لا يشكل الغذاء الصحي جزءا هاما من النقاشات والدراسات والبحوث العلمية فحسب، بل أن الإهتمام به ومتابعته بات يطاول شرائح واسعة من الناس، ومن كافة الأعمار.
ويخضع الغذاء الوقائي أو الحمية الوقائية لكثير من الدراسات للوصول إلى التركيبات المناسبة من أنواع الأطعمة المتوفرة، ومن المهم في البداية التوضيح، أن الحمية الأفضل لا تهدف بالضرورة إلى خسارة الوزن، لكن أن يكون من السهل على المرء متابعتها في حياته والتقيد بها من أجل صحة سليمة.
وإن كان البعض يميل إلى إضفاء نكهات ومواد غريبة، ودفع الناس لاتباع حمية معينة، إلا أنه من المتفق عليه بين العلماء أن الحمية المتوازنة والمتنوعة والطازجة والأهم، هي تلك التي تجمع ما بين الكلفة الإقتصادية وسهولة وسرعة الحصول عليها وتحضيرها وتنوع مكوناتها، وتعتبر الحمية الأفضل.
ومن هذه الحميات الرائجة ما يسمى بـ”حمية الدماغ” MIND Diet، وتلقى هذه الحمية الكثير من الاهتمام، ولكها لا تَعِدُ بالضرورة بخسارة الوزن، أو تنظيف الجسم من السموم، بل انها حمية متنوعة تهدف بالدرجة الأولى إلى الوقاية من الأمراض الناتجة عن التقدم في العمر وتساهم في شيخوخة الدماغ، وأهمها ألزهايمر، فضلا عن ميزة إضافية هي خسارة الوزن ولكن بشكل تدريجي وصحي!

MIND-Diet-Meal-Plan

حمية الدماغ

وجد العلماء أن الكثيرين ممن يتبعون حمية مؤلفة من الخضار الطازجة، ولا سيما الخضار الورقية، والسمك وأنواع التوت، ينخفض لديهم خطر الاضطرابات الناتجة عن ضعف الذاكرة، والذي يؤثر على أكثر من 5 مليون أميركي فوق سن 65 عاما.
وأكدت دراسة حديثة صادرة عن المركز الطبي في “جامعة راشRush “University Medical Center في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة، ونشرت في 19 آذار (مارس) أن “النظام الغذائي MIND”، Mediterranean-DASH Intervention for Neurodegenerative Delay، وهو مزيج من حمية “البحر الأبيض المتوسط” Mediterranean وحمية DASH “المنهج الغذائي لوقف ارتفاع ضغط الدم” Dietary Approaches to Stop Hypertension للوقاية من ضمور الأعصاب، ساهمت بخفض خطورة تعرض الأشخاص لمرض ألزهايمر بأكثر من خمسين بالمئة.
وطبق الباحثون نظم حمية البحر المتوسط، وحمية DASH ونظام يجمع الحميتين، أي MIND على 923 مشارك بأعمار بين 58 و98 سنوات، مع متابعة على فترة تراوحت بين 4 و 10 سنوات، ووجد الباحثون أن نظم الحمية الثلاثة تساهم بخفض معدلات الإصابة بمرض ألزهايمر.
ولعل أهم مميزات نظام MIND هو تركيزه على 10 أطعمة صحية للدماغ المدرجة في كل من وجبات البحر الأبيض المتوسط وdash، وهي الخضر الورقية والخضروات والمكسرات والتوت والبقوليات والحبوب الكاملة والأسماك والدواجن وزيت الزيتون والنبيذ، وفي الوقت نفسه، فإنه يحد من تناول اللحوم الحمراء والزبدة والسمن والجبن والمعجنات والحلويات، والأطعمة المقلية والوجبات السريعة.

آراء العلماء

وفسرت البروفسورة في علم التغذية والأمراض الوبائية المتعلقة بالتغذية Professor of Nutrition and nutrition epidemiology مارثا كلير موريس Martha Clare Morris من “جامعة راش” هذه الدراسة، وقالت: “قمنا بتقييم حمية مجموعة من الأشخاص، وتابعناهم على فترة من الوقت، لنعرف من يصاب منهم بمرض ألزهايمر، فضلا عن متابعة قدراتهم المعرفية والذهنية cognitive abilities سنويا، لمعرفة سرعة تدهور هذه القدرات مع تقدم العمر، وفي الدراسة سجلنا مدى التزام الأشخاص بالحميات، ووجدنا أن من يلتزم بها ينخفض لديه خطر الإصابة بـ “ألزهايمر” بنسبة متقاربة تصل إلى 53 بالمئة، إلا أن ما أثار اهتمامنا أن من يلتزم بـ MIND Diet بشكل متوسط كانت لديه نسبة 35 بالمئة أقل من مرض ألزهايمر، بينما من التزم بشكل متوسط بحمية البحر المتوسط لم تنخفض نسبة إصابته بألزهايمر”.

