فاديا جمعة

في أيلول (سبتمبر) من العام 2014 تقدم “الجنوبيون الخضر” من وزير البيئة باقتراح لاعلان الخامس من أيار (مايو) يوما وطنياً للسلاحف البحرية في لبنان، وعلل “الخضر” اقتراحهم بأهمية السلاحف البحرية والمخاطر التي تتهددها وتتهدد موائلها على الساحل اللبناني، وبالفعل، فقد واكب “الخضر” اقتراحهم وأرفقوه في كانون الأول (ديسمبر) 2014 بعريضة جمعت خلال سنة ونصف السنة 11,400 صوتا مؤيدا للاقتراح ولإعلان مواقع عدة من الساحل الجنوبي محميات شاطئية، وأبدى الوزير محمد المشنوق تأييدا للاقتراح ورفعه الى مجلس الوزراء الذي أيده بالإجماع في جلسة عقدت في آذار (مارس) 2015.

وجاءت هذه الخطوة في مسار يؤكد أن ثمة بيئيين وناشطين ومواطنين أدركوا أهمية السلاحف ودورها في النظم الايكولوجية البحرية، وأدركوا أكثر ماذا يعني انقراضها عن سواحلنا، وما يترتب عليه من نتائج خطيرة، خصوصا وأن السلاحف تلعب دورا رئيسيا في القضاء على قناديل البحر، واختفاؤها سيحدث خللا قد يطاول كامل المنظومة البيئية البحرية.

وقد اختار “الجنوبيون الخضر” الخامس من أيار (مايو) لرمزيته، كونه يصادف بداية موسم تعشيش السلاحف، وتستمر فعاليات هذه المناسبة لغاية تشرين الأول (أكتوبر)، فضلا عن أنه كان لا بد من ترك فترة زمنية فاصلة عن عيد العمال، ومنذ العام الماضي يحي “الجنوبيون الخضر” المناسبة بسلسلة من الأنشطة، من بينها معرض للرسوم للطلاب تحت عنوان “نحب السلاحف ونحافظ عليها”، كما يتضمن انشطة بالتعاون مع “محمية صور الشاطئية”، من بينها ايام السلاحف البحرية و”درب الساحل الجنوبي” الذي يعمل على التعريف بالشواطئ الجنوبية، وبالأخص تلك التي تتميز بنشاط السلاحف ولاحقا سيمتد الى كامل السواحل اللبنانية، بحسب ما أكد لـ greenarea.info رئيس جمعية “الجنوبيون الخضر” الدكتور هشام يونس.

بلدية صور

13187846_487095981491467_1846748293_n

رئيس بلدية ومحمية صور الطبيعية في حديث لـ greenarea.info اكد بأن نشاطات “المحمية كافة ومن ضمنها النشاطات المتعلقة بالسلاحف البحرية التي هي جزء من اجزاء المحمية مستمرة على مدار السنة، وليست محصورة بيوم السلاحف الوطني فحسب، وهي تتضمن استقبال وفود اجنبية وجمعيات بيئية ومدارس وجامعات، ويتم التعاون مع الجامعة الاميركية ومركز البحوث العلمية لوضع دراسات وتقارير وابحاث على مدار السنة”، وشدد على “ضرورة نشر الوعي بين المحميات والجمعيات والمواطنين”، وسلط الضوء على “التعاون مع جمعية ايطالية من شأنه المساعدة على انشاء وحدة بيئية متكاملة، تشمل محيط حوض البحر المتوسط الذي تعيش وترعى فيه السلاحف”.

وناشد دبوق “المعنيين من بيئيين وجمعيات مـمِّولة لإعداد دراسات باستخدام تقنيات حديثة وعلى نطاق اوسع”، لافتا النظر الى “الغموض الذي يلف اسلوب حياة السلاحف من حيث اماكن تعشيش بعضها ووضع بيوضها ومخابئها شتاء، ومعرفة اسباب اختفاء الاناث بعد وضع بيوضها في شهر ايار (مايو)، وكذلك اختفاء الذكور في وقت معين ايضا”، وقال: “قد لاحظ هذا الغموض بعد معاينات ميدانية ومراقبته لها على مدار سنوات من خلال التعامل مع هذه السلاحف”، منوها إلى “وجود أرشيف موثق بالصور إضافة إلى الدراسات في هذا المجال”.

وختم دبوق مشددا على “ضرورة تمويل تكلفة هذه الدراسات والابحاث، ومد يد العون لكل من يبدي استعدادا جديا بالمساعدة، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على هذه الثروة”.

محمية صور

13187669_487096041491461_466889044_n

والتقى greenarea.info رئيس “جمعية الحفاظ على البيئة” في لجنة محمية صور الطبيعية احمد فرج، فأشار إلى أن لجنة المحمية تعمل تتألف من طاقم عمل من اللجنة التي بترأسها و”جمعية امواج البيئة”، فريق عمل من وزارة الداخلية، بلدية صور وهي تحت وصاية وزارة البيئة.

