إيفا الشوفي- الأخبار

49% من عموم اللبنانيين قلقون بشأن قدرتهم على تأمين طعام كاف، كما أن 31% منهم أعلنوا أنهم لا يستطيعون تأمين طعام صحي ومغذّ على مدار العام، وفق دراسة أخيرة صادرة عن “الإسكوا”، بعنوان “مراجعة استراتيجية للأمن الغذائي في لبنان”.

تقول الدراسة “إن سوء التغذية لا يشكل حالياً خطراً جدياً في لبنان، غير أنه ثبت صعوبة ضمان أبعاد الأمن الغذائي (التوافر، وقدرة الوصول، وقابلية الاستخدام، والاستقرار) في بعض الأحيان”، ولهذا الأمر أسباب متعلّقة بشكل أساسي بسياسات الدولة التي أدّت إلى تدمير القطاع الزراعي وتهجير المزارعين. إضافة الى ما هو أخطر من ذلك، إذ تحوّل النظام الغذائي اللبناني من نظام مليء بالمغذيات الدقيقة الى نظام غربي حيث نسب الطاقة والسكريات والشحوم أعلى، ما أدّى الى ارتفاع نسبة البدانة المفرطة الى 10.9% عند الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و19 عاماً، وإلى 28.2% عند البالغين. خطر ازدياد نسبة البدانة المفرطة جدي، فمعدلات البدانة عند الرجال (72.8%) هي أعلى من النسبة عند النساء (59.4%).

وفق التقرير، إن نسبة الاستيراد الغذائي في لبنان وصلت الى 80% في السنة، كما أن السوق الاستهلاكية محتكرة من قبل مجموعة صغيرة من الموردين. يقول التقرير إن لبنان “يتكل بشدّة على استيراد الأغذية الأكثر استهلاكاً في البلد كالخبز وحبوب أخرى. رغم إمكانية الاحتفاظ بكميات وافرة من الأغذية، غير أن قدرة الوصول لهذه الأغذية ترتبط بوابل من المسائل، وخاصة عند ارتفاع الأسعار المفاجئ”. ويُشير الى سنتي 2007 و2008 حين ارتفعت أسعار السلع بشكل سريع، ما أدى إلى تعثّر الأمن الغذائي. استجابت الحكومة بإعادة دعم القمح والخبز والطحين بعدما كانت تقوم بإيقافه تدريجاً. لكن رغم ذلك، كان التأثير على قدرة الوصول إلى الأغذية هائلاً. في عام 2008 وحده ارتفع معدل أسعار الأغذية بنسبة 18.2% وبقيت الأسعار في حالة ارتفاع، ولم تبدأ بالانحسار إلا منذ فترة وجيزة. يقدّر التقرير أنّ “نتيجة ارتفاع الأسعار عامي 2007 و2008 كانت انخفاض معدلات المغذيات الدقيقة في الجسم لثمانية من الفيتامينات والمعادن الأساسية عند سكان لبنان بنسب تتفاوت بين 16.3% (الكالسيوم)، و2.8% (فيتامين c). النسبة الأعلى لهذا التدنّي سُجلت في المدن حيث يعيش 80% من سكان لبنان”. كتداعيات لارتفاع الأسعار، تأثرت قدرة الفقراء على شراء الأغذية. يوضح التقرير أنه “بين عامي 2004 و2011 كانت كلفة شراء الحد الأدنى السنوي لاحتياجات السعرات الحرارية قد ارتفعت بنسبة 75% لتصل إلى حوالى 987 دولاراً”.

يبحث التقرير بشكل أساسي في قدرة سهل البقاع، الذي يشكّل أكبر منطقة زراعية من حيث المساحة وحجم الإنتاج، لينطلق إلى التعميم على القطاع الزراعي. يتحدّث عن التهجير الذي طاول العائلات التي كانت تعيش حياة زراعية في السهل في الخمسينيات والستينيات باتجاه المدن، ويشير الى البناء غير المنظم الذي واصل قضم الأراضي الزراعية. هكذا إذاً، هُجر قطاع الزراعة تماماً كما هجر المزارعون سهل البقاع. فبحسب التقرير “هوت نسبة الإنتاج الاقتصادي الزراعي من 23% في أعلى مستوياتها في نهاية الحرب الأهلية الى نسبة 4% من الناتج المحلي اليوم. في الوقت عينه، تشكل الزراعة 25% من سوق العمل وما قد يصل الى 80%

من الإنتاج الاقتصادي في المناطق الريفية. كما يعتبر العمال الزراعيون من أفقر العمال في القطاعات كافة، حيث يعيش 40% منهم تحت خط الفقر، ما يضع عبئاً على سهل البقاع الذي يستضيف الحصة الأكبر من اللاجئين السوريين”.

يعتبر التقرير أنّ الوضع الحالي الصعب يخبئ القدرة الكامنة الحقيقية للقطاع الزراعي. “تشكّل الأرض القابلة للزراعة نحو 37% من مساحة لبنان، بينما تقدّر الأرض المزروعة حالياً بـ 231 ألف هكتار فقط، نصفها مروي. كما أن تنوّع البذور محدود بشكل كبير، بينما الحيّزات الزراعية صغيرة نسبياً ومفتتة”. يتحدّث عن مشاريع الري الواسعة التي واجهت عوائق تقنية لم تتمكن الحكومة من التدخل فيها بسبب المعوقات المالية، وخصوصاً أنّ حصة وزارة الزراعة من موازنة الحكومة تبلغ 0.5%!

في التوصيات، يحذّر القيّمون على التقرير من أي خضّة في الأسعار شبيهة بما حصل عامي 2007 و2008، قد يكون لها تأثيرات كارثية على الأمن الغذائي. لذلك يجب استغلال هذا الوقت الذي يشهد انخفاضاً في أسعار السلع الغذائية في العالم، لتطبيق الإصلاحات الضرورية لتعزيز الأمن الغذائي في البلد. ولا يمكن إعادة إحياء الزراعة في لبنان من دون الاهتمام بالأراضي الزراعية. لذلك يجب إيقاف البناء العشوائي وتفعيل التخطيط التوجيهي لاستخدام الأراضي، كما يجب تفعيل الخطة الشاملة لترتيب الأراضي، إضافة الى تفعيل الخطة الاستراتيجية لقطاع المياه.

 

الأخبار- العدد ٢٨٨٥ السبت ١٤ أيار ٢٠١٦

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This