فوجئنا مؤخراً ببرامج تلفزيونية غايتها إعطاء الدليل القاطع على جدوى تنفيذ سد جنة وتبيان منافعه الجمّة وقد دُعي في سبيل إثبات ذلك عدد من المشاركين أوردوا جملةً من البراهين والوقائع غير صحيحة، بل خاطئة كلياً لا سيما فيما يخص الميزات الجيولوجية لموقع الجنة والمخاطر الزلزالية التي ستنجم من إنشاء سدٍ هناك، وقد أبى ضميرنا المهني والوطني من ترك هذه البراهين الزائفة تتفاعل عند سامعي هذه الحلقات وتضفي غطاءً علمياً على الجريمة الوطنية التي تُرتكب بحق الوطن، وفيما يلي بعض هذه البراهين :
من الناحية الجيولوجية ذُكر أن حوض السد ليس مؤلفاً من الصخور الكلسية المتشققة المسربة للمياه وبذلك يصلح أن يكون خزّاناً لها. الواقع عكس ذلك تماماً، وباعتراف معدِّي الدراسة ومصممي خرائطها الجيولوجية : إن حوض السد مؤلّف من طبقات كلسية دولوميتيكية كارستية هشّة تحوي العديد من التكسرات والفوالق والفجوات التي تجعله غير صالح لتخزين أي كمية من المياه. أما بالنسبة للوضع الزلزالي فالواقع غير ما أشار إليه المشترك الكريم فالمنطقة بين فالق اليمونة وخط الشاطئ المقابل، هي ناشطة تكتونياً بامتياز. تقرير مركز البحوث الزلزالية التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية يذكر حرفياً “منطقة نهر ابراهيم هي منطقة تشوّهات صخرية نشطة جداً وهي في طور الإرتفاع عن سطح البحر، التقديرات لهذا الإرتفاع والتشوّه هو بحدود 5 ملم افقياً و ارتفاعاً سنوياً.”
وفي مكان آخر يقول التقرير: ” في نيسان 2006 سجّل مرصد الأبحاث الجيوفيزيائية نشاط زلزالي متواصل أكثره بدرجة 4 (على مقياس ريختر) دام شهراً على طول مجرى نهر ابراهيم وامتداده بخندق عميق تحت البحر”، كما يذكر أيضاً أن القول بأن النشاط الزلزالي في لبنان هو متوسط ليس بصحيح علمياً.
تجاه هذه الوقائع الدّامغة ماذا نستطيع أن نقول : هل نصدق التقارير المنظّمة من كبرى الشركات الأوروبية التي خبرتها في لبنان لا تتعدّى سنوات قليلة وليست مبنية على نتائج رصد زلزالي بواسطة معدّات كالتي موجودة في مركز بحنس الزلزالي، والتي فوق ذلك بلغت كلفتها عشرات آلاف الدولارات الأميركية، أم نثق أكثر بنتائج السيسموغرافات المزود بها مركز بحنس الزلزالي الذي يتابع النشاط الزلزالي في لبنان منذ عشرات السنين وتقارير العلماء اللبنانيين القيمين عليها أو نثق أيضاً بخبراتنا الشخصية المبنية فوق اختصاصاتنا بأرقى المعاهد الأوروبية على تجوالنا في الجبال والأودية اللبنانية منذ أكثر من 45 سنة ؟ مع العلم أنه وباعتراف مصممي المشروع يمر تحت السد نفسه فالقان ناشطين أساسيين، وأن مجرد وجود السد سيحمّل بوزنه الهائل التربة الهشة تحته ضغطاً إضافياً بحدود 20 كلغ في السم2 مما يزيد من تأثره بالزلازل وحصول انهيارات في التربة والمنشأآت في حال إنشائه.

بالنتيجة ندعو المواطنين الكرام وأهمهم المسؤولين الذي بيدهم القرار أن يفكروا ملياً قبل أخذ قرار قد يؤدي إلى حصول كارثة وطنية دون أن يؤمن أياً من كميات المياه المطلوبة. كما نهيب بهم أن يضطلعوا على تقارير الخبراء اللبنانيين ومنهم خبراء المجلس الوطني للبحوث العلمية وغيرهم من الخبراء اللبنانيين ويثقوا بنتائجهم أكثر من بعض الخبراء الأجانب.

* خبير بيئي في الجيولوجيا

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This