في متابعة من موقعنا greenarea.info لـ تحقيق نشر في 27 حزيران (يونيو) من العام الماضي، واتبعناه بـ تحقيق تضمن معلومات إضافية خاصة بموقعنا في 14 تموز (يوليو) 2015،
وبعد مناشدات من قبل الأهالي، يبدو أن مجرى النهر الشتوي بين بلدتي حصرايل وجدايل في قضاء جبيل في الطريق نحو تعبيده في سابقة لم يعرف العالم مثيلا لها، ودون مراعاة لما يشكله هذا العمل من مخاطر بيئية كبيرة على الأشجار الحرجية والمثمرة المحيطة، وأماكن السكن، خصوصا وأن قاطني البيوت والوحدات السكنية القريبة، عاد بعضهم للإتصال بنا بعد أن علموا من أحد المصادر في التفتيش المركزي بكتاب رسمي وجه عبر وزارتي الطاقة والأشغال لتعبيد مجرى النهر.
وعملية تعبيد مجرى النهر لا تشرع الكسارات والمعامل والجبالات الإضافية على مجرى النهر فحسب، بل تشرع أيضا بقاء هذه الكسارات والإمعان بالأذى البيئي، وقضم ضفاف المجرى الشتوي، وعلى الرغم من قرار وزارة البيئة بإقفال إثنتين من هذه الكسارات، وصدر آخر قرار بإقفال الكسارة في العقار 80 في 21 نيسان (أبريل) 2016 تحت رقم 275/ب/ش/2015 المقدم من لجنة من الأهالي إلى وزارة البيئة، وأرسلت وزارة البيئة بدورها كتابا إلى وزارة الداخلية لإقفال هذه الكسارة، إلا أن هاتين الكسارتين لا تزالان تعملان، وحتى بعد خلو المنطقة المحيطة بهما من الصخور، بعد إزالة الأشجار وقضم الجبل المجاور على علو 60 مترا، وذلك باستقدام صخور وردميات من مناطق أخرى، وتكسيرها ونقلها من وإلى الكسارات على مجرى هذا النهر، ما أدى، فضلا عن الإزعاج من مرور الشاحنات وأصوات تكسير الصخور على مدى 24 ساعة، بالأذى ومشاكل تنفسية وحساسية بين السكان في أكثر من 100 وحدة سكنية محيطة، وخصوصا لكبار السن والأطفال ومرضى الربو والحساسية، نتيجة وجود الغبار الدقيق المتطاير، ورائحة المازوت والضجيج.
أشخاص فوق الدولة والقوانين
لا شك أن الأزمة متعددة الجوانب، والسلطة ضائعة بين الوزارات والإدارات المعنية، إلا أن من هم أقوى من السلطة التنفيذية ومن الوزراء والقرارات الوزارية، فعلى الرغم من أن المتضررين لم يتركوا بابا إلا وطرقوه على مدى 8 سنوات، ومنذ 2009 بهدف حل هذه المشكلة، فلم ترقى أي من الكتب المرسلة إلى الوزارات إلى التنفيذ، خصوصا القرار الأخير من وزارة البيئة، وسأل المتضررون وبدورنا نسأل، ماذا يمنع وزارة الداخلية ومكتب محافظة جبل لبنان المسؤولين من تنفيذ هذا القرار والقرارات السابقة؟
وفي التفاصيل، أفاد رئيس مصلحة الموارد الطبيعية في وزارة البيئة المهندس نديم مروة في حديث إعلامي أن “الشكوى وردت من وزارة الداخلية والبلديات إلى وزارة البيئة، وأفادت بأن المخالفة القائمة لشروط الترخيص المعطى انها تتم بإنتاج البحص الذي يباع في الخارج مع ان شروط العمل في هذه المنشأة هي استعمال ناتج الكسارة في صناعة احجار الباطون، والمخالفة الثانية هي عمل هذه الكسارة والمنشأة ضمن مجري مياه شتوي، وتوجهت لجنة من وزارة البيئة وكشفت على الموقع، وبالعادة تسمح وزارة البيئة