يعرف “الخزامى” lavender بأسماء عديدة، منها: هنان، وذنبان، اللاوندة، الضرم، الفكس وحوض فاطمة، ويعرف علميا باسم Hyacinthus، لكن يبقى التعريف الأهم متمثلا بأن الخزامى هو “هدية الله إلى الأرض”، نظرا لفوائده ومنافعه التي لا تحصى، ولكن النوع الذي يعرف علمياً باسم Lavandula dentata هو الأشهر، ويتميز برائحة عطرية نفاذة، وبأزهاره البنفسجية الجميلة، وينمو عادة في الهضاب ومرتفعات المناطق الصخرية، ولقد كان هذا النبات مشهورا في العصور الوسطى، وذكره العشاب جون باركنسون سنة 1640، وكان هذا النبات في عام 1620 يؤخذ كأحد الأعشاب الطبية المهمة وموطنه الأصلي فرنسا وغرب حوض البحر الأبيض المتوسط.
بدأت الخزامى تتصدر “مركز النبات الحيوي” Botanical Garden في لبنان التابع لـ “جمعية اليد الخضراء” والذي يهدف إلى الحفاظ على التنوع النباتي، خصوصا وان في لبنان 3600 نوعا من النباتات البرية، ومن بينها العطرية والطبية، ومن اهداف الجمعية الا يكون المركز مجرد متحف فحسب، وانما مركزا تفاعليا مع المجتمع الاهلي والمزارعين واصحاب الاراضي.
المشغل عبارة عن مركز بيئي يهدف الى خلق فرص عمل لاكثر من 35 عائلة، عبر ايجاد خطوط انتاج لمنتجات بيئية تستخدم بشكل اساس الاعشاب البرية، بهدف تسويق هذه الاعشاب من جهة وحمايتها من جهة ثانية، ومعرفة كيفية الاستفادة المستدامة من الاعشاب والحفاظ عليها، واكثارها.
مشتلان في عاليه وزوطر
ولا نستغرب أن تبدأ زراعة الخزامى بالانتشار في مناطق عدة من لبنان، من الجنوب إلى الشمال، ومن الجبل إلى البقاع، بعد أن تبنت الجمعية بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP وصندوق البيئة العالمي GEF، مشروعا هو عبارة مشتل للنباتات الطبية والعطرية، والهدف منه انتاج البذور والشتول وتأمينها للمزارعين، وهي مؤصلة ومن الطبيعة اللبنانية، ومنها على سبيل المثال: الصعتر، اكليل الجبل، الورد الجوري، الخزامى (لافاندر)، السماق، والمليسة.
وأشار رئيس الجمعية زاهر رضوان لـ greenarea.info الى ان “هذا المشروع جاء ليعوض بعضا من معاناة مزارعي المنتجات التقليدية، لان الزراعات البديلة لا تتطلب عناية كثيرا ولا اي مبيدات مضرة للبيئة، كما أن نسبة استهلاك المياه تكون ضئيلة للغاية، وقيمة مردودها المادي مهمة في مقارنة مع كلفة انتاجها”، ولفت إلى أن “هذا المشروع تطلب انشاء مشتلين واحد في مدينة عاليه والثاني في بلدة زوطر في قضاء النبطية”.
نوعية برية نادرة
وأكد رضوان “وجود نوعية برية نادرة من نبتة الخزامى (اللافندر) في شمال لبنان، بالاضافة الى بعض المساحات المستحدثة، بعد أن اثبتت نجاحها كزراعة بديلة، كونها نبتة متوسطية تزرع على المرتفعات، ولا تحتاج الى الكثير من الري، ما يجعلها نبتة مناسبة وملائمة لطبيعة ومناخ لبنان”.
واضاف: “هي نبتة يستفاد من زيتها الذي يزيد كلما زرعت على ارتفاع أعلى من ألف متر”، مشيرا الى “دراسة أجرتها الجمعية وأرسلت إلى سويسرا مفادها انه بعد تجربة زراعتها على ارتفاع 1400 متر، أي بحدود ارتفاع إهدن، فإن كل كيلو من الزهر يرتفع انتاج زيته ليصل الى 160 ملليليتر”، ودعا “النحالين الى زراعتها للاستفادة منها في انتاج عسل النحل على غرار ما هو قائم في المانيا”، مؤكدا بأن “العسل التخصصي هو من الانواع المرغوبة عالميا، وبالتالي فإن أسعاره مرتفعة وتعود بربح اكبر”.
اما عن انتاج الزيت، فقال رضوان انه “يستخدم في صناعة الصابون والعطور والمنتوجات المستخدمة في مراكز aromatherapy (العلاج بالعطور)، كما يستخدم اللافندر في صناعات حرفية بوضعه في اكياس من (الكروشيه اليدوي) واستخدامه كمعطر لخزائن الثياب، اضافة الى قدرته على مقاومة حشرة العث، ويستخدم ايضا في اضفاء شكل مميز وراحة نفسية بوجوده كباقات زهور في المنازل”.
قيمة جمالية
وختم رضوان داعيا ومشجعا “البلديات على زراعة الخزامى لقيمتها الجمالية كزهرة فضلا عن أنها نبتة دائمة الخضرة وعلى مدار السنة، بالاضافة الى عطرها الرائع”، مشيرا الى ان “الجمعية وبمبادرة تشجيعية على زراعتها، قامت بتوزيع 10 آلاف شتلة في مختلف مناطق لبنان”.
المزارع محمد نعمة، قال: “في اطار تعاوننا كمزارعين من الجنوب مع جمعية اليد الخضراء تبين ان دراستنا أثبتت جدوى التوجه نحو الزراعات البديلة”، وأضاف: “بعد نجاح تجربة الصعتر البري وتدجينه، بدأنا زراعة الخزامى وغيرها من النباتات العطرية، ونحن نتعاون مع الجمعية في مجال الاستفادة من زيوت هذه النباتات”.
وأكد المزارع طارق ياسين إلى أنه “بعد ما واجهناه على صعيد زراعة الحمضيات والأكي دنيا منذ نحو خمس سنوات، مع كساد المواسم، بدأنا كمزارعين التوجه نحو الزراعات البديلة”، وقال: “زرعت أكثر من 200 شتلة من الخزامى مؤخرا، وأتوقع أن ابدأ استثمارها في غضون سنتين”.
ورأى محمد ناصرالدين أن “الخزامى نمت وكبرت وأعطت كميات أكبر من الأزهار في المناطق المرتفعة”، وقال: “الخزامى على ساحل صيدا وصور نجحت، لكن هناك توجه لزراعتها على نطاق أوسع في القرى والبلدات التي يزيد ارتفاعها على الـ 800 متر”.