لم تكن عين دارة (قضاء عاليه) وحيدة أمس في مواجهة التدمير الواسع لبيئتها من تخوم محمية أرز الشوف حتى جبالها في أعالي ضهر البيدر، وفي التصدي لما يتهددها الآن من مخاطر مع محاولات لتمرير مشروع جبالات الاسمنت، فجاءت الـ “النزهة الجبلية كرمال عين دارة ولبنان”، التي نظمتها “هيئة المبادرة المدنية” في البلدة، بدعم ومشاركة المجلس البلدي الجديد وأهالي البلدة الرابضة في أعالي قضاء عاليه على تخوم ثلاثة مناطق (بعبدا، الشوف والبقاع الأوسط)، وشارك فيها أصدقاء عين دارة من ناشطين مدنيين وبيئيين ونقابيين ومواطنين من كافة مناطق لبنان، لتؤكد أن ما يواجه البلدة بات قضية بيئية وطنية، أبعد من جغرافيا التخريب والتدمير والتشويه، وأن ثمة إرادة قادرة على تعرية مافيات المال والبحص والرمال وقضم الجبال ونهش الغابات، والتصدي لهم بقوة الحق والقانون.

33

انطلقت “النزهة” من أمام مبنى البلدية، وشقت طريقها صعودا، قطع خلالها المشاركون 11 كيلومترا، بدءا من ارتفاع 1326 مترا وصولا إلى 1626 مترا، بهدف التمتع بجمال الطبيعة من جهة، ومعاينة التشويه الذي لحق بهذه الطبيعة من جراء عمل المرامل والكسارات من جهة ثانية، علما أن ما قضم من جبال يعتبر تشويها غير قابل للمعالجة، وسيظل ماثلا ليؤرخ بعد سنوات طويلة لما ارتكبه “زعماء” الكسارات تحت نظر الدولة وبرعايتها.
وأكد رئيس البلدية فؤاد هيدموس أن “المجلس البلدي متمسك بالقوانين، وسيعمل على إقفال كافة الكسارات والمرامل غير الشرعية، فضلا عن العمل على وقف إنشاء معمل الإسمنت”، لافتا إلى أن “لجنة من المحامين تدرس الملفات العديدة لإيجاد حلول ناجعة للمشاكل البيئية”.
فيما أكد مارك ضو باسم “أصدقاء عين دارة” أن “قضية معمل الإسمنت تتخطى حدود بلدية عين داره كونها تمثل إشكالية بيئية تطاول الوطن، وتشكل أزمة مخاطر وطنية لثلاثة أسباب أولا أن امتداد المواد المنبعثة من المعمل ودواخينه ستطاول محمية أرز الشوف، وثانيا المواد الكيميائية المستعملة في هذا المعمل منها الكلينكر وغيرها، ستؤثر على الموارد الجوفية وعلى ارتفاعات ابتداء إلى 1500 متر، وثالثا، أن مثل هذه المعامل تتطلب إدخال مواد كيميائية ونقلها من وإلى المعمل، خصوصا من المرفأ وسوريا، وعلى طريق رئيسي هو طريق الشام ويشمل قافلة من الشاحنات، قد تشكل خطر التلوث بالمواد الكيميائية، والنقطة الثانية تتمثل في أن مدينة زحلة، رفضت هذا المعمل ويحاول الآن النائب نقولا فتوش الضغط لوضعه في أعالي جبال عين دارة بسبب حالة التسيب وكثافة النشاط غير الشرعي، واعتقد أنه يمكن أن يمرر هذا المشروع “.

