تصاعدت وتيرة حرائق الغابات والأحراج في لبنان، ولا سيما في الأيام القليلة الماضية، ما يشي بأن صيفاً حاراً وملتهباً على الأبواب، مع ارتفاع درجات الحرارة، خصوصا على المرتفعات والمناطق الداخلية، واتسعت بذلك دائرة الحرائق في معظم الغابات والأراضي الزراعية الواسعة.
وكانت الحصة الأكبر لبلدة جعيتا قضاء كسروان، اذ اندلع في خراجها حريق كبير خلال الأيام المنصرمة، وامتد على مساحات شاسعة من غاباتها، فيما شبت في محافظة عكار حرائق عدة، وأيضا بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وطاولت بلدات: الأرقف، مسحا، حيزوق وبيت حدارة، وأتت الحرائق على مساحات واسعة من الاراضي المزروعة بالاشجار المختلفة.
وشهد جنوب لبنان عمليات اخماد حرائق واسعة من قبل فوج الاطفاء التابع لـ “اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل” بعدما شب حريق في خراج بلدة شقرا – الحاووز، وأتت النيران على بعض حقول القمح وبعض الاشجار المثمرة، بمساحة اجمالية قدرت بـ 20 دونما.
ومنذ أيام قليلة عملت وحدات الجيش المنتشرة عملانيا مع عناصر الدفاع المدني، على اخماد حرائق شبت في خراج بلدات مجدليون، معروب، النبطية، شوكين، زفتا ورويسات الجديدة. وقدرت المساحات المتضررة بنحو 36 دونما من الاعشاب اليابسة.

تطبيق قانون الغابات

تشير الدراسات والإحصائيات، وفقا لـ “جمعية الثروة الحرجية والتنمية” AFDC إلى أن الغطاء الحرجي في لبنان تقلّص بشكل مخيف منذ الستينيات من القرن الماضي حتى الآن. وتقدّر المساحة الإجمالية للغابات في لبنان حالياً بحوالي الـ 13 بالمئة، بعد أن كانت تقدر بأكثر من 30 بالمئة في العام 1960.
وفي هذا السياق، أوضحت مديرة الجمعية سوسن أبو فخر الدين في حديث لـ Greenarea.me أن “قلة المتساقطات تساهم بشكل كبير في نشوب الحرائق، بالإضافة إلى درجات الحرارة المرتفعة، فضلا عن انعدام الرطوبة في التربة، الأمر الذي يسمح بتمدد الحرائق على نطاق واسع في الغابات”، وأشارت إلى أن “غالبية الحرائق في لبنان تبدأ من المناطق الزراعية خلال فصل الصيف، حيث تكثر الأعمال الزراعية في ظل قلة الوعي لدى المزارعين، إضافة إلى الحرائق التي تبدأ من جوانب الطرقات نتيجة أعمال التنظيف باستخدام النار أو رمي أعقاب السجائر المشتعلة”.
وأضافت أن “أبرز الحرائق تقع خلال عطلة الأسبوع، خصوصا في ظل غياب آليات الرقابة على سلوكيات المزارعين والعاملين أو حتى زوار الغابات”، ولفتت أبو فخر الدين إلى “ضرورة تطبيق قانون الغابات من خلال آلية محكمة، حيث أن أغلب البلديات لا تقوم بدورها على صعيد مراقبة وحماية الغابات والأحراج في نطاقها”، وشددت على “وجوب تفعيل دور الدفاع المدني عبر تقديم التجهيزات المتطورة، وتقديم التجهيزات اللازمة للبلديات كي تقوم بواجباتها لحظة اندلاع أي حريق”، وتابعت “يجب العمل على نشر الوعي بين الناس والمزارعين لتجنب الأفعال التي تؤدي إلى اندلاع الحرائق”، ورأت أبو فخر الدين أن “من الضروري مراجعة قانون الغابات، في ظل غياب قانون يرعى تنظيم وإدارة الغابات”.

معضلة حرائق الغابات

وتتعدد المخاطر التي تواجه الغابات والمساحات البرية في لبنان، بدءا من قطع الأشجار والرعي الجائرين، مرورا بالتوسع العمراني العشوائي، وصولا إلى حرائق الغابات التي تعتبر، وفقا للإحصائيات، السبب الرئيسي لتدمير هذه الغابات.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة على المستوى الوطني في هذا المجال، إلا أن معضلة حرائق الغابات لا تزال تأتي على غابات لبنان وتقضي على الكثير منها عاما بعد عام.
وفي ضوء انتشار ظاهرة الحرائق التي خبرها لبنان منذ العام 2007، بادرت الحكومة اللبنانية عبر رئاسة مجلس الوزراء إلى تشكيل لجنة وزارية ضمت وزارات الداخلية والبلديات والزراعة والدفاع الوطني والبيئة، وخبراء من جمعية الثروة الحرجية والتنمية (AFDC)، لوضع خطة استراتجية لمواجهة مشكلة حرائق الغابات في لبنان. وفي العام 2009 تم إقرار هذه الإستراتيجية بناء على القرار رقم 52.

الغابات مصدر دخل

تشكل الغابات مصادر متنوعة للدخل، حيث تعتبر أحراج الصنوبر موردا إقتصاديا هاما للبنانيين عموما وللقرويين بشكل خاص. كما يتميز لبنان بتنوعه البيولوجي والنباتي، إذ تنتشر فيه المراعي الخصبة الصالحة لتربية النحل، وتشكل غاباته مصدرا لمنتجات أخرى كالفحم والحطب والنباتات الطبية والعطرية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This