عندما تقف أمام شجرة من الصنوبريات وتتلمس ساقها، يزعجك الملمس الدبق الصمغي، فتحاول أن تتخلص منه، وهذا الصمغ سيكون الكهرمان بعد فترة طويلة، لذلك يعرف الكهرمان بأنه مادة راتنجية متحجرة، أفرزتها أشجار صنوبرية منذ عصور جيولوجية قديمة، وهي مادة صلبة شفافة لا تذوب بالماء، تستخدم كحلي للزينة.
يعتبر هذا الحجر ذو اللون الأصفر أو الأحمر الزاهي من أجمل الأحجار الكريمة، وهو من صمغ الأشجار الصنوبرية، لكن منذ مدة طويلة لا تقل عن آلاف السنين، وغالباً ما يكون على شكل دمعة أو قطرة، أو يمكن أن يكون دائريا، ويمكن أن تشوبه بعض الشوائب كالحشرات مثلاً.
ما يميز الكهرمان كونه مادة عضوية متحجرة منذ آلاف السنين، وليست كالأحجار الكريمة الأخرى، لذلك هو هش عند فركه باليد، تنبعث منه رائحة الراتنجيات الصنوبرية، وعند حرقه يصدر لهباً لامعاً ورائحة زكية، ويصبح كهربائيا سالباً بالاحتكاك.
الكهرمان لفظة فارسية وتعني الأكثر تأثيراً، وفي العربية يسمى العنبر الأشهب، أما في تركيا فتلفظ قهرمان وتعني البطل، تفرز الراتنجيات من أقنية خاصة داخل جذوع الصنوبريات، ويمكن أن تكون هذه الأقنية كبيرة وواضحة كما في الصنوبر الحلبي، وتفرز كميات كبيرة من الراتنج، لدرجة أنه في بعض نقاط من الجذع يسيل الراتنج بغزارة داخل الخشب، ويحوله إلى خشب دسم شفاف يزيد من متانته وثقله.
بسبب تنوع الصنوبريات (حوالي 150 نوعا)، تنوعت ألوان وأشكال العنبر، فالعنبر هو اللون الاصفر البرتقالي، لكن ألوانه تتدرج من الأبيض إلى البني لدرجة أنه يمكن مشاهدة اللون الأسود، وهناك ألوان نادرة كالأزرق.
إن أكبر كمية كهرمان موجودة في المناطق الباردة، بحيث تعتبر بلدان حوض البلطيق وامتدادها شرقاً إلى روسيا، وبخاصة في بعض أجزاء من سيبيريا من أكبر مخزونات العالم، وطبيعي أن يتواجد في سوريا ولبنان نظراً لوجود الصنوبريات، ولكن بكميات قليلة.
من الكهرمان اشتقت كلمة كهرباء، وهي كلمة مركبة من كلمتين “كاه” و”رباي”، وهي بالفارسية جاذب القش، وفي الفارسية أيضاً الكهرمان تعني الكهرباء، وفي العربية تعني الكهرباء خاصية الكهرمان أو جاذبية الكهرمان (والسبب هو خاصية الكهرمان عند حكه يولد طاقة جذب لمواد أخرى من الطبيعة مثل الريش).
قديماً كان يعتقد أن له القدرة على تسكين آلام الأطفال عند ظهور أسنانهم، فكان يوضع في قلادة حول رقبة الطفل، والبعض الآخر يعتقد بأنه يشفي من أمراض الربو والطاعون، فكان يتم طحنه وخلطه مع العسل لهذه الغاية.