والمجلس الوطني للمقالع والكسارات باستثمار كسارة صغيرة للاستعمال ضمن المعمل، لتستعمل ناتج الكسارة في صناعاتها مثلا مجبل باطون، مجبل زفت مصنع احجار باطون وغيرها من أجل التخلص من الردميات، من بقايا أحجار، ويمكن الإتيان بها لاستخدامها في صناعاتهم“، وأضاف بأنه “تبين من الكشف أن الكسارة كبيرة، وأنها تستخدم الكثير من الحجارة وتبيعها للخارج والوصول إلى المعمل عبر المجرى الشتوي، وتبين أن هناك أكثر من مخالفة، وبناء عليه، تمت مراسلة وزارة الداخلية، لوقف العمل بهذه الكسارة، وننتظر أن يردنا جواب وزارة الداخلية والبلديات بهذا الشأن“، وأشار مروة إلى أنه “يجب أن تخضع المقالع والكسارات لجهة الإستثمار بطرق قانونية، ضمن مخطط وزارة البيئة التوجيهي للمقالع والكسارات من دفع كفالة مصرفية، ضرائب، شروط ودفع رسوم لوزارة البيئة، وأنها يجب أن تكون متواجدة في جبال لبنان الشرقية فقط وليس بين الوحدات السكنية، بالتالي فهذه المنشآت مخالفة ويجب أن تخضع للقانون، ولكن كما هو الحال في كافة الملفات، فثمة محاصصة في هذا الملف كما في غيره، ونطلب من المواطنين ألا يثنيهم هذا عن المتابعة بشكواهم حتى تنفيذ الأمر“.
وتحدث عدد من سكان جدايل، بالإضافة إلى عدة اشخاص اتصلوا بموقعنا greenarea.info لجهة معالجة هذه المشكلة المزمنة، والتي تم ارسال أكثر من 40 شكوى اختفت معظمها في أدراج الإدارات، ويستمر العمل كالمعتاد على الأرض دون أي اعتبار لكرامة وصحة المواطن ومحنته ومعاناته مع الفساد الإداري المتفشي، فضلا عن تقاذف المسؤوليات بين الإدارات المعنية، كما أن التراخيص مثلا بـ (جاروشة بحص) خاصة بمعمل صغيرة، تتحول إلى كسارة كبيرة، ولا تراعي الشروط البيئية، مثل ساعات العمل، ومعالجة الغبار المتطاير برش المياه، ومعظم التراخيص المعطاة إن لم تكن جميعها لا تعمل بالشروط المطلوبة، وطالب الأهالي بتطبيق القانون، وعندها فكل شخص يأخذ حقه والدولة كذلك، إلا أن بعض المتنفذين، وبطرق ملتوية، يتوصلون إلى ايقاف العمل بهذه القرارات بتحد لكل السلطات.
تشابك السلطات
وأشار بعض المواطنين أن هذه المنشآت لأشخاص ليسوا من القريتين، إنما من أصحاب رؤوس الأموال، وأنها تعتبر وسائل ممنهجة لتهجيرهم من قراهم ومساكنهم، وطالبوا الجهات المختصة بتطبيق القوانين من كافة الوزارات والإدارات المعنية.
وكون المسألة متشابكة بين وزارة الصناعة والمتعلقة بالحصول على تراخيص المصانع، وزارة الزراعة بشأن استصلاح الأراضي والحفاظ على المناطق الخضراء، وزارة الأشغال ومديرية المقالع بخصوص الطرق والكسارات، ووزارة البيئة التي عاينت وتابعت الوضع على الأرض ولم يعمل بتوصياتها، خصوصا وأن من شروط عمل المنشآت وخصوصا الكسارات فضلا عن مرور الشاحنات على الطرق، وما ينتج عنها من ضجيج وتطاير للغبار ومن التلوث البيئي من مصادر متعددة، وقراراتها المختلفة بوقف التراخيص التي لم تنفذ حتى الآن من قبل وزارة الداخلية والبلديات ومحافظة جبل لبنان، ولم توقف عمل هذه الكسارات المخالفة حتى الآن.
