اعتمد الزردشتيون في بومباي بالهند إحراق جثث موتاهم، بعدما اندثرت النسور التي كانت تأتي لتلتهم الجثامين وفقا لعاداتهم. ويؤمن الزردشتيون بالإله أهورامازدا وبتعاليم زردشت، وهم يعتبرون أن النار هي رمز للطهارة الإلهية، وبأنها طريقة فعالة للتخلص من الجثث لأنها تطهر المتوفى.

ويعتبر عدد من سكان الهند النسور طيورا مقدسة وتسبب الانخفاض الحاد في أعداد النسور في أزمة للزرادشت الذين يسجون موتاهم فوق أبراج حجرية لتأكلها النسور.
وتحظر معتقدات الزرادشت دفن أو حرق الموتى إذ يقدسون النار والأرض والمياه ويعتقدون أن النسور تساعد على تحرير أرواح أسلافهم. ولجأ الزردشتيون في بومباي بالهند إلى إحراق موتاهم، بعد اندثار النسور التي كانت تأكل الجثامين.

على مدى قرون، كانت هذه الجماعة، التي يتراجع عدد أفرادها بشكل كبير حيث باتت استمراريتها مهددة، تسجي أمواتها في “أبراج الصمت” في المدينة.

وكانت النسور تأتي لتلتهم الجثامين في غضون ساعة، تاركة العظام تنشف في الشمس قبل أن ترمى في بئر. ويعتقد الزردشتيون أنها طريقة فعالة للتخلص من الجثث يعتقد أنها تطهر المتوفى

فطالما اعتبر كايكوباد رستم فرام أن النسور ستأكل جثته عند وفاته بموجب التقليد الزردشتي. إلا أن هذه الكواسر اختفت من سماء الهند.

وقد حرقت جثة هذا الرجل التسعيني الشهر الماضي بدلا من حصوله على مراسم تقليدية، شأنه في ذلك شأن الكثير من أتباع هذه الديانة الذين يختارون استخدام مركز صلاة في بومباي بات يغير عادات هذه الجماعة الدينية في ما يختص بمراسم التشييع.

وقد اختارت خورشيد، زوجة رستم فرام التي توفيت في كانون الثاني/يناير عن 82 عاما، هي أيضا أن تحرق جثتها في هذه المنشأة التي فتحت أبوابها قبل عشرة أشهر ويعارضها المحافظون من الزردشتيين في وسط عاصمة الهند المالية.

وقالت ابنتهما هوتوكشي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية “أرادا أن تحرق جثتهما منذ عرفا أن الطريقة التقليدية للتخلص من جثمان المتوفى لم تعد صالحة بسبب غياب النسور”.

ويؤمن الزردشتيون بالإله أهورامازدا وبتعاليم زردشت. وهم يعتبرون أن النار هي رمز للطهارة الإلهية.

وقد وصل الزردشتيون إلى الهند قبل أكثر من ألف عام بعدما فروا من الاضطهاد في بلاد فارس.

فعدد النسور في الهند بدأ يتراجع بشكل كبير في مطلع التسعينات وقد اندثرت هذه الكواسر بشكل شبه كامل في منتصف ذلك العقد بسبب مادة مضادة للالتهابات تستخدم في معالجة المواشي.

فالطيور التي كانت تلتهم جيف الحيوانات التي حقنت بهذا الدواء كانت تنفق جراء قصور في عمل الكلى، ما أدى إلى اختفاء 99 % من العدد الإجمالي للنسور في الهند.

وحظرت الهند هذا الدواء البيطري في العام 2006، إلا أن الضرر اللاحق بالتقليد الزردشتي كان قد وقع مع حديث عن أن الجثث كانت تتكدس في البرج الواقع في حي مالابار هيل الراقي في بومباي.

وفي العام ٢٠٠٣ اعلن خبيران هنديان في البيئة إن النسور التي كانت تحلق بكثرة في سماء الهند قبل عشرة أعوام تشرف على الفناء بعد أن نفق أكثر من 95% من هذه الطيور خلال العقد الماضي بسبب فيروس غامض تفشى بينها.
وذكر فيبهو براكاش من جمعية التاريخ الطبيعي في بومباي الهندية أن أعداد النسور تراجعت بشكل كبير جدا، وأضاف “كانت هناك عشرات الآلاف منها في الهند في فترة ما. وأصبحت مهددة بالانقراض الآن وانخفض العدد لآلاف قليلة وهو أمر غير عادي”.
وفي السياق نفسه قال ر.د. جاكاتي المسؤول عن الحياة البرية في ولاية هاريانا شمالي الهند التي شهدت انخفاضا في عدد النسور إن الانخفاض الحاد في عدد النسور يؤثر من عدة نواح على النظام البيئي في جميع أنحاء العالم.
وأوضح جاكاتي أن النسور “تؤدي دورا حيويا كعمال نظافة. وقد أدى تراجع عددها إلى زيادة عدد الكلاب الضالة مما يساعد على زيادة الإصابة بداء الكلب”.
وحذر هذا الخبير الهندي من أنه ما لم يتم اكتشاف شيء لإنقاذ هذه النسور فإنها قد تفنى خلال خمسة أعوام، وأن ذلك قد يؤدي إلى ظهور أوبئة تصيب الإنسان.
وأثار الانخفاض الحاد في عدد النسور فزع الحكومة الهندية ودفعها للتعاون مع بريطانيا لإقامة مركز لرعاية النسور في غابة بمدينة بنغور بولاية هاريانا. ويراقب المركز حالة الطيور من خلال فحوص دورية للدم والوزن لمحاولة التعرف على نوع الفيروس.
وتلعب النسور دورا هاما في الحفاظ على توازن البيئة إذ إنها تأكل جيف الحيوانات في دول لا تتوافر لديها سوي موارد ضعيفة للتخلص منها، ويقول بعض الخبراء إن الجيف ستتراكم مما يؤدي إلى انتشار الجمرة الخبيثة وأمراض أخرى في حالة غياب النسور.
ويخشى الخبراء أن ينتقل الفيروس الغامض الذي أدى إلى تراجع أعداد النسور في أجزاء أخرى من العالم مثل وسط آسيا وأفريقيا نتيجة هجرة الطيور.

أ ف ب / غرين آريا

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This