دخل حيز التنفيذ امس بندٌ مهم من مقررات جلسة مجلس الوزراء المتعلقة بملف النفايات التي عقدت بتاريخ ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٦، فبعد ان طبق بشكل شبه كامل البند المتعلق بنقل النفايات المتراكمة منذ بدء ازمة النفايات في ١٧ تموز (يوليو) ٢٠١٥ الى مطمر الناعمة – عين درافيل في مهلة اقصاها شهرين (تنتهي في ١٩ ايار – مايو الجاري)، تقدمت اليوم الى دائرة المناقصات في “مجلس الانماء والاعمار” ست شركات للمشاركة في المناقصة المتعلقة بإنشاء وتطوير المطمر الصحي قرب مصب نهر الغدير – الشويفات، والاعمال الهندسية اللازمة للانشاءات بما فيها الانشاءات البحرية. وكان لافتاً للانتباه ان مجموعة “افيردا” (سوكلين وسوكومي) لم تكن من بين الشركات المتقدمة، وهي: “إئتلاف مجموعة معوض – إدة” مع “شركة هيدرومار”، “شركة حورية للمقاولات”، “شركة حنا خوري للمقاولات”، إئتلاف “شركة دنش للمقاولات” مع “شركة خوري للمقاولات”، إئتلاف “شركة هيكون” مع “شركة نقولا ابو رجيلي” وشركة الجهاد للتجارة والمقاولات. ومن المقرر ان تدرس لجنة من مؤلفة من “مجلس الانماء والاعمار”، والاستشاري رفيق خوري وشركاه، الملف الاداري والتقني للشركات المتقدمة خلال مهلة اسبوع، على ان يصار الى فض عروض الاسعار للشركات المؤهلة، واعلان النتيجة النهائية للمناقصة في ١٩ ايار (مايو) الجاري.
كذلك يلاحظ ان العديد من الشركات التي تقدمت سابقاً لمناقصة ايار (مايو) ٢٠١٥ التي الغاها مجلس الوزراء بذريعة ارتفاع الاسعار، لم تتقدم الى مناقصة مطمر الكوستابرافا. وعلم موقع greenarea.info ان هذه الشركات قد اشترت جميعها دفتر شروط مناقصات الكنس والجمع، الامر الذي يؤشر الى انها سوف تتقدم على الارجح بالائتلاف مع شركات اجنبية الى مناقصات الكنس والجمع والفرز والمعالجة، وسوف تكون في منافسة للمرة الاولى مع شركتي “سوكلين” و”سوكومي” اللتين لا يستبعد ان تشاركا في هذه المناقصات ايضاً.
ويلاحظ من اسماء الشركات المتقدمة الى مناقصة مطمر الكوستابرافا، ان غالبيتها لا تملك اي خبر في اعمال انشاء المطامر الصحية وادارتها، في مقابل خبرتها في انشاء الحواجز البحرية (السنسول) لمشاريع ردم البحر. ويعود السبب الاساسي في ذلك الى ان دفتر الشروط الذي وضعه “مجلس الانماء والاعمار”، لم يتضمن شروطاً تحتم امتلاك الشركات المتقدمة الى المناقصة خبرة في انشاء المطامر الصحية، واكتفى بشرط ان تكون الشركة المتقدمة قد نفذت اعمال انشاء حواجز بحرية خلال السنوات الخمس الماضية. وفي حين كانت تطالب اكثر من شركة لديها خبرة في انشاء المطامر الصحية مثل “سوكومي” و”باتكو” ان يتم الفصل بين مناقصة الحاجز البحري ومناقصة المطمر الصحي، اصر المجلس على دمج المناقصتين ضمن مناقصة واحدة، واغفل شرط ان يكون المتعهد المتقدم قد نفذ مشروع مطمر صحي سابقاً. وازاء هذه الوقائع يمكن الاستنتاج منذ الآن ان اعمال الطمر في المطمر الصحي قرب مصب نهر الغدير – الشويفات، لن تكون ضمن مواصفات عالية، رغم حساسية وخطورة الموقع كونه يقع ضمن حرم المطار، اضافة الى كونه سيشمل اعمال ردم بحري، الامر الذي يستدعي مواصفات تقنية عاليه في اعمال البنية التحتية (عزل الارضية بنوع خاص من البلاستيك لحماية البحر من التلوث، ادارة غاز الميثان بطريقة آمنة، ادارة عصارة النفايات وسحبها ومعالجتها قبل التخلص منها).
