سابقة قانونية غير معهودة في لبنان، كمّ الأفواه لصالح أصحاب المشاريع والاستثمارات الضخمة المدمرة للبيئة، ممنوع الانتقاد، مسموح تدمير جبال ونهش أحراج وقضم تلال، لا بل أبعد من ذلك، يتم استدعاء من تجرأ وقال “لا” لمشروع جبالات الاسمنت في جبال ضهر البيدر على صفحات “فيسبوك”، فيما تتوالى يوميا صور قتل الحيوانات البرية والطيور المهاجرة، وحرق النفايات، وقطع الأشجار ولا من يحرك ساكنا.
فعلى خلفية النزاع القائم بين شركة فتوش للمقاولات وبلدية عين دارة في ما يخص مشروع معمل الإسمنت (الجبالات) المزمع إنشاؤه رغم الاعتراضات المحلية، على مساحة مليون ومئتي ألف متر في خراج بلدة عين دارة، وبالنطاق الجغرافي لمحمية أرز الشوف من جهة ضهر البيدر، وهو معمل قدرت مساحته بخمس مرات في مقارنة معمل شكا للترابة، وربما أكثر ضررا، تستمر الشركة بالضغط على الأهالي من اجل كسر معارضتهم لصالح هذا المشروع وغيره في جبالهم من معامل اسمنت وزفاتات ومقالع وكسارات، وتسخير إمكانياتهم وصولا إلى رفع دعاوى قدح وذم وافتراء على كل من تسول نفسه الحديث عن هذه المشاريع على صفحات التواصل الاجتماعي وفي الإعلام، وفي هذا السياق رفع آل فتوش دعوى على الناشط البيئي والمدني المهندس عبد الله حداد ومختار البلدة طوني بدر، عضو المجلس البلدي ستيفن حداد والمهندس ديب بدر.
اعتصام
ونفذ أهالي عين دارة وفاعلياتها وناشطون بيئيون اعتصاما مساء اليوم أمام مخفر المديرج، تزامنت مع موعد الاستجواب.
وجاء في بيان وزع خلال الاعتصام: “يستمر آل فتوش بالضغط على اهالي عين دارة من اجل كسر معارضتهم لصالح مشاريعهم التدميرية في جبالهم، من معامل اسمنت ومقالع وكسارات، عبر اللجوء الى رفع دعاوى قدح وذم وافتراء على كل من تسول نفسه الحديث عن هذه المشاريع على صفحات التواصل الاجتماعي وفي الإعلام. ها هم يرفعون دعوى على الناشط البيئي المهندس عبد الله حداد الذي يسعى الى رفع الضرر الهائل عن بلدته وجوارها وعن مجرى نهر الدامور وعن محمية أرز الشوف”.
وأضاف البيان: “لا يخفى على احد انه من جهة ضهر البيدر، وفي اعلى نقطة من قضاء عاليه، هنالك الكسارات الأشهر في لبنان والعصية على كل قوننة وتنظيم، وآثارها المدمرة على النشاطات الزراعية والسياحية وعلى القيمة الاقتصادية للأرض وعلى القيمة الجمالية للمنطقة، وعلى تلوث المياه الجارية والجوفية، ويريد آل فتوش اضافة مجمّع لصناعة الإسمنت على مساحة 1200000 متر مربع، ما يشكل ضربة قاضية لكل بيئة عين دارة وجرد عاليه ومجرى نهر الدامور وجزء كبير من البقاع الأوسط”.
ولفت البيان إلى أن “هذه الأعمال وكونها غير شرعية، تتم عبر مخالفة فاضحة لقوانين البيئة والزراعة وحماية الأحراج والبلديات والعقارات، ولقانون محميّة أرز الشوف، ولمراسيم تنظيم المقالع والكسارات وتقييم الأثر البيئي. وتتم عبر طرق عنيفة تعتمد الترهيب والتهديد والابتزاز، وعبر الإفساد المالي والأخلاقي”، وأشار إلى ان “هذه الأعمال من تفجير وجرف وقطع تتم بمعزل عن اي قانون ناظم، شرّعته المؤسسات الرسميّة اللبنانيّة، وفي تعارض تام معه، إذ يتم خرق كل القوانين والمراسيم، وكل ذلك تحت سمع وبصر وحماية كل من هو مفترض أن يوقف هذه الجرائم. لذلك يجد اهالي عين دارة انفسهم امام نظام مافيوي متكامل مؤلف من أناس يقومون بعمل جرمي ومن سلطات تحميهم”.
