في اكتشاف جديد وثقته دراسة علمية نشرت نتائجها قبل أيام عدة في العديد من الدوريات العلمية المتخصصة، اكتشف الباحثون نوعا غريبا ونادرا من أسماك “السلور” catfish، تتميز بأنها بلا عيون، في كهف من الحجر الجيري في ولاية تكساس الأميركية، بعد أن ساد اعتقاد لفترة طويلة أن هذا النوع من الأسماك يتواجد فقط في المكسيك.
وتعيش هذه الأسماك المهددة بالانقراض حصريا في المياه الجوفية، وجاء اكتشافها ليقدم دليلا على النظرية القائلة بأن الكهوف تحت الماء ربما تربط أجزاء من طبقة المياه الجوفية الكبيرة في تكساس والمكسيك، وقد رصد الباحثون زوجا من الأسماك الوردية العمياء بالقرب من “ديل ريو” Del Rio في تكساس، وتم نقله إلى مركز خاص في قسم “حديقة حيوان سان أنطونيو للبحث والحفاظ على الحيوانات” the San Antonio Zoo’s Department of Conservation and Research.
بين الشائعات والتأكيد
وتنمو هذه الأسماك واسمها العلمي Prietella phreatophila ويصل طولها إلى نحو ثماني سنتيمترات، وقد استعصى اكتشافها لفترة طويلة على العلماء في ولاية تكساس، حتى اكتشافها في أيار (مايو) الماضي في كهف عميق من الحجر الجيري في “منطقة منتزهات أميستاد الوطنية” Amistad National Recreation Area، وتم رصد مجموعة من الأسماك الوردية تسير بخطى بطيئة لأول مرة في المنطقة في (نيسان أبريل) من خلال مدير الحدائق الوطنية في أميستاد جاك جونسون Jack Johnson واستغرق الأمر عاما كاملا لنقلها.
وعثر على الأسماك مرة أخرى فريق بقيادة جونسون وعالم الأحياء بيتر سبروس Peter Sprouse من منظمة “زارا البيئية” Zara Environmental LLC، وقال دين هندركسون Dean Hendrickson عالم الأسماك في “جامعة تكساس” في أوستن Austin والذي تعرف على الأسماك “ترددت شائعات برؤية الأسماك العمياء البيضاء منذ فترة الستينيات من القرن الماضي في المنطقة، ولكن هذا هو أول تأكيد على رؤيتها ووجودها“، وأضاف “لقد رأيت الكثير من هذه الأسماك أكثر من أي شخص، وتبدو هذه الأسماك مثل تلك الموجودة في المكسيك“.
ولا عيون لهذه الأسماك، أما لونها فأبيض شفاف، وهو ما يكشف عن تفاصيل جسدها، وتوجد فقط في المياه الجوفية، وتحديدا في طبقة المياه الجوفية Edwards-Trinity Aquifer، والتي تقع تحت حوض ريو غراندي Rio Grande في تكساس وكواهيلا Coahuila في المكسيك.
مهددة بالانقراض
وتابع سبروس “فقدت الحيوانات التي وجدت في الكهف الكثير من الخصائص المألوفة بالنسبة لنا في الحيوانات التي تعيش في السطح، مثل العيون والصبغة الجلدية والسرعة، حيث عاشت في بيئة لا تحتاج إلى هذه الخصائص، بينما طورت قدرات حسية لتنجح في العيش في الظلام الدامس“.
وصنفت هذه الأسماك للمرة الأولى عام 1954 بعد اكتشافها في الينابيع والآبار بالقرب من ميلكور موزكيز في كواويلا، وتندرج ضمن الأنواع المهددة بالانقراض من قبل الحكومة المكسيكية والأنواع الخارجية المهددة بالانقراص من قبل منظمة الحياة البرية والسمكية الأميركية، وأضاف جونسون أن “شبكات المياه الجوفية التي تدعم هذه الأسماك النادرة هي شريان الحياة للبشر، وتواجه تهديدات مثل التلوث والإفراط في ضخ المياه الجوفية، ويمكن أن تساعد معرفة الحالة الصحية للأنواع المهددة بالانقراض مثل هذه الأسماك في “أميستاد” في الإشارة إلى الصحة العامة لطبقة المياه الجوفية وموارد المياه التي يعتمد عليها الكثير من الناس“.
ويتم الاحتفاظ بالأسماك المكتشفة في منشأة مصممة لتلبية احتياجات الأنواع التي تعيش في الكهوف والمياه الجوفية، في قسم حديقة حيوان سان أنطونيو للبحث والحفاظ على الحيوانات، وتابع دانتي فينوليو نائب رئيس البحث في حديقة سان أنطونيو “تضم الحديقة مجموعة من المختبرات المصممة خصيصا للحفاظ على الأنواع التي تعيش في الكهوف تحت الأرض بشكل آمن وصحي، وهو ما يظهر التزام الحديقة بالحفاظ على هذه الكائنات“.
وهناك حاليا ثلاثة أنواع من الأسماك العمياء في الولايات المتحدة، والتي تنحصر في تكساس بما في ذلك العثور على أسماك عمياء وبلا أسنان.