مكونات MIND Diet

ولفتت أخصائية التغذية في عيادة كليفلاند Cleveland Clinic في ولاية أوهايو الأميركية كيت باتون Kate Patton إلى أن “كل الأغذية المكونة لهذه الحمية تؤدي لتوازن جيد للغاية”، وأضافت أن “مزيج البروتين الطري، مع أحماض أوميغا 3 الدهنية Omega 3 المفيدة للقلب والدماغ تعمل على إبقاء الدماغ بصحة جيدة، كما أن وجود مضادات الأكسدة والألياف، فضلا عن مستويات منخفضة من السكر المضاف ومن الدهون المشبعة Saturated Fats والمتحولة Trans Fats يساعد في التقليل من عملية الالتهاب، وبالتالي خطر الإصابة بالخرف”، وبالفعل، فإن تقرير نشر سابقا في مجلة Nature العلمية في العام 2015، أشار إلى أن عملية الالتهاب التي تحدث في الجسم قد تؤدي إلى تسريع تطور مرض الزهايمر.
وأشارت موريس إلى ما تحتويه هذه الحمية، تمكن الشخص أن يأكل ما يريد ولكن باعتدال، ومن المكونات الرئيسية لهذه الحمية:
-الخضار الورقية الخضراء (مثل السبانخ وسلطة الخضر): ما لا يقل عن ستة حصص أسبوعيا.
-الخضروات الأخرى: واحدة على الأقل في اليوم.
-المكسرات: تناول خمس حصص أسبوعيا.
-التوت: حصتان أو أكثر أسبوعيا.
-البقول أو الفاصولياء: ما لا يقل عن ثلاث حصص في الأسبوع.
-الحبوب الكاملة: ثلاث حصص أو أكثر يوميا.
-الأسماك: مرة واحدة في الأسبوع.
-الدواجن (مثل الدجاج أو الديك الرومي): مرتان في الأسبوع.
-زيت الزيتون: استخدامه بمثابة زيت الطهي الرئيسي الخاص بك.
-النبيذ: كوب واحد يوميا
وعلى متبع هذه الحمية تناول اللحوم الحمراء باعتدال وبأقل من 4 حصص أسبوعيا، الزبدة والسمنة أقل من ملعقة طعام يوميا، الأجبان أقل من حصة أسبوعيا، الحلويات والمعجنات أقل من خمس حصص أسبوعيا، والمأكولات المقلية والوجبات السريعة أقل من حصة أسبوعيا.
وقالت موريس عن أنواع التوت أن “ثمار التوت هي الفاكهة الوحيدة المشمولة على وجه التحديد في هذا النظام الغذائي”، وأضافت “ويعتبر العنب البري Blueberries أحد الأطعمة الأكثر فعالية لجهة حماية الدماغ”، وقالت موريس، “كان أداء الفريز (الفراولة) strawberries جيدا أيضا في دراسات سابقة لجهة تأثير الأغذية المختلفة على الوظائف الإدراكية”.
وقالت أخصائية التغذية في جامعة نوفا الجنوبية الشرقية، سيسيليا روكوسوكCecilia Rokusek أن “على العلماء القيام بالمزيد من الأبحاث حول حمية الدماغ”، وأضافت “ولكني أعتقد انها بداية واعدة جدا، فالدراسات دلت على أن ما تأكله يمكن أن يكون له تأثير على ما إذا يمكنك تأخير ظهور مرض ألزهايمر”.
كما اعتبرت هذه الحمية طبقا لوكالة “أخبار الولايات المتحدة والعالم” U.S. News & World Report الأولى من حيث سهولة التطبيق، والثانية لجهة أفضل الحميات والثالثة لجهة الطعام الصحي، والرابعة لجهة كونها من الحميات الأفضل لمرضى السكري والقلب، أما بالنسبة لخسارة الوزن فأتت بالمرتبة 16، من بين 35 نوعا من الحميات.

ملاحظات إضافية

قالت موريس إن “مرض ألزهايمر، والذي تنتج عنه خسائر فادحة في الوظائف الإدراكية، بالمقارنة مع أمراض القلب، فيبدو أنه ثمة العديد من العوامل التي تلعب دورا في تطور المرض، بما في ذلك المكونات السلوكية والبيئية والوراثية”، وأضافت “مع تأخر ظهور مرض ألزهايمر مع مجموعة من كبار السن، فإن عوامل الخطر الجينية هي قطعة صغيرة من الصورة الأكبر”، وأضافت أن “الدراسات السابقة قد أسفرت عن أدلة توحي بأن ما نأكله يمكن أن يلعب دورا هاما في تحديد من يصاب بألزهايمر أو لا يصاب به”.
ولاحظ الباحثون في الدراسة الجديدة أن المشاركين الذين غيروا نظامهم الغذائي في مكان ما خلال الدراسة، واتبعوا حمية الدماغ مثلا – بناء على أوامر الطبيب بعد السكتة الدماغية – فقد وجدت الدراسة، وفقا لموريس أن “الرابط بين النظام الغذائي MIND والنتائج (الإيجابية) من حيث مرض ألزهايمر قوية للغاية”. واضافت “هذا ربما يعني أن الأشخاص الذين يتناولون هذا النوع من النظام باستمرار على مر السنين، يمكنهم الحصول على أفضل وقاية من هذا المرض”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This