وختم البيان أنه “بدعم عين دارة واهلها يمكننا كلبنانيين محاربة كل منظومة الفساد في لبنان”.
حداد: محاولات رخيصة
وانتقد عضو المجلس البلدي العميد مارون بدر “سياسة كم الأفواه، خصوصا كل من يتكلم عن البيئة والكسارات، ولا سيما مشروع الإسمنت الذي يحاول إقامته بيار فتوش، فإذا بالنيابة العامة تطلبه إلى مخفر عين دارة، ولا نعرف السبب، وسنستمر بالكلام رغم كل شيء حفاظا على طبيعتنا وبيئتنا ومياهنا”.
وعن طبيعة التحرك، قال المهندس انطوان حداد “هو ردة فعل عفوية من أهالي عين دارة وبدعم من المجلس البلدي، والعديد منهم موجودون هنا وهدفه التصدي للتخريب الذي حصل في الماضي، وبالحقيقة قالت عين دارة كلمتها في الإنتخابات البلدية الأخيرة، وأنها ترفض السياسة السابقة التي كانت تتغاضى عن هذا الموضوع الخطير الأخير المتمثل بمشروع الإسمنت، والذي تم رفضه وترحيله من منطقة زحلة بسبب أضراره الهائلة”.
وقال: “المصنع المقترح انشاؤه يقع على ارتفاع 1500 متر وفي محيط يعج بمنابع المياه والثروات الطبيعية، وفي منطقة جامعة تشمل نحو ثماني قرى، منها عين دارة قب الياس، حمانا، فالوغا، المريجات وبمهريه وغيرها”، وأكد أن “هذا المعمل لن يمر، لأنه يعني نهاية عين دارة كما عرفناها، المليئة بالثروات الطبيعية والتي لها فضل على كل لبنان، والتي رفضت وترفض أن تموت، لأن هذا المشروع يعني موت عين دارة، وما نجده هو أن هناك استغلالا رخيصا للوسائل القضائية، وقصير الأمد لأن هذا الأمر لن يذهب بعيدا، بالمطالعة القانونية والإدعاء وبرسم النيابة العامة التمييزية، برسم الحكومة أن يكون المعتدي والمفتري هو الذي يستدعي الناشطين البيئيين الذين يدافعون عن نمط حياتهم، ومصير قريتهم، وتسخير الوسائل القانونية لخدمة الإنتهاكات، فهذه مهزلة يجب أن تتوقف، بكل صراحة، ولن نقبل نحن كأولاد عين دارة بأن تستمر، لن يرهبنا، لن يرهب أهالي عين دارة، وكما تشاهد فدرجة الإحتجاج كل مرة أكبر من التي سبقتها، لأن أهل عين دارة صمموا أن يبقوا في قريتهم”.
ورأى حداد أن “هناك محاولات رخيصة أخرى منها أن هذا المعمل يخلق فرص عمل ومحاولة اللعب على حاجات الناس المعيشية، أهل عين دارة يحبون أن يعيشوا بالوسائل التي لا تدمر قريتهم، وكل ما يعرض من إغراءات من طريقة لحس المبرد، أي ندبر عشر وظائف، ونقتل قرية بالكامل، وهذه المسألة لن تمر فأهل عين دارة أصبحوا واعين لكل ما ابتليت به من تحطيم لبيئتها عن طريق الكسارات، والإنتهاكات خلال 20 سنة”.
تم الاستدعاء على دفعات، وأشار حداد أن “هذه المسألة لا يتحمل مسؤوليتها السيد فتوش فحسب، بل كل من يتواطأ معه من المسؤولين سواء في القضاء أو الأمن في هذه القضية، ولكن لدينا امل أن لهذه الأجهزة درجة من الوعي والنزاهة بألا تنجر إلى هذه القضية، وأن توقف تلقائيا لعبة الإستدعاءات بناء على منتهك، فلا يحق للمنتهك أن يستدعي مواطنين محترمين يدافعون عن نمط حياتهم”.
خيرالله: لوقف معمل الموت
واشار الناشط بشارة خير الله إلى ان “نقول لنقولا فتوش خسرت في الإنتخابات الأخيرة في زحلة، ولفظت المدينة هذا النهج نهجك، لأنه كان يريد أن يدمر ووقفنا مع زحلة في ذلك الحين، ونطلب الآن من أهالي زحلة الوقوف مع أهالي عين دارة والجوار لوقف معمل الموت من الإنتقال من زحلة إلى عين دارة”.