كانت كفيلة بالقضاء على الجوع في العالم، أما ما رصدته الولايات المتحددة في مجال الطاقات المتجددة لم يتعد الـ 38 مليارا (2013-2014)، أي نحو 0,5 بالمئة!
هذا مثال من بين أمثلة كثيرة، يؤكد أن العالم ما يزال محكوما بخيارات قاتلة، ففيما تواجهنا تحديات مرعبة من الآن حتى العام 2100، لم ترق الدول الى ما يبدد هواجسنا، علما أن موازنات التسلح في العالم كفيلة بالقضاء على الجوع وتطوير الطاقات المتجددة بنحو أسرع مما هو قائم الآن بمرات ومرات.
فمتى ستدرك الدول المتحكمة باقتصاديات العالم أن العدالة في توزيع الثروات هي الطريق الأقرب إلى السلام؟ ومتى ستدرك أن العدو الحقيقي هو “تغير المناخ” الذي يتهدد مصير الأرض؟

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This