اعيدت مُناقصة تلزيم مطمر الكوستابرافا، أمس. الشركات التي تقدّمت إلى المناقصة هي نفسها تقريباً، من ضمنها «شركة الجهاد للتجارة والتعهّدات» (جهاد العرب) التي فازت المرة السابقة في المناقصة. اللافت أن أعمال ردم البحر لم تتوقف في الموقع، على الرغم من إلغاء المناقصة الاولى في آخر حزيران الماضي، وعدم صدور أمر مباشرة عمل من مجلس الإنماء والإعمار أصلاً
لم يسبق أن شهدت غرفة تقديم عروض المُناقصات في مجلس الإنماء والإعمار هذا الإقبال من قبل «المُهتمّين» بمناقصات النفايات العلنية. «لو علمنا أنكم قادمون، لغيّرنا الغرفة الصغيرة واستبدلناها بقاعة أخرى»، خاطب رئيس لجنة مناقصة تلزيم إنشاء مطمر الكوستابرافا يوسف كرم ممازحاً ناشطي حملة «من أجل الجمهورية» والإعلاميين.
هدف الناشطين من حضور الجلسة كان تسجيل موقف مندّد بأداء المجلس في إدارة المُناقصات، فيما بدا هدف الإعلاميين مواكبة تحرّك الحملة.
هي المرة الثانية التي تُجرى فيها المناقصة، بعدما ألغيت أواخر حزيران الماضي. وكانت شركة الجهاد للتجارة والمقاولات قد فازت بالمناقصة بسعر بلغ نحو 72 مليون دولار. إلا أن نتائج العروض المالية لمناقصة مطمر برج حمّود، والتي فازت بها شركة «خوري للمقاولات» بسعر نحو 109 ملايين دولار (معالجة جبل النفايات، إنشاءات بحرية وردم البحر) أظهرت فارقاً في الأسعار بين الشركتين لقاء أعمال مُشابهة (قدّمت خوري أسعاراً أقل من العرب لقاء أعمال بحرية مُشابهة)، ما دفع المجلس الى «فرملة» العقد بداية مع العرب، ومن ثمّ ألغاه في 29 حزيران الماضي، ودعا الى مناقصة جديدة.
الشركات الست التي تقدّمت الى المناقصة الجديدة هي نفسها (باستثناء شركة دنش التي لم تشارك هذه المرة في الائتلاف مع شركة «خوري للمقاولات» التي تقدّمت بشكل منفرد). تقدّم كلّ من: شركة «خوري للمقاولات»، «ائتلاف معوّض إده ــ «هيدرومار»، شركة حنا خوري وإخوانه، شركة عبد الرحمن حورية، تجمّع «هايكون» مع ميلاد بو رجيلي، وشركة جهاد للتجارة والمقاولات.
يقول ممثل شركة ميلاد بو رجيلي، جورج الهبر، لـ»الأخبار»، إن الأسعار التي قدّمتها شركة خوري في مناقصة مطمر برج حمّود كانت مفاجئة لكثير من المتعهّدين، «إذ تُعدّ بخسة، وهي مربحة للدولة لا للمتعهّد». لا ينكر الهبر أن أسعار خوري دفعت الشركة الى «إعادة صياغة الملف ودراسته قبل أن تُشارك في المرة الثانية». يردّ ممثل شركة خوري شربل رزق الله على هذا الكلام بالقول: «من يقُل إننا قدّمنا أسعاراً بخسة فهو مُخطئ، بدليل أننا شاركنا في مناقصة مطمر الكوستابرافا وقدّمنا أسعاراً مُشابهة لأسعار عدد من المتعهّدين».
إلا أن الحدث الأبرز يكمن في استمرار الأعمال في الموقع، بالرغم من عدم وجود أمر بمباشرة الأعمال من قبل مجلس الإنماء والإعمار. ويؤكد المحامي والناشط عماد القاضي «استمرار أعمال ردم البحر في موقع الكوستابرافا من قبل آليات جهاد العرب وآليات تابعة لأحد المقاولين من آل الموسوي»، لافتاً الى علم مجلس الإنماء والإعمار بهذا الأمر.
تكتفي مصادر المجلس بالقول: «من جهتنا لم نُصدر أي قرار بمباشرة الأعمال، هنا تنتهي مهمتنا»، وتعطي مثالاً: «على القوى الأمنية أن تسأل صاحب الأعمال عن الرخص التي يملكها لا المجلس».
يأتي هذا الأمر في ظل عدم الانتهاء من مناقصة الإشراف على المهام وفي ظل تخلّي اللجنة الفنية التي ترأسها وزارة الداخلية عن مهمة مواكبة تنفيذ مراحل خطة النفايات. بمعنى آخر، تجري الأعمال حالياً في الموقع من دون رقابة، فيما تستمر أعمال ركن النفايات على الموقع.
من يزر الموقع الذي يستقبل نفايات العاصمة وبعض الأقضية منذ أكثر من ثلاثة أشهر يُدرك «فداحة» الواقع والأزمة، ويُبلور تصوّراً عن الحل المُرتقب للمكان. لم يعد الأمر مُقتصراً على الرائحة التي تمتد من الشويفات الى منطقة الأوزاعي. تكدّس أكوام النفايات «المُعلّبة» بأكياس بيضاء بشكل عشوائي يطرح تساؤلاً عن آلية العمل المتوقّعة.
يُذكر أن دفتر الشروط لم يلحظ ضرورة خبرة الشركات في معالجة النفايات أو الطمر الصحي، واكتفى بالاشارة الى ضرورة تمتّع الشركة بخبرة الإنشاءات البحرية.