وقال فرج: “يعتبر شاطئ صور الرملي محميّة طبيعية مهمة بالنسبة للبنان، وهو يُقسم إلى منطقة مخصصة للاستجمام والسباحة، ومنطقة يُمنع استغلالها وتخصص فقط للحفاظ على الحياة الطبيعية، وبشكل خاص السلاحف البحرية، ومنطقة الكثبان الرملية والغطاء النباتي”. واضاف ان “السلاحف الموجودة في نطاق المحمية متعددة الانواع اهمها الـ (كاريتا) caretta caretta التي تعيش في نطاق المنصوري والمناطق الصخرية، وتتغذى على الاصداف بشكل أساسي، وتقضي معظم وقتها بالقرب من سلسلة الصخور البحرية الضحلة من أجل تصيّد قنديل البحر والإسفنج والسلطعون والبطلينوس والسمك والحبّار والمحار، أما صغار السلاحف التي لا تغطس، فتبقى قرب السطح وتعوم غالباً مع الأعشاب البحرية، والسلحفاة الخضراء تعيش بين منطقتي استراحة “الريست هاوس” والرشيدية لخصوبة هذه المنطقة بالاعشاب التي تتغذى عليها، وتضع الاناث بيضها في الرمل ابتداء من شهر ايار (مايو)، في المنطقة الخلفية للجمل وبرك راس العين لتعود الى البحر تاركة بيضها في اماكن امينة لتخرج منها صغارها بعد 40 يوما.

زوار المحمية

13141112_487096141491451_1956168940_n

13162315_487096001491465_1653893178_n

13140723_487096148158117_2133455996_n

13140611_487095971491468_1542595556_n

13115865_487096174824781_403590592_n

13115335_487096028158129_696783883_n

تجذب المحمية السكان والسياح وهواة الغطس والسباحة والعلماء والخبراء البيئيين وغيرهم،
واوضح فرج ان “السلاحف تعيش حياتها الطبيعية، لكن سجلت بعض حالات النفوق اختناقا لسلاحف ابتلعت اكياس نايلون، وتعتبر الاكياس السبب الرئيسي لنفوق السلاحف فهي تهم لالتهامها ظنا منها بأنها قناديل بحر”، ورأى أن هناك مشكلة نفايات ترمى بالقرب من منطقة مخيم الرشيدية، وهي منطقة غير مضبوطة من هذه الناحية”، واضاف بأن “السلاحف كانت تتعرض سابقا للقتل من قبل بعض الصيادين لاعتقادهم ان شرب دمائها يعطي الطاقة والقوة، كما انها قد تتعرض للقتل اذا اصطدمت بها المراكب البحرية، وهذه الحالات جدا نادرة”، وختم “نتابع نشاطات السلاحف على مدار السنة ونقوم بالمسح اللازم باستمرار”.

أنشطة وفعاليات

13162524_487096251491440_2121914984_n

في مدينة صور وبمناسبة اليوم الوطني للسلاحف تابع greenarea.info نشاطا بيئيا من تنظيم “الجنوبيون الخضر” بالتعاون مع ملتقى الشباب الثقافي، محمية شاطئ صور، المتحف الفينيقي، متحف الحياة البحرية في جعيتا وجمعيات اخرى، وتصمن هذا النشاط فقرات متنوعة انطلقت في الاول من أيار (مايو)، وتمتد أسبوعا كاملا، مع نشاط بيئي يعرف باسم “مسير درب الساحل الجنوبي (صور – القاسمية – مصب الليطاني)، ومن 1 إلى 5 أيار (مايو) تبدأ فعاليات “السلاحف البحرية في الجنوب”، بمشاركة بعض المدارس وجمعيات ومواطنين، وفي الرابع من أيار (مايو) افتتح معرض للرسم تحت عنوان “نحب السلاحف ونحافظ عليها” بمشاركة مدارس صور والمحيط اقيم المعرض في بيت المدينة ويستمر سبعة أيام، وفي ٦ ايار (مايو)، سيعقد بالتعاون مع بلدية صور ونقابة صيادي الاسماك لقاء مع مؤسس “الجنوبيون الخضر” الدكتور هشام يونس تحت عنوان “سبل حماية السلاحف” في بيت المدينة ايضا، وفي 5 أيار (مايو) وبالتعاون مع ” جمعية الحياة البرية والبحرية” سيكون هناك يوم مفتوح في متحف الجمعية في جعيتا، واقيم ايضا في ٥ أيار (مايو) بالتعاون مع “المتحف الفينيقي”، “المركز الثقافي” و”الصليب الاحمر” فرع صور يوم مفتوح للوفود والمدارس لزيارة المتحف.