قائمة ببعض الشكاوى
وهذه بعض هذه الشكاوى المقدمة من المواطنين:
وزارة الطاقة والمياه:
شكوى رقم 135/ص1 بتاريخ 19/6/2009 وتحويل الشكوى الى وزارة الداخلية في كتابين الأول رقم 2203/ص بتاريخ 13/8/2009 والثاني رقم 18/ص1 بتاريخ 25/2/2010 والثالث193/ص تاريخ 22/5/ 2014
وزارة البيئة:
شكوى رقم 109/ب/ش/2010 بتاريخ 27/10/2010 والمشار فيه إلى كتابين سابقين موجهين من وزارة البيئة ( 3907/ب، و3404/ب بتاريخ 18/8/2010) إلى وزارة الداخلية والبلديات بوقف العمل على العقارين 70 و80 على مجرى النهر، وإعادة الإستثمار بطرق تراعي الشروط البيئية، وتبعه 3 شكاوى 231/ب/ش/ 2010 بتاريخ 27/10/2010، والكتاب 195/ب/ش/2013 بتاريخ 19/11/2013 والكتاب 195/ب/ش/2014 بتاريخ 10/7/2014.
محافظة جبل لبنان:
شكوى رقم 591/2014 المقدمة من مختار جدايل لعدم تنفيذ قرارات الكتب السابقة من وزارة الطاقة والبيئة.
وزارة الداخلية والبلديات:
آخرها الكتاب الموجه إلى معالي وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق275/ب/ش/2015 و 273/ب/ش/ 2015 بتاريخ 21/4/2016 وشكوى سابقة رقم 429/2015 وتضمن نسخة عن الكتب السابقة فضلا عن شكوى مختار جدايل الموجه إلى وزارة الداخلية رقم 9597/12/6/2014، وشكاوى أهل جدايل إلى وزارة الداخلية رقم 11822 تسجيل 19015/2013/ر وطلب الرد من وزارة الداخلية.
تسويف ومماطلة
وعلى الرغم من متابعة المواطنين لشكواهم مع كافة السلطات المعنية، ورغم التسويف والمماطلة فإنهم مستمرون رغم سياسة المحاصصة، فضلا عن الفساد في كل شأن وملك عام ومنطقة، في مبدأ “لا ضياع لحق بدون مطالب“، وأنه لن يطردهم متمولون من بيوتهم، بينما نجد أن عيون السلطة ساهرة على أي مخالفة بناء، أو تعديل في بناء، نستغرب، كيف يتم بناء المنشآت على مجرى نهر شتوي، وتتابع بمعاملات بقرار تعبيده، وتستمر الكسارات والمعامل المخالفة وغض النظر عنها، ولا من حسيب ولا رقيب، وبالمقابل تنتهك حرمة الموارد الطبيعية في بلادنا بشتى الذرائع والتراخيص، ويُغَّض النظر عنها ودون محاسبة، فإلى متى؟ وهل ثمة أمل بتضافر جهود الإدارات والوزارات المختلفة لتطبيق القوانين؟ وهل ثمة فكرة باستحداث شرطة بيئية بقوى تنفيذية على الأرض، تقوم بالمطالبة وبحزم بالقيام بتطبيق شروط كل المنشآت وخصوصا المقالع والكسارات لجهة الإستثمار بطرق قانونية، من دفع كفالة مصرفية، ضرائب، شرط وأن تكون هذه الكسارات متواجدة في جبال لبنان الشرقية فقط، وليس بين الوحدات السكنية، والتشدد بتطبيق القوانين متبوعة بتنفيذ العقوبات بحالة عدم الإذعان بالإقفال بالشمع الأحمر!