فاديا جمعة

يواجه قطاع الزراعة في جنوب لبنان تحديات تبقيه عرضة للتهديد والاندثار، فالمواسم تواجه المنافسة الخارجية، وأسواق التصدير البرية مقفلة عبر الحدود مع سوريا، فيما الدولة غائبة، ويواجه المزارعون تبعات كل ذلك، بطرق ووسائل تجنبهم العوز، فبعضهم يضطر إلى تسويق إنتاجه على الطرقات، دون وسطاء، لتأمين أسعار منافسة مع الأنواع الوافدة الى السوق اللبناني، لا بل ان الكثير من المزارعين يضطرون إلى توفير اليد العاملة والعمل مع أفراد عائلاتهم، كي لا يتكبدوا خسائر إضافية، لا سيما وأن هناك معادلة تبقى متمثلة في أن الأسعار لا ترد في الكثير من الأحيان كلفة الانتاج، ولذلك نجد أن بعض معامل التوضيب أقفلت أبوابها هذا العام، ما يؤكد أن الزراعة تواجه تهديدا حقيقيا، فلا شيء يمنع عزوف المزارعين عن معاملة أراضيهم طالما تلاحقهم الخسائر عاما بعد عام!

ومع إطلالة موسم الأكي دنيايطل فصل جديد من المعاناة، فبعد كارثة الحمضيات، يواجه المزارعون تبعات إغراق الأسواق وتدني الأسعار، وهذا ما أطل عليه greenarea.info خصوصا على الساحل اللبناني بين صيدا وصور ومحيطهما، ورصد معاناة العاملين في هذا القطاع.

الاحمر المالكي والابيض الزرياني

اشجار الاكي دنيا في صيدا

بدايةً، لا بد من الإشارة إلى أنه على الرغم من تقلص المساحات المزروعة في الساحل اللبناني، إلا أن شجرة الاوكي دُنيا (كما لفظها باللهجة الصيداوية محمد اليمن وهو أحد الضامنين لبساتين عدة) لا زالت تزهو وتثمر وتتلألأ في بعض البساتين بنوعيها (الاحمر المالكي) و(الابيض الزرياني)”.

وقال اليمن لـ greenarea.info بأنها خير ثمرة وأهميتها الاقتصادية تكمن في كونها تثمر في فترة اقتراب انتهاء الفاكهة الشتوية، وقبل بدء نضج الفاكهة الصيفية، إلا اننا نعاني حاليا من مزاحمة الأكي دنيا السورية الأقل سعرا بالمقارنة مع الانتاج اللبناني، والتي تهرب الى لبنان بطرق عديدة، خصوصا وان ليس ثمة تصريف خارجي للإنتاج منذ نحو خمس سنوات بسبب الازمة السورية“.

وأشار مدير معمل وبراد في منطقة الزهراني لـ greenarea.info محمد البستاني إلى ان المعمل قبل اغلاقه كان يشكل مورد رزق أساسيا لاكثر من 100 عائلة، تعتاش من جمع وتوضيب الحمضيات والخضار والاكي دنيا لتجهيزها للشحن الى بلدان الخليج العربي، موضحا انه بعد الازمة السورية اضطررنا لاقفال المعمل في ظل غياب حلول بديلة من الدولة، او ايجاد تسهيلات لتصريف الانتاج من من خلال الوزارة المختصة، خصوصا واننا كنا نجمع ونوضب حوالي 70 بالمئة من انتاج الاكي دنيا الفاخر لتصديره الى الخارج“.

وقال محمد حيدر: “أقوم بقطف انتاج بستان ضمنته في شرق مدينة صور، وأطرحه للبيع مباشرة في سلال وصناديق وعلب بجانب الطريق، وبسعر مقبول نسبيا، لكن، وبسبب المزاحمة السورية للبضائع اللبنانية، تلاقي الأسعار عدم رضى وتأففا من بعض المشترين، علما ان سعر البيع لا يعوض سعر الكلفة في حال استخدام العمال لقطف المحصول، ولذلك أقوم بعمليات القطف والتوضيب بمساعدة عائلتي وبعض الاصدقاء“.

ذهب صيدا

الاكي دنيا

هذا وقد علم لـ greenarea.info من حنا مزهر مالك احد البساتين في بقسطا شرق صيدا، بأن الاكي دنيا أزهرتايضا في حكايات وتراث اهل صيدا، فقد لقبوا سابقا بـ وطاويط الاكي دنيا“. وقال: “كما ان الاكي دنيا كانت تحمل اسم (ذهب صيدا) كونها اشتهرت بزراعتها، متحسرا على ان اليوم ليس كالسابق فقد انحسرت هذه الزراعة وتقلصت مساحتها لاسباب كثيرة، منها بيع الاراضي والبساتين واستبدالها بزراعات مطلوبة اكثر، او استخدام هذه الاراضي لصالح التمدد العمراني من جهة، ومن جهة اخرى لغياب وزارة الزراعة من حيث القيام بدورها الرئيسي في دعم القطاع الزراعي“.

وأضاف مزهر: “بالاضافة الى كل ذلك هناك مشكلة ارتفاع كلفة اليد العاملة، وكنا قد تخطيناها بعد النزوح السوري الى لبنان واستخدام اليد العاملة السورية عوضا عن اللبنانية، لتقاضيها اجورا اقل، إلا ان المشكلة الاكبر التي ما تزال تواجهها هذه الزراعة هي عدم القدرة على تصريف فائض الانتاج حتى داخليا في ظل مزاحمة بضائع اجنبية لها“.

خضرة دائمة

المشمش الهندي Loquat، الاكي دنيا ، الاسكي دنيا أو البشملة، اسماء متعددة لنوع واحد من اشجار الفاكهة المثمرة إسمها العلمي Eriobotrya Japonica، وهي من فصيلة Rosaceae، موطنها الاصلي الصين واليابان، وتنتشر في بلدان اخرى، مثل: ايطاليا، اسبانيا، تركيا واستراليا، وفي سواحل بعض بلدان المتوسط كلبنان وسوريا وفلسطين، دخلت لبنان في بداية القرن التاسع عشر كشجرة تزيينية لخضرتها الدائمة وجمال زهرتها البيضاء ذات الرائحة العطرية، ولكن سرعان ما اكتشف الناس انها تحمل ثمرا برتقالي اللون لذيذا، فقرروا زراعتها بشكل اوسع، وكان الصيداويون سباقين في هذا المجال، حتى اصبحت جزءا من تراثهم ولا تخلو منها حدائقهم وبساتينهم، وانتشرت لاحقا زراعتها في بساتين المدينة جنوبا وشمالا وشرقا، اشهرها في وادي الليمون، وفي بلدتيْ القريِّة، بقسطا والحسانية، وامتدت من شمال صيدا لتصل الى جنوب بساتين مدينة صور.

ساهم المناخ المعتدل في نجاح زراعتها، فهي تزرع في المناطق ذات الشتاء الدافئ والصيف المعتدل، وكذلك في التربة الطينية والاراضي الكلسية، وهي شجرة محبة للضوء والرطوبة والمياه.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This