13162574_487096274824771_1580148254_n

الناشطة الاجتماعية والبيئية شاهيناز قهوجي بعد ان زودت greenarea.info بصور النشاطات المذكورة، تحدثت عن “دور هذه النشاطات في تحقيق التنمية ونشر الوعي”، وتطرقت إلى “اهمية السلاحف ودورها في التنوع الحيوي”، كما نوهت “بمشاركة المدارس الرسمية والخاصة، ولا سيما (مدرسة الحنان) لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين تميزوا من خلال مشاركتهم بصنع مجسمات للسلاحف، وهي فكرة مبتكرة للمعرض”، كما خصت بالشكر موقعنا للتغطية “وكل الجمعيات المشاركة والوفود وبلدية صور”.

يونس…

وأشار الدكتور هشام يونس إلى أن “السلاحف البحرية في لبنان واحدة من الحيوانات البحرية الحيوية الهامة والنشطة في تاريخ إيكولوجيا المياه والسواحل اللبنانية، وهو ما يجعل أهميتها مضاعفة، سواء في دورها البيولوجي ضمن المنظومات الإحيائية البحرية المتوسطية وسلسلتها الغذائية أو في كونها تشكل ذاكرة بيولوجية للتعرف على التطور البيولوجي للموائل البحرية على السواحل اللبنانية”، واعتبر أن “السلاحف تعد إحدى أقدم كائنات الكوكب وتلعب دوراً حيوياً في البحار والمحيطات وكذلك الشواطئ، فإن العديد من جوانب حياتها وأدائها البيولوجي لا زال غير مستوفٍ المعطيات والبحث ويشكل ثغرة في المعرفة البيولوجية البحرية بحيث أن إحدى فصائلها السبع المتبقية إلى اليوم هي المسطحة الدرقة أو الدرع (القوقعة) Flat back التي صنفها الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة (IUCN) فصيلة (غير مستوفية البيانات)، فيما يعتبر موضوع التمايز الجيني ضمن الفصيلة الواحدة بالنظر إلى محيطها الإيكولوجي (السلاحف ذات الرأس الضخم والخضراء في بيئة المتوسط المعزولة نسبياً مقارنة بتلك على السواحل الأطلسية المفتوحة) موضع بحث مستمر. وقد تطلّع البيولوجيون الى اتجاه السلاحف لترابط نشاطها مع تفاعليات إحيائية عديدة أخرى كتجديد السهوب البحرية”.

13162524_487096251491440_2121914984_n

وقال يونس: “تعتمد السلاحف ذات الرأس الضخم، وهي الأكثر تواجداً في الحوض المتوسطي، وعلى السواحل اللبنانية، على فكيها القويين لسحق غذائها من المحار والقشريات وسرطانات وقنافد البحر والإسفنج، فضلاً عن قناديل البحر وغيرها. وهو ما يوفر المغذّيات للمحيط الايكولوجي لقاع البحر ويوزعها ويعيد تدويرها. كما أن السلاحف وأثناء عملية بحثها في القاع تعمل على تدوير وتنشيط تلك المواقع التي تشكل موائل للعوالق واللافقاريات التي تتغذّى من بقايا ما تخلّفه السلاحف مما ينشط ويعيد تجديد كامل المحيط الإيكولوجي. كما تسهم السلاحف ذات الرأس الضخم والجلدية الظهر (أضخم أنواع السلاحف البحرية) التي تعتمد على قناديل البحر في نظامها الغذائي (يصل استهلاك السلحفاة البالغة إلى ما يعادل 200 كيلو يومياً) في الحفاظ على معدلات متوازنة منها، كما أن تزايد قناديل البحر يعني بالضرورة تناقص أعداد الأسماك بشكل عام حيث إن القناديل تعتمد على بيوض ويرقات الأسماك في غذائها، وبالتالي فإن تزايد أعدادها يعني القضاء على أعداد أكبر من الأسماك وهو ما يؤدي إلى إخلال بالسلسلة الغذائية ويلحق، بالتالي، ضرراً بالتنوع والتوازن البيولوجي للمنظومات الأحيائية”.

13162322_487096234824775_1479308797_n

وشدد يونس على “توفير كل ما يلزم من شروط الحفاظ عليها وتكاثرها، لما في ذلك من ضرورة إحيائية ومعرفية وأخلاقية بالدرجة الأولى لكائنات وجدت في هذه المنطقة قبل ملايين السنين من وجود البشر، ونجحت في البقاء على الرغم من التبدلات المناخية والجيولوجية الجذرية، ولكنها اليوم تواجه الانقراض بسبب تدخلات وتعديات البشر. ولعل أهم الخطوات التي يجب اتخاذها لحفظ هذه الكائنات الحيوية والساحرة يكون بتطبيق تشريعات حفظ الحيوانات البرية والبحرية، وتحديد مناطق حماية لها، ووقف التعديات وأعمال البناء على الأملاك البحرية العامة أو بالتحايل بالبناء على عقارات ساحلية جرى تعديل تصنيفها العقاري من زراعي إلى سياحي أو تجاري لكي تفيد من الواجهة الشاطئية لبناء مشاريع تجارية “سياحية” من غير معرفة المسوغات القانونية لإجراء كهذا”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This