في كل سنة يعود النزاع بين أهالي الضنية وبشري حول القرنة السوداء والمشاعات والمراعي المحيطة بها ومياه نسافات الثلج. كل طرف يدّعي ملكيته لها. حتى بات مطلع كل صيف موعداً لتجدد هذا النزاع، ويصل أحياناً إلى حدّ تدخل الجيش والقوى الأمنية ومحافظ الشمال لاحتواء التداعيات.
افراد نحو 600 عائلة يعملون صيفاً في جرد النجاص في الضنية، وهم يستجرون مياه نسافات الثلج إلى أراضيهم الزراعية المترامية في الجرود، بعد تجميعها في برك ترابية يغلفونها بالنايلون من الداخل. هذه الحاجة الى المياه تؤدي الى التنافس عليها وحصول اشكالات بين المستفيدين منها.
يتدخل الجيش غالبا لمنع توتر الأجواء، وسبق ان عُقد أكثر من لقاء برعايته، في محاولة للتفاهم ومنع حصول أي إشكالات. كما عُقدت إجتماعات في مكتب محافظ الشمال رمزي نهرا في سرايا طرابلس من أجل التوصل إلى حل طويل الأمد.
يشير رئيس بلدية بقاعصفرين سعد طالب الى أنه «جرى التعهد خلال أغلب الإجتماعات التي عقدت على عدم التعرّض للرعاة أو تقطيع نباريش المياه، وأنه عندما يلاحظ أي طرف حصول أي تعد عليه إبلاغ الجيش والقوى الأمنية بالأمر لمعالجته». لكن طالب رأى أن «الخلاف الرئيسي بيننا وبين أهالي بشري هو حول القرنة السوداء (أعلى قمة في لبنان والشرق الأوسط ويبلغ إرتفاعها 3088 متراً فوق سطح البحر)، إذ ان من يحوز ملكيتها إدارياً، فإن له حق التصرّف قانوناً بها، واستغلال وارداتها ضمن القانون». وقال «نملك كل الخرائط والوثائق العقارية، فضلاً عن خرائط الجيش اللبناني، التي تثبت أن القرنة السوداء بأكملها مع مساحات واسعة من محيطها بقطر دائري يصل إلى نحو خمسة كيلومترات، تقع ضمن خراج بقاعصفرين، إلا أن القضية تحتاج لإنهاء النزاع حولها أن يثبت القاضي العقاري هذا الأمر، وقد كلفت فريقاً من المحامين متابعة هذا الملف حتى النهاية».
عضو بلدية سير ـ الضنية نايف موسى، الذي حضر بعض الإجتماعات ومنها الإجتماع الأخير الذي عقد في مكتب المحافظ نهاية الشهر الماضي، أوضح أن «أهالي بشري يرون أن الأرض لهم وأنهم يملكون خرائط ووثائق، ونحن بدورنا نقول إن الأرض لنا ولن نتخلى عنها، ونملك أيضاً خرائط ووثائق، وقد دعوت المحافظ لأن يطلب من القاضي العقاري وضع نقاط بين الضنية وبشري، مثلما هو الحال بين بشري والبقاع، فكان رده أن الأمر يحتاج إلى وقت لإنجازه، وأنه من هنا وحتى وضع النقاط من الأفضل إبقاء العمل بالعرف القائم بين المنطقتين، حول تقاسم مناطق الرعي ونباريش مياه الثلج، لمنع حصول مشاكل». وأشار موسى إلى ان وفد بلدية بشري، الذي كان حاضراً الإجتماع، تذرّع بأن الرعاة من طرفهم الذي أطلق النار على رعاة من طرفنا فعلوا ذلك دفاعاً عن النفس، وبعد تعديات على مناطق رعيهم. وبحسب موسى، ردّ على الوفد بالقول: «هل هؤلاء رعاة أم مسلحون؟».
يوضح نائب رئيس بلدية بشري يوسف فخري أن «اعتراضنا على مد نباريش مياه الثلج يستند إلى قانون يمنع إستغلال المياه في المناطق التي ترتفع فوق سطح البحر أكثر من 2400 متر، حرصاً على البيئة ومخزون المياه الجوفية، كما أن مشاعات الأراضي بيننا وبين الضنية غير محددة بعد من قبل القاضي العقاري، بل إنه يتم تقاسمها إستناداً إلى عرف قديم يعود إلى أيام جدودنا». وكشف فخري أن «وفداً مشتركاً من الطرفين جال على المناطق المتنازع عليها، ونحن أنجزنا تقريراً سنقدمه إلى محافظ الشمال يوم الثلاثاء المقبل، في موعد حدد مسبقاً، كما سنضعه بين أيدي الجيش والقوى الأمنية، وهو يتضمن إقتراحين: الأول يتعلق «بنباريش» مياه الثلج، وقبولنا مد 4 «نباريش» مياه فقط في المناطق التي يزيد إرتفاعها على 2400 متر، نظراً لحاجة الأهالي والمزراعين في جرد الضنية إلى المياه، على أن يكون هذا الحل مؤقتاً إلى حين الإنتهاء من تنفيذ بركة عطارة (ترتفع نحو 2200 متر فوق سطح البحر)، والتي يمكنها أن تحل المشكلة، وقد دعونا نواب الضنية وبشري للضغط من أجل تنفيذ هذه البركة سريعاً». أما الإقتراح الثاني في التقرير، حسب فخري، فهو «إبقاء العرف القديم بيننا، والذي يعترف به الجميع حول تقاسم الأراضي وأماكن الرعي، إلى حين الإنتهاء من النزاع قضائياً».