مطمر برج حمود
بنود عديدة في قرار مجلس الوزراء لم تسلك طريقها الى التنفيذ، حيث لم يعلن “مجلس الانماء والاعمار” حتى تاريخ كتابة هذه السطور مناقصة انشاء مطمر برج حمود، الجديدة – البوشرية – السد، والاعمال الهندسية اللازمة للانشاءات بما فيها الانشاءات البحرية، وتقول مصادر “الانماء والاعمار” ان التاخير في اطلاق هذه المناقصة يعود الى عقبات تقنية، حيث تبين وجود انابيب لتفريغ النفط ضمن المنطقة التي تشملها اعمال الردم لانشاء المطمر، وتأهيل المكب العشوائي للنفايات في برج حمود، والذي اغلق عام ١٩٩٧، وتفيد المصادر ان اطلاق المناقصة واعلان نتائجها سيتم في مهل اقصاها ٢٦ أيار (مايو) الجاري، وذلك بعد ان اجريت تعديلات على خريطة الردم البحري ودفتر شروط المناقصة.
مناقصتا الكنس والجمع
اعلن “مجلس الانماء والاعمار” عن مناقصتين لتلزيم أعمال جمع وكنس ونقل النفايات المنزلية الصلبة، ضمن منطقتين خدماتيتين، الاولى تضم بيروت الادارية وقضاءي المتن وكسروان (١٥٠٠ طن يومياً)، والثانية تضم أقضية بعبدا، الشوف وعاليه (١٥٠٠ طن يومياً). والافت للانتباه ان تقسيم المناطق الخدماتية لم يستند الى قرار واضح من مجلس الوزراء، على عكس القرار السابق في العام ٢٠١٥ الذي حدد المناطق الخدماتية، كما ان هذه القرار يتناقض مع قرار مجلس الوزراء الذي حدد وجود ثلاثة مطامر صحية، واحد مخصص لقضاءي المتن وكسروان وجزء من بيروت الادارية في منطقة برج حمود، والثاني مخصص لقضاء بعبدا والجزء الثاني من بيروت الادارية في مصب نهر الغدير – الشويفات، في حين خصص مطمر ثالث لقضاءي الشوف وعاليه من دون التوصل الى تسوية سياسية تحدد مكان انشاءه.
والسؤال الذي يطرح في هذا السياق، لماذا جرى توزيع الطمر ضمن ثلاث مناطق والكنس والجمع والمعالجة والفرز ضمن منطقتين خدماتين؟ سؤال لم يجب عنه مجلس الوزراء حتى اللحظة، وسط ترجيحات بأن يعاد تعديل هذا القرار لتوزيع النفايات الناتجة عن قضاءي الشوف وعاليه ضمن المطمرين المحددين في الشويفات وبرج حمود، الامر الذي يقصر من الفترة الاستيعابية لهذين المطمرين والتي حددت بأربع سنوات، في مقابل عدم الاشارة الى نسبة الطمر القصوى ونسبة استرداد النفايات عن طريق الفرز والمعالجة، الامر الذي يعيد نفس التجربة الفاشلة في مطمر الناعمة – عين درافيل، والتي استمرت لفترة تزيد عن ١٧ عاماً وأوصلت البلاد الى ما وصلت اليه.
ويشترط “مجلس الانماء والاعمار” على الشركات والمؤسسات الراغبة في الاشتراك في مناقصتي الكنس والجمع، ان تستوفي الشروط المحددة في كل ملف تلزيم وأبرزها: بالنسبة للشركات والمؤسسات اللبنانية: حجم اشغال سنوي Turnover Annual يفوق ١٥ مليون دولار أميركي خلال السنوات الـ الخمس الاخيرة، أو مشروعين مشابهين (كنس وجمع ونقل). أن يكون العارض قد نفذ مشاريع نفايات منزلية صلبة على أن لا يقل مجموع كمية النفايات فيهما عن الكمية المحددة للمشروع المطروح، وعلى ان لا يعود تاريخ انجاز العمل فيهما works of completion of Date أكثر من سنتين من تاريخ تقديم العروض، وان لا تقل مدة تنفيذ كل منهما عن أربع سنوات. أو ان يكون في عهدته، بتاريخ تقديم العروض، مشروع أو مشروعان مشابهان بدأ بتنفيذهما قبل سنتين على الاقل، وان لا تقل مدة تنفيذ كل منها عن ٤ سنوات على الاقل، وعلى أن لا يقل مجموع كمية النفايات فيهما عن الكمية المحددة للمشروع المطروح. اما بالنسبة للشركات الأجنبية المؤتلفة مع شركات أو مؤسسات لبنانية: الشركات والمؤسسات اللبنانية المؤهلة لدى مجلس الانماء والاعمار لتنفيذ المشاريع التي تتجاوز قيمتها ١٠ مليون دولا أميركي (في أية فئة من الفئات: طرق، مبان، أشغال مدنية)، على أن تستوفي شروط الخبرة المحددة في البند المتعلق بالشركات اللبنانية ذات الخبرة في قطاع النفايات، سواء منفردة أو بالائتلاف مع شركة أجنبية (تجمع الخبرات للشريكين)، على ان تكون الشركة اللبنانية هي الشريك الأساسي Leader، أما بالنسبة لشرط حجم الأشغال السنوية، فيجب استيفاؤه من كل من الشريكين، منفردين.
