قبل ساعة ونصف الساعة من مطالبة وزير الداخلية نهاد المشنوق “إعادة النظر بمناقصة مشبوهة في مجلس الإنماء والإعمار حول النفايات”، كان مفوض الحكومة لدى المجلس وليد صافي قد اتخذ قراراً برفض توقيع عقد مباشرة العمل مع “شركة الجهاد للمقاولات” التي فازت في 18 ايار (مايو) 2016 بمناقصة انشاء مركز مؤقت للطمر الصحي في منطقة الشويفات – خلدة، قرب مصب نهر الغدير المعروف باسم مطمر “الكوستابرافا”.
وتؤكد معلومات greenarea.info ان قرار صافي برفض التوقيع يقع ضمن صلاحياته كمفوض حكومة، لكن خطوة القيادي البارز في “التقدمي الاشتراكي”، لم تكن لتحصل لولا الضوء الأخضر المفتوح من النائب وليد جنبلاط، الذي سبق وانتقد بشدة واكثر من مرة الطريقة التي تجري فيها ادارة المناقصات من قبل “مجلس الانماء والاعمار”.
وتعيد هذه الخطوة خلط جميع الاوراق المتعلقة بمناقصات النفايات، خصوصاً بعد ان كشفت العروض المالية التي تقدمت بها الشركات، ضمن مناقصة انشاء مركز مؤقت للطمر الصحي في منطقة برج حمود، الجديدة – البوشرية – السد، عن فروقات شاسعة في الاسعار وصلت الى حدود 77 مليون بين “شركة خوري للمقاولات – داني خوري وشركاه”، التي قدمت السعر الادنى وفازت بالمناقصة، والسعر الاعلى 186 مليون دولار الذي تقدمت به شركة “حورية عبد الرحمن للمقاولات”.
وتؤكد معلومات greenarea.info ان قرار صافي برفض التوقيع جاء بناء على مقارنة بين الارقام المقدمة في مناقصة برج حمود ومناقصة “الكوستابرافا”، حيث يتبين ان هناك حوالي عشرة دولارات اميركية زيادة في ارقام “جهاد العرب” لجهة كلفة الطمر الصحي في “الكوستابرافا”، بالمقارنة مع الارقام التي تقدم بها داني خوري، وكذلك الامر لجهة كلفة انشاء كاسر الامواج حيث بلغ الفرق عدة ملايين من الدولارات، وكمحصلة، توصل صافي الى خلاصة مفادها ان السعر المقدم في “الكوستابرافا يمكن ان يخفض بما يزيد عن ٢٥ مليون دولار، ورفع الى مجلس ادارة مجلس الانماء والاعمار اقتراحا باعادة التفاوض مع المتعهد الفائز (جهاد العرب)، لخفض سعره بما يتلائم مع طبيعة وحجم الخدمات التي سيقدمها، او اعادة المناقصة برمتها.
في المقابل يتبين ان حرباً تشن على العرض الذي تقدم به داني خوري في برج حمود، حيث وجهت له اتهامات بانه “حرق” سعره عن قصد، وبغرض ارباك بقية العارضين، خصوصاً المجموعة المندمجة ميلاد ابو رجيلي وشركة Hicon، التي كانت تعتبر ان العرض الذي قدمته والبالغ قرابة ١٢٠ مليون دولار، كان عرضاً مدروساً جداً وغير قابل للمنافسة، الى ان جاءت الصدمة بعد ان كشفت عروض الاسعار من بقية الشركات.
وبناء عليه، يمكن الاستنتاج ان اصرار رئيس “مجلس الانماء والاعمار” نبيل الجسر منذ يوم امس على القول ان هناك عمليات تدقيق تجري بخصوص العروض المالية لمطمر برج حمود، وان ليس هناك من نتيجة نهائية بعد، يضع اكثر من علامة استفهام حول حقيقة خلط الاوراق الذي يحصل على صعيد علاقة الشركات في ما بينها، وعلى صعيد مواقف القوى السياسية من العارضين.
ورجح مصدر متابع لـ greenarerea.me ان يتم الغاء نتائج المناقصتين ضمن معادلة تقول: “انه اذا كان سعر “العرب” مرتفع جداً، فان سعر خوري “متدنٍ جداً”، وبناء عليه يجب اعادة مناقصات الطمر مرة جديدة!”.
يحدث كل ذلك في وقت لم تفصل دفاتر شروط المناقصات بين الردم والطمر وليس من اختصاص العارضين الطمر، وفي وقت تستنفد فيه مواقع التخزين المستحدثة في برج حمود والشويفات طاقتها الاستيعابية، وفي وقت تجدد بلديات اقليم الخروب رفضها اقامة مطمر صحي في نطاقها، وتترك نفايات قضاءي الشوف وعاليه في الطرقات.