د. ناجي قديح

هل حقا أن انتخابات المجالس البلدية والإختيارية هي من شغل العائلات والملل والأجباب؟ وهل المجالس البلدية هي مجالس ملَّة لتمثيل العائلات في المدن والبلدات والقرى؟ وما علاقة هذا الفهم للعمل البلدي بالتنمية المحلية، وبتلبية حاجات التقدم لهذه المجتمعات؟
ماذا يفعل ممثلو العائلات الذين يتم اختيارهم من القوى السياسية الكبرى؟ هذه القوى التي تقرر اللوائح دون تشاور مع أحد، أو أخذ رأي أحد، أو النظر بعين التقدير لأي من القوى والتجمعات المدنية والقوى الناشطة في العمل الاجتماعي والثقافي والرياضي والبيئي، بل باستخفاف كل هؤلاء، وإدارة الظهر لهم ولآرئهم ورؤاهم للعمل البلدي التنموي.
ماذا يعني أن تتوافق القوى السياسية الكبرى في الإنتخابات البلدية؟ هل هي فعلا متوافقة على برنامج عمل، أو على رؤية موحدة للعمل البلدي التنموي؟ أوَهل تحمل قراءة مشتركة لحاجات التنمية المحلية للمدينة أو البلدة أو القرية؟
هل هي فعلا تملك مقومات العمل المشترك بما يعني المؤازرة، أي توفير حصيلة إيجابية لجمع توافقها في لائحة واحدة، لتلغي حضور كل الآخرين، مهما بلغوا من فهم أو حيوية أو نشاط أو خبرة؟
هل عملت هذه القوى المتوافقة، والتي هي متوافقة منذ عهدين بلديين على الأقل، أي منذ 12 عاما من الإدارة المشتركة للمجالس البلدية، بانسجام وتكامل وتعاون يعظِّم النتائج الإيجابية لحركتها؟ وكيف تجلى هذا الانسجام والتوافق والتعاون في ملفات أساسية من العمل البلدي، في ملف إدارة النفايات على سبيل المثال، أو في مجال التنظيم أو الصحة أو توفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء، أو في مجال التربية والثقافة والفنون وحماية البيئة الطبيعية؟
إذا ما ذهب الناس إلى تقييم عمل المجالس البلدية على امتداد تلك السنين، وتقييم توافق القوى المكوِّنة لهذه المجالس، ولعمل ممثلي العائلات فيها على وضع البرامج التنموية، وتنفيذ المشاريع المؤدية إلى تحسين وتطوير حياة الناس وخدماتهم الأساسية ورفاه عيشهم، وتنظيم سبل حياتهم اليومية بما يجعلها أعلى جودة وأفضل حالا، ماذا ستكون حصيلة هذا التقييم؟
إذا ما بادر الأهالي في المدن والبلدات والقرى لتقييم عمل مجالسهم البلدية فردا فردا، من الرئيس إلى نائبه فإلى كل عضو على حدة، ماذا ستكون النتيجة؟
ماذا لو قام الأهالي بالمطالبة بمراجعة تقرير شفاف ودقيق عن مالية البلدية ومداخيلها ومصاريفها؟ فهل ستقوم المجالس البلدية المنبثقة عن التوافقات وممثلي العائلات بإعلان تقرير من هذا القبيل؟
هل نحن أمام استحقاق من هذا الطراز؟ فنقيِّم مرحلة لنضع مستلزمات التقدم في مرحلة قادمة؟
أم أننا أمام تجديد الولاية لتوافقات إنتخابية تنتهي مع إعلان النتائج، فيغنِّي كل فريق على ليلاه، وتتناقض المصالح، وتتداخل القضايا، ويشد كل طرف حبال مصالحه الفئوية، فتضيع مشاريع المصلحة البلدية العامة لحساب تنفيعات هذا الطرف أو ذاك من أطراف التوافق، الذين لا يتفقون على شيء إلا على مصادرة مشاركة نشطاء المجتمع لصالح من يختارهم المتوافقون، حتى ولو بنسبة اقتراع لا تتجاوز الـ 25 بالمئة من الناخبين.
على امتداد ولاية المجالس البلدية تفوح روائح الفضائح، فتتطويها أخبار صفقات جديدة، لننتقل إلى مناكفات تودي بآمال نجاح تجارب علق الناس عليها آمالا، فتضيع في صراعات القوى المتوافقة والمتربعة على مقاعد المجالس البلدية، تحيك منوالها وتنسج صفقاتها. وحين تطفو على السطح مهاترة ما، نرى تقاذف كرة المسؤولية، هذا على ذاك وذاك على هذا.
فهل موسم الإنتخابات هو مساحة للتقييم والمساءلة؟ أم أنها لحظة شحذ الهمم لتجديد الولاء على طريقة تجدد سلطة إقطاعٍ حَكَمَ البلاد لقرونٍ مضت، ولا تزال تتجدد بألوان ووسائل مستحدثة، وتبقى مدننا وبلداتنا وقرانا في معاناتها، لا تقدم يذكر في مسيرتها البلدية، تجتر معاناتها عهدا بعد عهد.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This