ويلاحظ ان دفتر الشروط اعطى كل عارض حق الاشتراك في مناقصة واحدة من هاتين المناقصتين (مناقصة ٢٠١٥ كانت تشمل ست مناطق خدماتية واعطيت كل شركة حق المشاركة في مناقصتين).
ومن المقرر ان تفتح المغلفات التقنية والادارية لهاتين المناقصتين في جلسة علنية عند الساعة الثانية عشرة بالتوقيت المحلي لمدينة بيروت من يوم الإثنين في ٦ حزيران (يونيو) ٢٠١٦، ويصار بعدها الى فض العروض المالية للعارضين الذين يستوفون الشروط الإدارية والفنية المطلوبة في جلسة علنية تحدد اللجنة موعد انعقادها في حينه.
مناقصتا الفرز والمعالجة
لم يعلن “مجلس الانماء والاعمار” بعد عن مناقصتي تلزيم أعمال الفرز والمعالجة، ضمن منطقتين خدماتيتين الاولى تضم بيروت الادارية وقضاءي المتن وكسروان (١٥٠٠ طن يومياً)، والثانية تضم قضية بعبدا والشوف وعاليه (١٥٠٠ طن يومياً).
وعلم موقع greenarea.info انه رغم رغم تضمين مقررات جلسة ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٦ قرارا بإنشاء وتطوير معامل المعالجة والفرز، وفق القواعد العلمية والبيئية بالتنسيق مع البلديات المعنية، فإن الكلام المعلن يتعلق بإطلاق مناقصة اعادة تأهيل مركزي الفرز في العمروسية والكرنتينا، اضافة الى مركز التسبيخ في الكورال لزيادة طاقته الاستيعابية من ٣٠٠ الى ٧٠٠ طن، لتسبيخ النفايات العضوية عن طريق التخمير الهوائي. في المقابل لن يعلن “مجلس الانماء والاعمار” عن اطلاق مناقصة لإنشاء معمل جديد لمعالجة النفايات في منطقة العمروسية، رغم ان قرار مجلس الوزراء قد تضمن هذا البند، كذلك لن يعلن عن انشاء معمل جديد لمعالجة النفايات الناتجة عن قضاءي الشوف وعاليه الذين لن يشملهما في الجولة الاولى من المناقصات، سوى خدمة الكنس والنقل، اما الفرز والمعالجة والطمر فلا تزال صيغة توزيع الكميات الناتجة عن هذين القضاءين مبهمة، علماً ان عدم انشاء معامل جديدة لمعالجة النفايات يحتم ان تبقى الكمية الاجمالية المفروض طمرها ضمن سقف ٢٠٠٠ طن كحد ادنى، الأمر الذي يطرح تساؤلات جدية حول قدرة المساحات المقرر ردمها في برج حمود والشويفات على استيعاب النفايات للفترة اللازمة لاطلاق وبدء تنفيذ مناقصة تحويل النفايات الى طاقة.