55

وأشار المهندس عبدالله حداد باسم هيئة المبادرة الوطنية إلى أنه “منذ أكثر من عشر سنوات كان الجميع يتحدث عن (جماعة البيئة) كشباب حالمين بالشجر الأخضر والهواء العليل، إلى أن تبين للجميع، أن هؤلاء الشباب بنضالاتهم، وتضحياتهم، وتمسكهم بسيادة القانون، استطاعوا تحقيق إنجازات عدة، منها تجميد مشروع السد المدمر جنوب غرب البلدة بانتظار صرف النظر عنه نهائيا، وإقفال المرامل التي نهشت غابات الصنوبر المواجهة لمناطق التطوير السكني والسياحي، كما ساهمت المجموعة، ودون أن تدخل في أي اصطفاف، في إسقاط النظام البلدي القديم المعادي للبيئة، وحولت النقاش الدائر خلال الإنتخابات البلدية الأخيرة إلى حوار حول البرامج وإلى قضية رأي عام كانت البيئة في صلبها”، ولفت إلى أن “جماعة البيئة هذه التي تضم مهنيين وإداريين ومهندسين وقادة رأي تحولت اليوم إلى مجموعة خبرة وقوة إقتراح، تضع إمكاناتها في خدمة مجتمعها وهيئته المنتخبة، وترحب بسياسة المجلس البلدي الجديد القادمة على خلق آليات تعاون وتنسيق دائمة مع المجتمع المدني”.

44

وقال حداد: رؤيتنا لمستقبل عين داره، ترتكز على مزايا البلدة يالطبيعية والجغرافية وطاقاتها المهنية، لن نتوسع في شرحها لكنها قائمة على الإستقطاب السكني والعقار الريفي المحاط بالجنائن، والزراعات العضوية ذات القيمة المضافة، والترفيه والرياضة والتنمية البيئية، فعين داره القرية الوحيدة التي يمر بها درب الجبل اللبناني في أحيائها السكنية، وبالمناسبة، سوف نختم نزهتنا عائدين على هذه الدرب، ومع إنشاء المدينة الصناعية شمال البلدة، استقطاب النشاطات اللوجستية من توزيع وتعليب وإعادة تصدير نظرا للموقع الجغرافي، لكن علينا أن نحرص أن توفر لأهلنا فرص عمل لائقة ومنتجة وصديقة للبيئة”.
وقال حداد: “تشكل عين داره، منذ التسعينيات من القرن الماضي، المثال الحي لهذا النموذج المدمر مع الترخيص للكسارات في مناطق إستثناء، ملاصقة لمحمية أرز الشوف لم تلبث أن تحولت إلى مناطق انتهاك لجميع القوانين الناظمة لهذا القطاع، لا سيما قانون تنظيم المقالع والكسارات، فتمددت من عقار في جبل عين داره أفقيا نحو العقارات المحيطة وعموديا بشكل لا محدود، متجاوزة موقع الرخصة وشروطها إلى حد نشوء نزاع حول ضم أملاك مشاعية لعين داره إلى نطاق العقارات الخاصة، في ظل تقاعس وتواطؤ المجالس البلدية المتعاقبة والسلطات العامة من ناحية التجاوز العقاري وتجاوز شروط الرخصة”.
وأضاف حداد “إلى جانب ذلك، ومع وجود هذه المخالفة الصارخة تمدد نطاق الأنشطة التدميرية نحو إنشاء كسارات غير مرخصة من قبل ملاك آخرين في الجبل، ووصلت عملية التصحر كي تشمل أجمل مناطق البلدة وغاباتها المواجهة لمناطق التطوير العقاري والسياحي”.
ولفت إلى أنه “نتيجة للسياسات المتبعة تواطؤا وتساهلا أو تعمدا فقد أدى هذا إلى تدمير الأصول البيئية التي تعتمد عليها البلدة من جبال، غابات، زراعة، مشاعات، أملاك عقارية، وإلى تبخيس القطاع العقاري والسكني نتيجة الضرر اللاحق بالمنظر المحيط ونظافة الجو وسلامة الطرقات والخوف من تمدد التخريب إلى المحيط المباشر للعقارات القائمة زراعة وسكنا”، وأضاف “وأدى هذا إلى استدراج أنشطة أخرى غير شرعية كالمرامل، فضلا عن الهيمنة قرارات المجلس البلدي السابقة لدرجة تحويل أعلى مسؤوليها من رعاية مصالح بلدتهم إلى مسهلين لإجراءات تراخيص المشاريع التدميرية، بعد اتخاذهم القرار رفضها الشكلي ثم إلى مسوقين في الوزارات والإدارات المختصة”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This