لم تنصفه الدولة، ولم تصنف متحفه، ونأت وزاراتها المعنية عن ما ابتدعت يداه من جمال حمل عبق التاريخ، وتركته منسيا عند تخوم مواجعه، ولكنه لم يحنِ هامته لريح وعاصفة، وظل وفيا لتراث صور مدنيته الأحبّ والأجمل.

`

إنه ابراهيم قهوجي، ابن مدينة الحرف والأرجوان، ومؤسس “المتحف الفينيقي”، الحاضن لتراث إنساني وآثار حضارات ترقى لآلاف السنين، خياط نسائي متذوق للجمال، وهو في الآن عينه عاشق للبحر، انبهر بالحياة البحرية والطريقة العمرانية القديمة التي ارتفعت مع الحضارات المتعاقبة، ليتميز بإنتاج متفرد بمزاياه وخصائصه، ورائع بما حفل من أعمال تثير فينا الدهشة، وما ساعده على تحقيق حلمه أن هوايته في الغطس منحته الفرصة في جمع تراكمات بحرية كونتها الطبيعة، وحولها بذوقه الرفيع قطعا فنية.
بعد أن ضاقت مساحة شقته الصغيرة بمقتنياته الثمينة، بدأ العمل على معرض للكنوز البحرية لمدينته صور في العام 2000، وافتتح لأول مرة في العام 2004 بعد ان قدمت له “الحركة الثقافية – مركز باسل الاسد في صور” احدى قاعاتها، ليعرض فيها نتاج عمره من منحوتات طبيعية، قام بتزيينها بطريقة فريدة، بواسطة المتراكمات المرجانية والحيوانية المنقرضة، لتتحول الى ثروة حقيقية وكنزا غنيا.

المواءمة بين التاريخ والفن

2

3

يضم المعرض 1500 منحوتة استعمل فيها موادا صديقة للبيئة كالفخار، ومرجان بأنواع منقرضة وصخور مركبة بطريقة جميلة، ومجموعة أصداف هي الاكبر على الاطلاق، زجاجيات اثرية، غرانيت وبقايا فخاريات اثرية أعيد تجميعها وتزيينها بأصداف “البروميا”، سلاطعين منقرضة واسفنج منقرض من بحرنا كذلك (سحاتيت اثرية)، عملات نقدية معدنية نادرة من مجموعة شخصية قام بتجميعها خلال 40 عاما، وفي المتحف تستوقفنا بعض ثمار القرع المجفف والمزين بالبروميا، أشار أنه استعمله “لأنه الاقرب شكلا الى الجرة الفخارية الفينيقية”، وكافة هذه المقتنيات الثمينة تضفي طابعا بيئيا بامتياز يراعي التاريخ والفن ويوائم بينهما.
خلال السنوات الماضية، سلط الضوء على متحفه الدائم خلال لقاءات صحفية، ولكنه لم يلق اهتماما جديا من المعنيين لتحويله الى متحف وطني، كما ان ضيق الامكانيات المادية حالت دون تحقيق حلمه، وبالرغم من ذلك بقي مثابرا في زيادة انتاجه، خصوصا بعد توفر مكان، وإن مؤقتا للمتحف، مع الاشارة الى انه لا يتلقَّ اي بدل مادي من زوار المتحف، ولا دعما حكوميا او خاصا.

ثروة تستحق الرعاية والاهتمام

5

في جولة لـ greenarea.info على أقسامه، عرضت مديرة المتحف شاهيناز قهوجي لأهم المقتنيات والمنحوتاته، وأكدت تعمل “رغم ضيق الامكانيات على أرشفة وتوثيق الموجودات، وترجمة اسماء الاصداف والمقتنيات، ليتسنى لأي زائر فهمها، خصوصا السياح الاجانب”، وقالت: “أقوم بترتيب المعروضات بإمكانية متواضعة، علما أن مثل هذا الأمر يتطلب تجهيزات معدات عرض تليق بقيمة القطع الفنية”، واشارت الى ان “المعرض مفتوح مجانا امام زوار مركز باسل الاسد والمدارس والجامعات، وكذلك الجمعيات والسياح الاجانب المتوافدين لزيارة المدينة”، واضافت بأن “الامينة العامة المساعدة لـ (اليونيسكو) رمزة جابر سعد زارت المعرض وابدت اعجابها بمقتنياته، وأكدت انه “يشكل ثروة حقيقية تستحق الرعاية والاهتمام”، وختمت قهوجي: “لو قدر لهذا النتاج ان يكون في بلد يعنى مسؤولوه بالثقافة والبيئة والسياحة لأصبح معلما سياحيا، ولصنف متحفا وطنيا”.

4

7

ابراهيم قهوجي صاحب هذا المجهود الجبار تحدث لـ greenarea.info عن سنوات عمره التي امضاها في العمل والبحث والتجميع لهذا المعرض، وأمل “ان ألقى من الدولة والوزارات المعنية دعما لأستطيع تحويله الى متحف بيئي وطني”، مشيرا الى انه “عرض علي بيعه أو نقله الى مدينة اخرى لكنني لا أطمح لربح مادي، بل الى تحقيق حلمي في مدينتي”، مؤكدا انه “في ظل توفر المكان للمعرض سأواصل العمل والانتاج والمشاركة في مهرجانات المدينة ونشاطاتها، بدون اي بدل مادي، لما يضيفه هذا المعرض من طابع حضاري للمدينة وتاريخها العريق”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This