مناقصة تحويل النفايات الى الطاقة
يتواجد حالياً في العاصمة الألمانية برلين وفد رسمي واهلي واعلامي لبناني، بدعوة من مؤسسة فريدريش ايبرت، للاطلاع على التقنيات المتعلقة بتحويل النفايات الى طاقة. وبقدر ما توحي الحكومة ان هذا الخيار جدياً لمعالجة النفايات في المرحلة المقبلة، لم ينعكس ذلك في الخطوات المطلوب اقرارها لاطلاق هذه المناقصة. ويبدو ان الحكومة قد غضت الطرف مؤقتاً عن بدء الاجراءات التنفيذية لتلزيم مشاريع تحويل النفايات الى طاقة، حيث اعلن مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدت في 27 نيسان (ابريل) الماضي، عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية عدد كبير من الوزارات لدراسة دفتر الشروط العائد للمحارق المتعلقة بمعالجة النفايات، ما يعني عملياً نسف كامل للجدول الزمني الذي سبق، واعلن عنه “مجلس الانماء والاعمار” لإطلاق المناقصة. تجدر الاشارة إلى أن 23 ايار (مايو) 2016 المهلة المحددة لتقديم طلبات العارضين المؤهلين للاشتراك في مناقصة تحويل النفايات الى طاقة، والأول 1 تموز (يوليو) 2016 الموعد المحدد لاعلان لائحة المؤهلين، في حين حدد “مجلس الانماء والاعمار تاريخ” 11 تموز (يوليو) 2016 موعدا لاطلاق المناقصة، يليها اربعة اشهر لتقديم عروض المناقصة تنتهي في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وعشرة اشهر لتوقيع العقد (11 ايار – مايو 2017) و36 شهراً لانجاز الاشغال وبدء التشغيل (12 ايار – مايو 2020). وجميع هذه المهل باتت خارج السياق وغير قابلة للتطبيق. وبحسب معلومات greenarea.info، فإن الهدف من انشاء لجنة وزارية جديدة الخروج بإجماع سياسي من مختلف الوزراء حول اختيار موقع لانشاء المعمل/المحرقة، وفق ما طلب في رسالة سابقة لـ “مجلس الانماء والاعمار”، وتبدو هذه المهمة شبه مستحيلة في المرحلة الحالية، علماً ان امور اخرى ستطرح، ابرزها تعديل دفتر الشروط الذي وضعه الاستشاري الدنماركي رامبول، لانه بات “دقه قديمة”، ولا يشتمل على تقينات جديدة لتحويل النفايات الى طاقة باتت ذات قدرة تنفاسية في السوق مقابل المحارق وابرزها تقنية التغويز الجديد.
١٢٠ يوم تخزين مؤقت
منذ أن صدر قرار مجلس الوزراء الاخير الى اليوم، تستمر شركتا “سوكلين” و”سوكومي” بالاعمال التي كانت تقوم بها لحين اتمام المناقصات، وإعطاء أمر المباشرة بالتنفيذ للشركات التي ترسو عليها الالتزامات، وبحسب آخر المعطيات المحدثة من قبل شركة سوكلين (١٠ ايار – مايو ٢٠١٦)، فلقد تم نقل قرابة ٨٠٠ الف طن من النفايات الى مطمر الناعمة – عين درافيل، جمعت من حوالي ١٤٠ مكب عشوائي، استحدثت منذ بدء أزمة النفايات في 17 تموز (يوليو) 2015. كذلك باشرت شركة “سوكومي” منذ 26 آذار (مارس) 2016 اعمال التخزين المؤقت في منطقة برج حمود، ومنذ 4 نيسان (ابريل) 2016 في منطقة مصب نهر الغدير – الشويفات. وفي حين لم تعرف بعد القدرة الاستيعابية لمراكز التخزين المؤقت في هذين الموقعين، فإن التقديرات تشير الى ان القدرة الاستيعابية القصوى لن تزيد عن 120 يوماً على ابعد تقدير، وبالتأكيد، فإن هذه المهلة لن تكون كافية لانشاء الحاجزين البحريين في برج حمود والشويفات، وإتمام اعمال الردم وانشاء الخليتين الصحيتين في المطمرين المقترحين (ثلاثة اشهر على اقل تقدير)، وذلك بعد فض العروض واعلان الفائزين والتفاوض على توقيع العقد وإعطاء أمر المباشرة بالتنفيذ للشركات التي ترسو عليها الالتزامات (شهران على اقل تقدير) الامر الذي يرجح ان تعاود الشركة، بناء على تعليمات “مجلس الانماء والاعمار” استخدام مراكز اخرى للتخزين المؤقت في مناطق جرى تنظيفها سابقاً (منطقة المرفأ)، وهي مسألة حساسة لم يعرف ما اذا كان “مجلس الانماء والاعمار” سيتخذ القرار بشأنها دون العودة الى مجلس الوزراء.