الريش الملون والمدهش على الطيور الاستوائية، القشور الملونة للثعابين السامة والشعر الناري للقرود التي تعيش في الغابة لديها جميعها سلف تطوري مشترك، بحسب دراسة علمية حديثة.
فقد عثر الباحثون على أدلة قاطعة بأن القشور والريش والشعر تطورت جميعها من أصول وراثية مشتركة، يمكن الاستدلال عليها من التفسير الوراثي للمادة الجينية في المراحل الاولى من تطور الجنين، وجاءت هذه النتائج لتوفر فسحة أكبر من النقاش والمناظرة بين العلماء المتخصصين في مجال العلم التطوري، ولا سيما حول كيفية تطور الجلد والذي تفرع الى هذه المجموعات الثلاثة (الشعر، القشور والريش).
أعد الدراسة فريق من “جامعة جنيف” University of Geneva و”المعهد السويسري للمعلوماتية الحيوية” Swiss Institute of Bioinformatics، وتناولت دراسة الأجنة في جميع الطبقات الثلاثة من الحيوانات، وتبين لهم انها تشترك في الهياكل المجهرية المتطابقة على الجلد، وتتشكل الهياكل الاولى في الرحم وأسموها اللحاء، وهي سماكة الجلد مع تغيرات في الخلايا المحيطة بالريش والشعر.
طريق جنيني مشترك
واكتشف علماء الأحياء أن الثدييات والطيور طورت جلدها فيما لم تفعل الزواحف ذلك، وناقش العلماء العلاقة بين جلد الزواحف والشعر والريش بالرجوع الى السجل الأحفوري غير المكتمل والذي يفتقر الى اشكال وسطية ولديه أمثلة قليلة جدا من الجلد المحفوظ، وتشير الدلائل الى أن بعض الديناصورات قد يكون جلدها مغطى بالريش بالرغم من انها من ضمن الزواحف المتقشرة، وفي أحدث دراسة، وجد الفريق أن جلد الزواحف لم يتطور على نفس المستويات الجزيئية الموجودة في الطيور والثدييات.
ونشرت النتائج في مجلة “التطور العلمي” Science Advances، وقد أضاف المزيد من المعطيات العلمية الى دراسة أجريت في الولايات المتحدة العام الماضي، أظهرت أن الشعر والريش وجلد الزواحف تتقاسم طريقا جنينيا مشتركا، وأشار عالم الوراثة التطورية في جنيف البروفسور ميشيل ميلنيكوفيتش Michel Milinkovitch إلى أنه “لا توفر دراستنا البيانات الجزئية الجديدة فقط والتي تكمل عمل الفريق الاميركي، ولكنها تكشف أيضا الحقائق الاساسية التشريحية الصغرى”، وأضاف “في الواقع لقد تم تحديد التوقيعات الجزيئية في الزواحف والتي تماثل الحيوانات صاحبات الريش والشعر، وهذا يدل على أن الانواع الثلاثة من الزوائد الجلدية لديها أصل مشترك بالرغم من الاشكال النهائية المختلفة جدا”.
مشاكل في تكون الشعر والريش
وركز الباحثون على “السحالي الملتحية” bearded lizards التي تعيش في الصحاري لإظهار الرابط التطوري بين الهياكل، ونظروا في ثلاثة أصناف من السحالي، واحدة بقشور عادية وأخرى بقشور صغيرة والثالثة بدون قشور، وفي النوع العادي أو النوع البري وجدوا أن القشور نتجت من نسختين جينيتين لجين يسمى “إيه دي أي” EDA، بينما ذات القشور الصغيرة فقط كانت تمتلك نسخة جينية من جين يقلل حجم القشور، والسحالي بدون نسخ جينية لم يكن لديها أي قشور.
وأظهرت الدراسة أنه في الحالة الاخيرة، أن “إيه دي أي” EDA فشل في التطور الجيني، ولذلك فشل في تشكيل شكل الجلد المعروف. وبشكل حاسم، أظهرت أبحاث سابقة أن الثدييات والطيور مع طفرة جينية مماثلة لديها مشاكل في تكون الشعر والريش.
وتابع ميلنيكوفيتش “لقد حددنا أن الشكل الغريب لهذه السحالي يرجع الى اختلال جيني، وهو الجين المعروف بتوليد تشوهات كبيرة في نمو الاسنان والغدد والأظافر والشعر لدى البشر والفئران”.
وبحسب فريق العلماء، فإن العمل في المستقبل سيساعدهم في فك العلميات المعقدة التي أدت الى هذه المجموعة المتنوعة من أغطية الجلد في عالم الحيوان.