التيار البرتقالي وسد جنة!

حسم التيار البرتقالي مسألة علمية تخص الثروة المائية اللبنانية، كانت غائبة عن كل اللبنانيين قبل أن يتسلم التيار وزارة الطاقة.
كل المياه الجوفية مالحة في لبنان!؟ في بيروت ينقلون بالصهاريج مياهاً مالحة، وفي جنوب ساحل المتن الجنوبي!؟
إذاً، يجب إقامة السدود للحفاظ على الثروة المائية، واهمها اﻵن سد جنة!؟
يجري تجاهل الحقائق العلمية من قبل هذا الفريق، وخصوصا في العلوم الجيولوجية والمائية، مع انهم مؤتمنون عليها منذ فترة طويلة نسبيا، تتطلب منهم ان يفهموا فيها بعض المبادئ العامة التي وضعتها البعثة الجيولوجية الفرنسية منذ 1938 وحتى 1955، منشورات وخرائط تؤكد، على:
1- أن طبيعة لبنان جبلية بنسبة 75 بالمئة من مساحة لبنان، مرتفعات صخرية كلسية قاسية ومشققة، وهي تختزن كميات كبيرة من المياه المتسربة من اﻷمطار والثلوج.
2- منشورات المهندس الراحل ابراهيم عبد العال :”أن جبال لبنان الصخرية الكربوناتية هي مخازن حقيقية للمياه الجوفية”.
3- تقرير اﻷمم المتحدة للتنمية UNDP الصادر سنة 1970 بنيويورك – Liban eaux souterraines، وتضمن كشف حساب علمي، وهو الوحيد الموجود حتى اﻵن، حجم المياه السطحية (ينابيع + انهار) المتجددة سنويا يبلغ معدلها السنوي 1.3 مليار كتر مكعب. حجم المياه الجوفية المختزنة داخل الصخور الكربوناتية (القاسية والمشققة والذائبة بالمياه المتسربة داخلها والتي تسمى علميا بالمخازن الكارستية) يبلغ 3 مليارات مترا مكعبا متجددة سنويا.
4-بئران للقيادة العامة لقوات الطوارئ UNIFIL في الناقورة: على الكارست الطبشوري بعمق 320 متر البئر، اعطيا كميات كبيرة من المياه الجوفية، بدون اي تمليح لماذا؟ ﻷن مواقعها مدروسة علميا.
5-آبار صيدا: تتزود صيدا بكل حاجاتها بمياه جوفية عذبة ﻻ يطالها التملح، ﻷنها مدروسة علميا بشكل وضعت فيه اﻵبار وراء طبقة مانعة حمت المياه العذبة من مياه البحر.
6- آبار وادي جيلو: بضع كيلومترات عن البحر، منذ العام 1995 تزود 80 قرية اﻵن، لم تتملح، لماذا؟ ﻷنها مدروسة علميا.
إن القفز فوق هذه المعطيات العلمية اﻷساسية، بل والقول بما يناقضها للسير بمشروع “سد جنه” الفاشل علميا وبكل المقاييس، خصوصا لجهة المعطيات الجيولوجية والهيدروجيولوجية والتكتونية والزلزالية، يثبت للشعب اللبناني الواعي والذي رأى تجربة سدّي بريصا وشبروح، وسدّي القيسماني والمصيلحة، بأن هذه المجموعة السياسية جاهلة، ومن الناحية العلمية على اﻷقل، وان مشاريعها العلمية “ﻻ تركب على قوس قزح”.
هذا كلام علمي بمقدور خبراء الهيدرولوجيا إثباته علميا للذين يريدون الحقيقة العلمية، بعيدا عن الضوضاء السياسية والمهرجانات الخطابية التي يختلط فيها الدجل العلمي بكل اﻷنواع اﻷخرى.
التعميم اﻷعمى حول الثروة المائية لن ينفعكم. وللعلم، نحن ﻻ نتكلم عن مياه جوفية، بل عن مخازن صخرية للمياه الجوفية.

* أستاذ وباحث جامعي ومهندس هيدروجيولوجي