تشكل تقاریر ومنشورات المؤسسة الفیدرالیة لعلوم الجیولوجیا والمصادر الطبیعیة، ھانوفر – ألمانیا – BGR ، المكلفة من قبل لمجلس الإنماء والإعمار ومصلحة میاه بیروت ووزارة الطاقة والمیاه بإجراء دراسات على نبع جعیتا، مرجعاً صالحاً للبحث في خطر التلوث على المياه الجوفية اللبنانية، وكيف يمكن العمل على حماية المياه من التلوث.
ونظرا لعدم وجود شبكات صرف صحي، فإن المیاه المبتذلة تتحول إلى آبار أو جور صحیة غیر مانعة، أو ترمى في الأودیة والسواقي. ھذه المباني القائمة على الصخور الكربوناتیة الكارستیة العالیة التشقق، وبالتالي عالیة النفاذیة، لیس لھا شبكة صرف صحي فتتسرب المیاه المبتذلة تحتھا داخل الصخور مباشرة، وبدون أیة معالجة نحو المیاه الجوفیة، وتؤدي بالنتیجة إلى التلوث الجرثومي.
وفي هذا السياق، من نتائج تلوین المیاه في المناطق داخل حوض تغذیة جعیتا، والكشف علیھا عند مخرج نبع جعیتا تبین للخبراء سرعة إنتقال الملون، وبالتالي التلوث من المناطق البعیدة والمرتفعة بمدة لا تتجاوز 62 ساعة. ولا توجد محطات معالجة لمیاه الصرف الصحي على امتداد وادي نھر الكلب فوق نبع جعیتا، وثمة خلافات مع بعض البلدیات حول مواقع محطات المعالجة. علما أن سرعة وصول الملونات في المیاه الجوفیة في المخازن الصخریة ذات المسامیة تبلغ مثلا في ألمانیا 50 یوما في سویسرا 10 أیام.
في المخازن الكربوناتیة الكارستیة ذات نفاذیة الشقوق والكسور ومغاور وكھوف التذویب، لا سیما تلك ذات الدرجة المتطورة، فإن التسریب في الحفر والمنخفضات الصخریة والأودیة والكسور أو الفوالق عال جدا، كما ان جریان المیاه فیها أكثر تعقیدا، وتتغیر السرعة من منطقة إلى أخرى حسب تطور أو عدم تطور حالات التشقق والتذویب.
إن الحلول المعتمدة عالمیا لحمایة المخازن الجوفیة الكارستیة تعتمد على تحدید حرم للنبع أو النھر، وتمییز المناطق داخل الحرم بین ھشة ینتقل فیھا التلوث بسرعة ومناطق أقل من حيث سرعة الإنتقال.
إن الوضع الطوبوغرافي صعب والإختلاف الكبیر في الإرتفاع عن سطح البحر، یحتم الضخ من عدة محطات ولارتفاعات عالیة. كما ان إنقطاع التیار الكھربائي عن المناطق بنسبة 60 بالمئة طاقة كل 24 ساعة، والتباعد الكبیر بین المناطق السكنیة، حتى ضمن القریة الواحدة، لا تخدم شبكة الصرف الصحي إلا حوالي 70 بالمئة من المساكن . لا توجد قوانین تجبر أصحاب المساكن بربطھا بشبكة الصرف الصحي. وتعمد البلدیات على إنشاء شبكة خاصة بھا، دون التنسیق مع الإدارات الرسمیة أو البلدیات الأخرى المجاورة، ھمھا الأساسي إخراج المیاه المبتذلة لتتوزع خارج نطاق البلدیة. كما ان أنواع وأھداف مشاریع الصرف الصحي ومواصفات المواد المستعملة في الشبكات لیست مطابقة للمواصفات الجیدة المعروفة عالمیا. من ھنا، ثمة ضرورة لخطة مركزیة شاملة في كل المناطق للصرف الصحي في لبنان.
* أستاذ وباحث جامعي ومهندس هيدروجيولوجي