يتصف السوسن Iris Sp بشكل عام بصعوبة تكاثره عن طريق الابصال، ووجود بعض أنواعه بكميات قليلة في الطبيعة، لذلك توجهت الأنظار إلى إكثاره بزراعة الأنسجة النباتية للمحافظة عليه، ودراسة إمكانية استثماره كنبات طبي أو تزييني.
في دراسة حديثة طبقت في سوريا على نوعين من أنواع السوسن المنتشرة في المنطقة الجنوبية، هما السوسن الأسود والسوسن الذهبي، تم وضع تقنية للتكاثر الخضري الدقيق في السوسن، بعد دراسة العوامل المؤثرة في الاكثار والتجذير، ليصار مستقبلاً إلى تطبيق هذه التقنية على أنواع السوسن الموجودة في سوريا والمهددة بالانقراض. لكن الأهم من ذلك هو تسجيل 21 نوعاً تابعا لجنس السوسن تنتشر في 37 موقعاً طبيعياً تمتلك مجالاً جغرافياً واسعاً، فهي تنتشر بدءاً من ارتفاع 168 مترا عن سطح البحر في “موقع الحيدرية” حتى ارتفاع 2300 متر في “موقع بلودان”.
وقد سجل لأول مرة سوسن (Iris sofarana) في موقعي البريج وحاويك، ومعلوم ان هذه النبتة اكتسبت اسمها من مكان توثيقها للمرة الاولى في بلدة صوفر في جبل لبنان، بحسب ما يرد في الموسوعات العلمية.
ونادراً ما تشاهد سوسنة صوفر في البرية وهي مهددة بالانقراض لأسباب متعددة منها تدهور موائلها الطبيعية، النمو السكاني والعمراني في المناطق الجبلية، المقالع والكسّارات.
اكتشف هذه الزهرة العالم هارتمن في عين صوفر على ارتفاع 1500 متر، لكن سرعان ما دمِّر الموقع. و صنّفها ووصفها عام 1899 العالم فوستر. وقد سجل وجودها في قرطبا عام 1901 على ارتفاع 1400 متر. وسُجّل وجودها في مواقع مختلفة من قبل علماء، باحثين ومستكشفين معاصرين: «موترد» اكتشفها في أسفل منحدرات جبل الكنيسة وعلى هضاب حزرتا ومرتفعات زحلة. كما سجّل وجودها أيضاً في منطقتي فاريا وبشري. تمثل هذه الزهرة قيمة جمالية وبيئية وأهمية استثنائية لبلدة صوفر ــــــ قضاء عاليه التي حملت الزهرة اسمها في كل الموسوعات النباتية في العالم.
تلعب تقنيات زراعة الانسجة النباتية دوراً هاماً في حفظ وإكثار الاصول الوراثية النباتية، حيث يعاني كثير من المصادر النباتية البرية في العديد من بلدان العالم من التدهور والضياع بسبب العوامل البيئية القاسية، وبسبب التعديات عليها من قبل الانسان، وذلك من خلال الجمع الجائر (القطع الجائر) والرعي والحرائق وزراعة الموائل الطبيعية للتنوع الحيوي الطبيعي بزراعات بديلة، لذلك يمكن حفظ الأصول الوراثية البرية بواسطة زراعة الانسجة وإكثارها للمحافظة عليها من التدهور والضياع، وإعادة نشر زراعتها من جديد، إضافة إلى الأغراض التجارية (تم إكثار 12 جنساً و40 نوعاً تابعاً للفصيلة السوسنية بهدف تزييني). إن الهدف من الإكثار الخضري الدقيق في بعض الأنواع المحلية مثل السوسن والنخيل هو المحافظة عليها من التدهور والانقراض.
غير أن بعض الصعوبات ما زالت تواجه زراعة الخلايا والأنسجة النباتية كتقنية حديثة مثل صعوبة تعقيم الأجزاء النباتية المستخدمة في الزراعة النسيجية، وضعف الإكثار والتجذير لبعض الأنواع النباتية، كذلك ارتفاع تكاليف إنشاء مختبرات زراعة الأنسجة، يعتبر التلوث مشكلة حقيقية أثناء الإكثار الخضري الدقيق للنباتات أحادية الفلقة (نبات السوسن والنخيل)، خصوصاً إذا تم استخدام الأجزاء تحت الأرضية مثل الكورمات والأبصال والريزومات والدرنات، كمصدر للعزلات النباتية المستخدمة في طور الزراعة الأولية، هذا بالإضافة إلى بعض الصعوبات الأخرى كصعوبة أقلمة بعض النباتات ونقلها إلى التربة أو المكان المستديم، واستمرار الجزء النباتي لبعض الأجزاء النباتية نتيجة لإفراز بعض المواد الفينولية.
تتأثر تقنيات الاكثار بالنسج بجملة عوامل، منها ما هو متعلق بالنبات الأم مثل عمر النبات الأم، شروط زراعة النبات الأم، موعد أخذ العينات، طبيعة العينات النباتية المزروعة …)، ومنها ما يتعلق بتركيب الأوساط المغذية سائلة كانت أم صلبة…، ومنها ما يتعلق بشروط غرف النمو (درجة الحرارة، فترة وشدة الاضاءة، نسبة الرطوبة وغيرها).
ختاماً، تعد وسيلة الإكثار بالأنسجة النباتية من التقنيات الحيوية النباتية الهامة والتي لها مردود اقتصادي كبير، وتساهم بشكل كبير في تحسين الانتاج الزراعي كماً ونوعاً، إضافة لذلك، يسمح التكاثر الخضري الدقيق بإكثار وإنتاج أعداد كبيرة من النباتات الخالية من الأمراض والمشابهة للنبات الأم، كما تسمح بإكثار الأنواع والأصناف صعبة الإكثار بالطرق التقليدية مثل شجرة النخيل وبعض أصول أشجار الفاكهة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This